أكد رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، أن زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ستفتح آفاقاً جديدة وواسعة للاستثمار بين البلدين، مشيداً بالبرامج الإصلاحية القائمة في المملكة حالياً بدعم ولي العهد، مؤكداً رغبة بلاده الجادة نحو المساهمة في “رؤية السعودية 2030” عبر المشاركة في المشاريع الكبرى، مثل: نيوم، والبحر الأحمر، والقدية، ومشاريع الإسكان، معتبراً أن المملكة شريك موثوق ويمكن الاعتماد عليه في المستقبل. وأضاف مودي؛ خلال حوار أجراه الزميل جميل الذيابي؛ ونشرته «عكاظ»، الأربعاء (20 فبراير 2019م): نولي أولوية كبيرة لعلاقاتنا مع المملكة، فعلاقاتنا الوثيقة ترتكز على المصالح المشتركة القائمة على العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية منذ قرون، وتواصل الشعبين الدائم، وأننا نتقدم نحو إنشاء «مجلس الشراكة الإستراتيجية السعودي – الهندي» الذي يركز على تعزيز التعاون الثنائي في مجالات محددة، في إطار «المركز السعودي للشراكات الإستراتيجية الدولية»، موضحاً أن العلاقات بين الهند والسعودية ستكون عاملاً للاستقرار والسلام والأمن في المنطقة والعالم. وتابع: تدين الهند التطرف والإرهاب بجميع أشكالهما ومظاهرهما، بغض النظر عن دوافعهما، وإن تعاوننا الثنائي في مجالات مكافحة الإرهاب على مر السنين تعاون وثيق، كما نرفض أي محاولة لربط هذه الظاهرة العالمية بأي جنس أو دين أو ثقافة معينة. وقال مودي: ولي العهد يعمل لإيجاد اقتصاد مزدهر ومجتمع حيوي، ونحن ضمن شركاء المملكة ال 8 الإستراتيجيين، وأمن الطاقة أهم الركائز في شراكتنا الإستراتيجية، وهناك آلية شاملة للحوار الأمني على مستوى مستشاري الأمن في البلدين، ونرحب بانضمام الرياض إلى التحالف الدولي «للشمسية»، ومستعدون لتقديم مرافق تصنيع الأقمار الصناعية للمملكة. إلى نص الحوار: تشهد العلاقات السعودية الهندية تطوراً ونمواً سريعاً في السنوات الماضية، خصوصاً عندما اختيرت الهند ضيفة الشرف في مهرجان الجنادرية لعام 2018، كيف ترون العلاقة بين البلدين؟ تطورت علاقة الهند بالمملكة كإحدى أهم العلاقات الثنائية بين الهند وجيرانها، ونمت العلاقات إلى مستوى الشراكات الاستراتيجية؛ حيث يأتي تحديد الهند من قِبَل المملكة واحدةً من شركائها الثمانية الاستراتيجيين في رحلتها التنموية؛ دليلاً على أهمية العلاقات بين البلدين. وعززت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في عام 2014 للهند (عندما كان ولياً للعهد)، وزيارتي للمملكة في 2016، العلاقةَ الخاصة بين البلدين. وتتمتع الهند بروابط تاريخية واجتماعية واقتصادية وثقافية مع شعب الجزيرة العربية، وتأكيداً لذلك اختيرت الهند لتكون دولة ضيف الشرف في مهرجان الجنادرية، في فبراير 2018. ووفر المهرجان منصة لإلقاء الضوء على العلاقة الثنائية، إضافة إلى تسليطها الضوء على اقتصاد الهند، وتطور التقنية والعلوم، والفرص الاستثمارية والسياحية والثقافية في البلاد. الأمير محمد بن سلمان أطلق برنامجاً طموحاً للإصلاحات الاقتصادية في المملكة من خلال تقليل الاعتماد على النفط، وتنويع الاقتصاد، كيف يمكن للهند أن تشارك في رؤية المملكة 2030؟ ترحّب الهند بالإصلاحات الاقتصادية، ورؤية 2030، وبرنامج التحول الوطني، التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، من أجل خلق اقتصاد مزدهر ومجتمع حيوي في المملكة، ونتطلع إلى المشاركة في قصة التنمية في السعودية، عبر المشاركة في المشاريع الكبرى مثل نيوم، والبحر الأحمر، والقدية، ومشاريع الإسكان، وغير ذلك.. وخلال السنوات القليلة الماضية، قامت الحكومة الهندية باتخاذ عدد من المبادرات المهمة، مثل مشاريع «اصنع في الهند»، و«ابدأ في الهند»، و«المدن الذكية»، و«الهند النظيفة»، و«الهند الرقمية»، على غرار رؤية 2030، وبرنامج التحول الوطني 2020 في السعودية، ولا شك أن هذه المشاريع ستقوم بتنمية العلاقة الثنائية والتجارة والاستثمار بين الرياضونيودلهي، إضافة إلى توفير فرص ناجحة للبلدين. الْتقيتم الأمير محمد بن سلمان على هامش قمة العشرين في الأرجنتين، وتم الاتفاق على خطط لتنمية الاستثمارات بين البلدين في قطاعات عدة، ما هي أبرز القطاعات التي تم الاتفاق عليها؟ قابلت ولي العهد مرتين؛ خلال زيارتي للرياض في أبريل 2016، وعلى هامش قمة العشرين في سبتمبر 2016 بالصين، وأجرينا محادثات مفصلة بشأن سبل تعزيز التعاون الثنائي في مجالات مختلفة. ولا يزال أمن الطاقة أهم الركائز في شراكتنا الاستراتيجية. وظلت المملكة شريكاً موثوقاً فيما يتعلق بتوريد النفط الخام إلى الهند، وأثبت الزمن أنه يمكن الاعتماد على المملكة؛ مما يبعث على الاطمئنان بأن التجارة الثنائية بين البلدين في قطاع الطاقة تنمو بشكل سريع. وتؤكد الهند والمملكة أهمية مصادر الطاقة المتجددة، ونحن طوّرنا التقنيات في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ومستعدون لمشاركة خبرتنا مع المملكة في هذه المجالات. وكما هو معروف أن التحالف الدولي للطاقة الشمسية(Alliance Solar International) كان مبادرة الهند المشتركة مع فرنسا خلال مؤتمر الأممالمتحدة للتغير المناخي في باريس في نوفمبر 2015، ومنذ ذلك الوقت وقّعت 75 دولة على إطار التحالف الدولي للطاقة الشمسية، وحددت الهند هدفاً طموحاً لإنتاج 100 جيجاوات من الطاقة الشمسية بحلول 2022، ونرحّب بالقرار السعودي الانضمام إلى التحالف الدولي للطاقة الشمسية، ونتطلع إلى مزيد من الشراكة في هذا المجال. مع انفتاح الهند على الاستثمار في قطاع الدفاع، وسعي السعودية إلى تطوير الصناعات العسكرية المحلية، هل هناك تعاون مع الرياض في مجال الصناعات العسكرية ومجالات استثمارية أخرى؟ تقع الهند والمملكة في المنطقة نفسها، وهما شريكان استراتيجيان، ويجمعهما عدد كبير من مجالات الاهتمام المشترك والتعاون في مجال الدفاع والأمن، كما يعتبر التعاون من خلال الأبحاث المشتركة والتنمية وتوريد وتصنيع أنظمة ومعدات الأسلحة، من المجالات التي يمكن استكشافها؛ بهدف تعزيز المزيد من الثقة والتعاون المتبادل. وتم بدء حوار من خلال اللجنة المشتركة للتعاون الدفاعي، ولاحظنا إحراز تقدم في هذا الشأن، ونسعى إلى المزيد لتعزيز التعاون الدفاعي بين البلدين. وحكومة الهند اتخذت مبادرات رئيسية لتحسين وتسهيل ممارسة الأعمال، وملتزمون بتسهيل الأنظمة الحالية لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر في مجالات مثل القطارات والدفاع والتأمين. وخلال زيارتي إلى الرياض في 2016، أبرم البلدان اتفاق التعاون الإطاري بين الهيئة العامة للاستثمار في السعودية ووكالة India Invest (الوكالة الوطنية لتشجيع الاستثمار)، ونرحّب باستثمار المملكة بشكل أكبر في بنيتنا التحتية ومجالات أخرى؛ بما فيها صندوق الاستثمار، والبنية التحتية الوطني (NIIF)، وأنا واثق بأن زيارة ولي العهد الحالية إلى الهند تفتح آفاقاً جديدة وواسعة للاستثمار من المملكة إلى الهند. كما أن الهند يمكنها لعب دور رئيسي في مجالات التصنيع والبناء والزراعة والطاقة المتجددة وقطاعات الصحة في المملكة. ونشجع رجال الأعمال في كلا البلدين للاستفادة من فرص الاستثمار المشتركة. عززت زيارتكم إلى الرياض في أبريل 2016 العلاقة بين البلدين، ووضعت الأسس لإقامة روابط أعمق وتوسيع الشراكة، هل حققت تقدماً في مجالات التعاون الخمسة التي أُعلنت خلال الزيارة (التجارة، والاستثمار، والطاقة، والعمالة في الخارج، والدفاع والأمن، والتبادل الثقافي)؟ أعتبر زيارتي للرياض نقطة تحول في العلاقات مع المملكة، التي بدأت تنمو في السنوات الماضية، وخلال زيارة ولي العهد سنسعى لتسريع تنمية العلاقات بين البلدين؛ من خلال وضع آلية لمراقبة التقدم في العلاقات الثنائية. أعلنت أرامكو عن صفقة ضخمة لشراء حصة 50% في مصفاة تكرير بقيمة 44 مليار دولار في غرب الهند. وتتطلع شركة سابك إلى حصة كبيرة في مصنع للبتروكيماويات في غرب الهند، كيف يمكن للهند أن تساعد في تعزيز رؤية 2030 بالمملكة التي تستهدف قطاعات استثمارية عدة؟ عقدت الهند والمملكة اجتماعات عدة في السنوات الماضية، لاستكشاف الفرص الاستثمارية المشتركة في قطاعات النفط والغاز، كما عملنا على تشجيع شركات القطاع الخاص السعودية للاستثمار في الهند. وفي إطار رؤية 2030، ظهر اهتمام متجدد للاستثمار في الهند، وزار وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية المهندس خالد الفالح الهندمرات عدة خلال 2018، وقدمت له “جائزة الإنجاز مدى الحياة” في مجال الطاقة. ونرحّب بشراكة أرامكو ب50% في مشروع مصفاة “راتناجيري” بتكلفة 44 مليار دولار، كعامل مساعد على شراكتنا الاستراتيجية. كما نرحّب باهتمام شركة سابك بالاستثمار في الهند. وكما تعلمون، الهند لديها إمكانات كبيرة لتطوير قطاعات السياحة والصحة والترفيه، وهي مجالات رئيسية في إطار رؤية 2030، ومستعدون لدعم المملكة في مبادرتها لتحويل اقتصادها. لا يزال الاقتصاد الهندي واحة النمو والاستقرار في السيناريو العالمي، وينمو باطراد عند 7%، والعديد من الشركات ترى أن الهند أرض الإمكانيات والفرص، بما في ذلك الشركات السعودية.. كيف عملت الحكومة الهندية على خلق بيئة صحية للاستثمار؟ في السنوات القليلة الماضية نفّذت الهند إصلاحات اقتصادية واسعة نحو تسهيل ممارسة الأعمال التجارية، وإدخال تغيرات ملائمة للمستثمر في أنظمتها؛ خصوصاً للمستثمر الأجنبي. ونتيجة لذلك، تحسن ترتيب الهند في مؤشر البنك الدولي لسهولة ممارسة أنشطة الأعمال بمقدار 65 مرتبة، في وقت قصير جداً. هناك عدد من المبادرات الرئيسية في الهند، التي تقدم فرصاً كثيرة للمستثمرين من أجل الإصلاح الاقتصادي الشامل الذي يُعتبر الأكبر في تاريخ البلاد. واستبدلت الهند شبكتها من الضرائب المتعددة في المركز وولاياتها إلى وضع ضريبة موحدة، تزيد من الإيرادات وتقلل من التعقيدات. أظهرت المملكة تنوعاً ملحوظاً في علاقاتها الجيوسياسية مع دول جنوب آسيا، وعززت من الروابط بين نيودلهيوالرياض، كيف تساهم الهند في تنمية العلاقة الاستراتيجية مع السعودية؟ نولي أولوية كبيرة لعلاقاتنا مع المملكة، وترتكز علاقاتنا الوثيقة على المصالح المشتركة القائمة على العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية منذ قرون، وتواصل الشعبين الدائم. ولا تزال قيادتنا تعمل بشكل وثيق مع القيادة السعودية نحو تعميق علاقاتنا لتحقيق المصلحة المشتركة للبلدين. كما أننا نتقدم نحو إنشاء “مجلس الشراكة الاستراتيجية السعودي- الهندي” الذي يركز على تعزيز التعاون الثنائي في مجالات محددة في إطار “المركز السعودي للشراكات الاستراتيجية الدولية”. وستكون العلاقات بين الهند والسعودية عاملاً للاستقرار والسلام والأمن في المنطقة والعالم. عُرفت الهند بخططها عالية التقنية لتطوير أقمار صناعية فائقة الجودة على أنها قوة ناعمة في المنطقة. وأطلقت المملكة في الخامس من فبراير أول قمر صناعي سعودي للاتصالات، كيف يمكن للهند أن تساعد في تنمية برنامج الفضاء السعودي؟ نرحّب بنجاح إطلاق القمر السعودي الصناعي للاتصالات (1- SGS)، ودعمنا عدداً من الدول الصديقة في هذا المجال. كانت مشاريعنا مرنة ونوعية وفعالة من حيث التكلفة. لدى الهند والمملكة إمكانات هائلة للتعاون في مجالات الفضاء والعلوم والتكنولوجيا؛ بما في ذلك الاستشعار عن بُعد والاتصالات عبر الأقمار الصناعية.. وسنكون سعداء بتقديم مرافق التصنيع إلى المملكة لتصنيع أقمارها الصناعية في الهند. كما يسعدنا إطلاق الأقمار الصناعية السعودية من خلال مركباتنا. تعاونت الهند والمملكة في ضمان سلامة وأمن الممرات البحرية وحرية الملاحة، ومكافحة الإرهاب، كيف يمكن تعزيز هذا التعاون؟ الهند تُدين بشدة التطرف والإرهاب بجميع أشكالهما ومظاهرهما؛ بغضّ النظر عن دوافعهما. لقد كانت الهند ضحية للإرهاب العابر للحدود على مدى عقود، وأدى إلى مقتل آلاف الأبرياء. نؤكد أن خطر التطرف والإرهاب يهدد كل الأمم والمجتمعات، ونرفض أي محاولة لربط هذه الظاهرة العالمية بأي جنس أو دين أو ثقافة معينة. كما ندعو جميع الدول إلى رفض استخدام الإرهاب ضد دول أخرى.. تعاوننا الثنائي في مجالات مكافحة الإرهاب على مر السنين تعاون وثيق؛ لا سيما في مجال الأمن البحري، وإنفاذ القانون، ومكافحة غسل الأموال، وتهريب المخدرات، والاتجار بالبشر، والهجرة غير القانونية، وغيرها. ومن أجل تعزيز تعاوننا الثنائي في جهود مكافحة الإرهاب؛ يمكننا البدء بآلية شاملة للحوار الأمني على مستوى مستشاري الأمن الوطنيين في البلدين. كما نتشارك رؤية السلام والأمن في منطقة المحيط الهندي.