شهدوا شهادة الحق "لا إله إلا الله محمد رسول الله" ونبذوا مللهم ، واختاروا مخبتين دين الحنيفية السمحة ، دين الإسلام ، وأمسوا مسلمين جددا.. يرومون النجاة من النار الموقدة ، والخلاص من عذابات الشرك .. أقبلوا بقلوب راضية تسامت على معوقات الاعتياد وضغوط الأهل ونظرات المجتمع .. معلنين أن سعادة الإيمان عوض عن كل ما افتقدوه ويفتقدونه في دنيا البشر.. والمفارقة العجيبة أن المشككين لايتوانون عن الطعن في مصداقيتهم واتهام "إخواتهم " في الدين بالبحث عن مكاسب مادية ، ومطامع دنيوية ، فهم ليسوا سوى وصوليين عرفوا مفاتيح المجتمع السعودي .. وتلك خلاصة المأساة التي تؤرق المسلمين الجدد في السعودية ، بحسب ما يؤكده دعاة يشتغلون في دعوة غيرالمسلمين إلى الإسلام .. هارون أو أبو هريرة كما يحب أن يسمي نفسه مسلم جديد أتى من ولاية إيروزونا من أمريكا إلى الدمام موظفا في أحد مستشفيات المنطقة يقول ل (عناوين) إنه اعتنق الإسلام قبل أن يشد رحاله إلى بلاد المسلمين وأنه جرب ديانات كثيرة قبل أن يشرح الله صدره للإسلام .. و يجزم أبوهريرة بفطرية الدين الإسلامي الخالصة بعد ستة عشر عاما من اعتناقه الاسلام . وفي سؤال ل (عناوين) حول ما يردده بعضهم من أن مكاسب دنيوية هي دافع كثير من المسلمين الجدد في السعودية قال أبو هريرة إنه لاصحة لمثل هذه الأقاويل ، وأنه لا مكان للانتفاع في الإقبال على دين الله "الحق" ، مؤكدا على أن عظمة الإسلام ، وجلالة الإيمان تقطع الطريق على من أراد الإرتزاق وتسمو به إلى آفاق لاتقارن بمكاسب الدنيا ولا بعرضها القليل .. ويضيف أبو هريرة أنه بعد أن أسلم في ولايته (أريزونا) و قبل أن ينتقل إلى بلاد الإسلام ويتعامل مع المسلمين في مجتمعاتهم ، توقع أن حياة المسلمين كما لو كانوا في العصور الأولى من الإسلام ، لكنه أيقن بعد تنقلاته في عدد من بلدان إسلامية إن كثيرا من المسلمين - للأسف – بعيد عما توقعه ، لكن أبا هريرة يرى أنه مهما قيل عن أخلاق المسلمين ومهما تعالت الأصوات التي تنتقد سلوكيات المسلمين ، وتضخم من مساوئهم ، فإن الكفة الأرجح في النهاية تكون لصالح المسلمين حين تجرى مقارنات موضوعية بينهم وبين حياة المجتمعات غير الإسلامية .
من جانبها قالت مديرة المكتب النسائي للندوة العالمية للشباب الإسلامي ل (عناوين) إن عظمة الإسلام تعين الدعاة على تبليغ الرسالة ، وأن جوهر الدين يقصر المسافات بين الداعية وبين المدعو ؛ لأنه دين الفطرة ، بخلاف ما يواجهه دعاة الأديان الأخرى الذين يجدون أنفسهم بحاجة إلى بذل جهود مضاعفة من أجل نشر الدين الذي يحملونه. وتروي الغامدي قصة إسلام سيدة أمريكية على يد مسلم كان مخمورا حين تحاورت معه السيدة الأمريكية مستدلة على عظمة الإسلام في ذاته .. تقول السيدة إنها وهي في طريق عودتها من إحدى الدول الخليجية بعد طلاقها من زوجها العربي أرادت أن تفرغ كراهيتها لزوجها السابق في رجل كان يجلس في المقعد المجاور لها في الطائرة ، وكان حينها يعاقر أم الخبائث ، فقالت السيدة للرجل المخمور مستهزئة : "مسلم وتشرب الخمر" ، ليرد عليها الرجل باعتزاز: " نعم أنا مسلم وأعتز بإسلامي .. وصحيح أني غير ملتزم بما يأمرني به ديني - للأسف -.. لكني أشهد الله أن إسلامي خير من الدنيا ومافيها". وتضيف الغامدي "إن رد المسلم المخمور الذي أظهر اعتزازه بإسلامه أثار السيدة الأمريكية ودفعها للبحث والقراءة عن الإسلام ، وبعد أيام من وصول السيدة الأمريكية إلى ولايتها وهي الولاية التي كنت أسكن فيها وأمارس فيها العمل الدعوي جاءت إلينا في المركز الإٍسلامي ونطقت الشهادتين". وأجمعت مجموعة من الدعاة في حديثهم ل (عناوين) على أن الدعوة لدين الله بمقدور كل مسلم مهما كان مبلغ علمه ومهما كان التزامه بدينه. إذ يقول مدير مركز توعية الجاليات في الدمام الدكتور عبدالواحد المزروع إن كثيرا من المسلمين الجدد أسلموا من خلال موقف فقط ، والمواقف متنوعة وبعضها مثير للاستغراب ، إذ إن البعض أسلم فقط حين رأى صلاة المسلمين .. وآخر أسلم حين شاهد بنفسه مواقف تعكس ترابط المسلمين فيما بينهم. مبينا د. المزروع أن أحد المسلمين أسلم حين رأى شخصا يفض نزاعا بين اثنين في محطة لتعبئة الوقود كان قد نشب بينهما بسبب الختلاف على مبلغ مالي ، فصاحب السيارة يؤكد أنه أعطى عامل المحكة كامل المستحق فيما ينفي العامل كلام الأول ويؤكد أنه تسلم نصف المبلغ فقط ! لحظتها قام شخص ثالث ليس له علاقة بالأمر بالتوسط ، وفض النزاع متحملا بقية المبلغ .. هذا الحدث العابر غير حياة شخص رابع كان يرقب ما يجري ، فقد توجه مباشرة إلى الرجل الوسيط في النزاع وسأله عن الدافع لتوسطه ، ولم اختار أن يتحمل التزاما ماليا لا مصلحة له فيه ؟ فيفاجأ بجواب الرجل : "إن ديننا دعانا للإصلاح بين أخواننا" .. هذه الكلمات فقط وذلك الدث العابر ، هز غير المسلم من كل اعماقه ، ودعاه إلى قراءة الإسلام قراءة منصفة ، فعرف أنه الدين الحق ، فأعلن إسلامه . وحول تشكيك بعضهم في صدق هؤلاء المسلمين الجدد واتهامهم ب "المنافقين" ، يقول المزروع إن مركز توعية الجاليات في مدينة الدمام شهد إسلام الآلاف من مختلف الجنسيات والديانات ولم تسجل حالة ردة واحدة - بحمد الله-، مؤكدا على أن جوهر الإسلام كفيل بأن يحسن إسلام أي مسلم جديد. وتبرأ نجمة رومني وهي مسلمة جديدة من الجنسية الهندية من تلك الاتهامات بقولها : "لا أظن أن المسلمين الجدد يبحثون عن مكاسب دنيوية ، فالدين الإسلامي كله مكاسب بمبادئه وتشريعاته في الدنيا والآخرة" ، مشيرة إلى أنها باعت ثروة طائلة كانت تنتظرها بعد أن ذاقت حلاوة الإسلام ، وتركت مختارة ديانتها السابقة (الهندوسية) ، راغبة عن المطامع الدنيوية ، كون والدها يعد ثاني أغنى رجل في الإقليم الذي نشأت فيه ، ومبينة أن أسرتها وعدتها بمبالغ كبيرة فضلا عن نصيبها في الإرث مقابل أن تعود إلى ديانتها القديمة ، وهو ما دعاها لأن ترد عليهم قائلة :"الثراء الذي تحكون عنه لا يساوي شيء أمام الثراء الذي منحني إياه إسلامي".
إلا أن غالبية الدعاة الذين التقتهم (عناوين) أبدوا مخاوفهم إزاء سوء تعامل بعض الناس مع العمالة أو الخدم مؤكدين على أن سوء خلق بعض أرباب العمل مع العمالة من غير المسلمين من أهم أسباب الصد عن دين الله .. يقول القاضي الدكتور عدنان الدقيلان إن المسلمين الأوائل نشرو الدين الإسلامي بأخلاقهم النابعة من الدين الإسلامي من "كرم وصدق وأمانة وتواضع ولين جانب وحسن ظن وغيرها من الأخلاق الإسلامية" وأنه حين يبدل المسلم هذه الأخلاق في تعاملاته مع غير المسلمين فإنما هو يعطي صورة سيئة عن المسلمين دون قصد مباشر منه وهو أهم أسباب الصد عن دين الله. ويشدد الدقيلان على أن النساء في المنازل وأرباب العمل والأفراد الذين لا يحملون صفة "داعية" هم أكثر قدرة من مراكز الدعوة في نشر الدين الإسلامي لو التزموا في تعاملهم بما أمر به الإسلام من الإحسان وبذل المعروف، مؤكدا على أن سماحة الدين يجب أن تنعكس على سلوك كل مسلم. من جانبه قال مفتي السعودية سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ ل (عناوين) إن المنزل أكبر وسيلة للدعوة إلى دين الله عن طريق المعاملة الحسنة ، داعيا أرباب العمل إلى اللين مع العمالة واحترام حقوقهم ومنع الضرر عنهم مؤكدا على أن المعاملة الحسنة من أكبر أبواب الدعوة إلى دين الله .