دشن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الأسبوع الماضي برنامج التنمية الريفية المستدامة الذي سبق أن صدر الأمر باعتماده ورصد مبلغ تسعة مليارات ريال لتنفيذه حسب الخطة الموضوعة له. ويهدف البرنامج بصورة عامة إلى إعادة الاعتبار للمزارع التقليدي وللريف السعودي، حيث تبقى الأسر المهتمة بالعمل والإنتاج في مناطقها الريفية لإعادة إنتاج المحاصيل، التي اعتاد الآباء والأجداد على إنتاجها وإضافة أصناف جديدة حسب الميزة النسبية لمختلف مناطق بلادنا مثل البن العربي والعسل والورد. وقد قسم البرنامج إلى ثمانية فروع تغطي تطوير المنتجات القائمة حاليا وزيادة إنتاجها وتحسين وسائل تسويقها ومنها الفواكه خاصة الرمان والتين والعنب، كما يهتم البرنامج بصغار الصيادين ومستزرعي الأسماك للمساهمة في توفير الأمن الغذائي وإيجاد وظائف للسعوديين عن طريق دعم تشغيل المنشآت الصغيرة في هذا القطاع ورفع إنتاجه من الأسماك إلى 170 ألف طن سنويا بنهاية عام 2025، ويشمل البرنامج أيضا دعم قطاع صغار مربي الماشية لزيادة إنتاج اللحوم الحمراء إلى 980 ألف طن ومنتجات الألبان إلى نحو ثلاثة ملايين طن بنهاية عام 2025، أما زراعة المحاصيل البعلية كالذرة والسمسم والدخن فقد وجدت الاهتمام أيضا لزيادة إنتاجها وتحسين نوعيتها. ويأتي الفرع الأخير والمهم من البرنامج ليتحدث عن تطوير القيمة المضافة من الحيازات الصغيرة والأنشطة الريفية الزراعية التقليدية وذلك لزيادة دخل الأسر والمجتمعات الريفية وتنويع مصادر دخلها والمساهمة في خفض معدلات الهجرة وتعزيز الاستقرار في الأرياف. وفي نظري هذا الفرع هو ملخص ما يهدف له البرنامج وهو رد الاعتبار للمزارع التقليدي، الذي يبقى في أرضه ويعمل معه أبناؤه وأسرته كاملة كل حسب وقته وجهده. وبهذا نحد من ظاهرة الهجرة إلى المدن، التي أضرت بالأرياف وبالمدن أيضا وربما تنشأ هجرة معاكسة تنعش الأرياف وتخفف الازدحام في المدن. وأخيرا: عرف الملك سلمان، حينما كان أميرا لمنطقة الرياض باهتمامه بالأرياف والمحافظات، وبالتنمية الزراعية في تلك المواقع، بل إنه من تبنى إيجاد السدود في المحافظات التابعة لمنطقة الرياض. ويجد المتعة الكبرى حينما يقف على هذه السدود وقد فاضت بالسيول ويتحدث مع المزارعين حديث العارف بجميع شؤون حياتهم وما يواجهونه من مصاعب يعمل على حلها عند العودة من جولاته التفقدية. ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم تتسع دائرة اهتمامه -حفظه الله- لتشمل جميع مناطق البلاد ويركز دائما على تطوير الأرياف. وبالتأكيد فإن برنامج التنمية الريفية يسجل كإحدى مبادرات القائد القريب من حاجات الوطن والمواطن. فالأمة تتطلع إلى أن يأتي اليوم الذي يكون فيه جميع ما يأكل الناس من إنتاجهم، وهذه الخطوات وأمثالها تقربنا من هذا الهدف. علي الشدي نقلاً عن (الاقتصادية) الوسوم إعادة الاعتبار التقليدي للمزارع