أبحرت، قبل أيام، أول سفينة تجارية ضخمة تحمل حاويات عبر طريق القطب الشمالي، وهو مسار تجريبي يرى البعض أنه يمكن أن يمثل بديلا عن قناة السويس المصرية بين قارتي آسيا وأوروبا. فهل تهدد قناة “قناة السويس الروسية”، وفق ما سمتها صحف أجنبية، نظيرتها المصرية؟ على الرغم من أن قناة السويس تعتبر أقصر طريق للتجارة البحرية بين أوروبا وآسيا حاليا، فإن روسيا لا تزال تطمح في تطوير ذلك الممر الشمالي، مستفيدة في ذلك من التغير المناخي الذي بات يذيب الثلوج بالمنطقة على مدار 3 أشهر، وفق ما ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية في تحليل مطول، الأحد. وانطلقت في 23 أغسطس الماضي أول سفينة بضائع من نوعها تابعة لشركة “ميرسك” الدنماركية، من ميناء فلاديفوستوك شرقي روسيا. و”فينتا ميرسك”، سفينة ضخمة وحديثة بحمولة 3600 حاوية، ستجتاز مسار البحر الشمالي عبر مضيق بيرينغ بين روسيا وآلاسكا ، قبل أن تمضي غربا على طول الساحل الروسي وصولا إلى سان بطرسبرغ في نهاية سبتمبر. وشهد هذا الطريق زيادة في حركة المرور خلال أشهر الصيف، حيث تسير رحلات النفط والغاز بانتظام. ومن المقرر أن تعبر السفينة هذه المسافة في 23 يوما، إذ من المنتظر أن تصل إلى وجهتها في 22 سبتمبر الجاري، قاطعة 7 آلاف و200 ميل بحري، في مسعى للتفوق بذلك على قناة السويس المصرية. فعلى سبيل المثال تبلغ المسافة بين مينائي يوكوهاما الياباني وروتردام الهولندي، وهو أحد المسارات التجارية بين أوروبا وآسيا، أكثر من 20 ألف كيلومتر عند استخدام طريق قناة السويس. وعلى الرغم من أن هذه المسافة تنخفض إلى 12 ألف كيلومتر عند استخدام القطب الشمالي، فإن الممر الشمالي يعمل فقط من يوليو إلى أكتوبر خلال العام، بينما تعمل قناة السويس على مدار السنة. وقالت شركة ميرسك إن هذه الرحلة تهدف إلى اختبار مسار جديد للشحن البحري وجمع البيانات عنه، ولن يتبعها على الأرجح رحلات أخرى مماثلة في المستقبل القريب. وتواجه “قناة السويس الروسية” عقبات كبية، أهمها البيئة شديدة الصعوبة في القطب الشمالي، لا سيما في الشتاء الذي تنخفض فيه درجة الحرارة إلى ما دون 50 تحت الصفر، الأمر الذي يعطل عمل المحركات. وتقف الثلوج عائقا ثانيا أمام هذا المسار، إذ تتسبب في تعطيل حركة الملاحة طوال أيام السنة تقريبا، رغم أنها تذوب بشكل موسمي يعيق التخطيط لتسيير رحلات بشكل منتظم. أما التحدي الثالث فهو أن كلفة استخدام ممر البحر الشمالي أكثر تكلفة من قناة السويس المصرية، ويعود ذلك إلى انخفاض سرعة النقل واحتمالات التأخير بسبب الظروف الجوية المتغيرة. ولهذه الأسباب وغيرها يستبعد خبراء في التجارة الدولية أن يكون ل”قناة السويس الروسية” الجدوى الاقتصادية المقبولة، التي تدفع شركات الشحن التجارية العملاقة إلى استخدامها كمسار بديل عن قناة السويس في مصر.