لا شيء أروع من العلم والعمل، القائمين على تفعيل العقل والفكر، والمرتكزان على المعطيات العلمية الموضوعية، والرافضان للجهل والتخريف والتحريف، والبعيدان عن التهريج والأتهام، أن المتسلحين بالعلم، والمدركين لأهمية العمل، يتعبون من أجل الأرتقاء والعطاء والتطلع، وعندهم موهبة فائقة، وفطنة متميزة، ومران ملحوظ، يهوون الإبتكارات الرائعة في الحقول المختلفة، ولهم جهود مبذولة في ميادين التطوير والإكتشافات، يرفضون الدهليز والخرافة والتقوقع والتقعر، ويجنحون نحو عشق الحقيقة، ولا يزخرفون الباطل. إن هواة العلم والمعرفة والعمل، فكرهم دائماَ متقد، ولديهم تفاعل وتجاوب وهممهم عالية، ليس لهم نزعة ذاتية أو مصلحية أو فئوية، ولا هم نرجسيين، ويمقتون الوسائل المغشوشة، والأساليب الملتوية، ولهم ميزان أخلاقي وسلوكي عالي، يمقتون الغش والأحتيال، والكذب والخديعة، والحقد والضغينة، وليس لديهم بهتان ولا مكيدة ولا دسيسة، ولا يهتمون بالروايات القاصرة، والأحاجي الكاذبة، والقصص المخترعة، والبطولات المغشوشة، عندهم عقلانية وموضوعية، وقلوب تنبض بالبياض والعطاء، والصفاء والطهارة، هؤلاء عندهم العلم والعمل قصائد عصماء، تهز القلوب، وتوقظ الأرواح، وتثير في النفوس الشجن، وفي العقل التأملات، وعمق التجليات، في حضورهم بهاء، وفي غيابهم وجع، ولا أردى من الشيلة المضخمة بالهياط والمبنية على العنصرية والصراخ والعويل، وأحياء الماضي الدفين بكل تفاصيله الميتة، وألوانه الرمادية، والمليئة بأطنان من التحديات الباطلة، والأوهام والخيال، والتحريف والتضليل والهوى، والفهلوة والمكابرة، والخرافة والأباطيل، والأفكار الطائشة، والنزعات الباهتة، فيها تغيب الحقيقة، وتعوج السليقة، وتمسخ المفاهيم، ويتلاعب بالحقيقة والواقع والصحيح. إن شيوع الشيلات المليئة بالهياط ليس لها مبرراَ على الإطلاق، بل لها أضرارا وأوزاراَ، وفيها غياب بائن للحقائق والوقائع، وفيها لف ودوران وتشدق، وتنضخ بالمبالغات الكبيرة، ولذلك يجب أن توضع كل الشيلات قبل أن تجاز تحت المجهر وتقنن بما يفيد الوطن والأمة، أن مصلحة الوطن ولحمته وترابطه وفسيفساءه وأتحاده، فوق كل المصالح والأغراض والأهواء، أن الشيلات المليئة بالهياط قد زرعت في بعض النفوس الواهنة بعض التحديات والإنتشاءات الخطيرة، وجاءت بالقتل والجريمة. لهذا نتطلع أن تبدد شمس العلم والمعرفة والعطاء النبيل والعمل ظلام هذه الشيلات المليئة بالنكد والنكوص والتقهقر، لا نقول ذلك إلا من باب النظر إلى الأمور بعين الحقيقة والموضوعية، بعيداَ عن العواطف والأنحياز والرقص على إيقاعات آنية، أن قفل الدائرة بإحكام على هذا العطاء الباهت، يفوت الفرص على الذين في قلوبهم مرض، وفي أرواحهم فشل، وفي عقولهم غاية، ويهيأ الفرص للمتطلعين للنجاح، والمتميزين بالعطاء، والذين يريدون أخذ الوطن نحو التقدم والعلو والإزدهار، والظفر والإنتصار في كل المحافل الأقليمية والدولية، وفي كل الأزمنة والأمكنة، والأوقات والأحيان، والبرهة واللحظة.