يكثر الحديث في عالم المال والأعمال عن اندماج الشركات واستحواذ بعضها على البعض، وتختلف الآراء حول ذلك ما بين مؤيد ومعارض، ولا شك إن الحديث في هذا المجال حيوي ومهم جدا، وذلك نظرا للفائدة الكبيرة المتوقعة من عملية الاندماج والاستحواذ، إذ يمس مصلحة الشركة مباشرة، ويعد أحد أهم القرارات التي قد تتخذها إدارة الشركة في إطار التوسع لنشاطاتها، والزيادة من ربحيتها وأعمالها. الاندماج والاستحواذ كلمتان لطالما أتيتا مقترنتين ومتتاليتين, وهما من ناحية الإجمال متشابهتان، ومن حيث التفصيل مختلفتان، فبالإجمال يعنيان الاتحاد ونشوء كيان أكبر من شركتين أصغر بالحجم, وتفصيلا يقصد بالاندماج أن تتحد شركة مع شركة أخرى، فينتج عن ذلك شركة أكبر بالحجم تمثل حصص الشركتين المندمجتين، بينما الاستحواذ يعني أن تستحوذ أو تشتري إحدى الشركات شركة أخرى ليكبر حجم الشركة المستحوذة وتلغى الشركة المستحوذ عليها، بمقابل أن ينال أصحاب الشركة المستحوذ عليها إما حصصا بالشركة المستحوذة أو مبلغا نقديا (يدفع إليهم في الوقت المحدد مسبقا). لا أحد يستطيع الجزم بجدوى الاندماج لشركة ما أو قطاع ما، فالموضوع نسبي ويعتمد على عوامل عدة ومعطيات متغيرة، ولكن الاندماج والاستحواذ غالبا ما يقود إلى نتائج إيجابية وآثار مستحسنة، فالاندماج ينتج كيانا أكبر وشركة أضخم، ولا شك عندما تقارن بين شركتين صغيرتين، وشركة كبيرة فإن الأفضل حينها هو الشركة الكبيرة، أضف إلى ذلك أن الاندماج والاستحواذ دائما ما يمكّن الشركة من تقليل التكاليف التشغيلية خصوصا التكاليف الثابتة وبالتالي تزيد الربحية بانخفاض التكاليف، فترتفع قيمة الشركة. وحينما ينتقل تحليلنا لأسواق المال وللاقتصاد، فإننا أيضا نلحظ التأثير الإيجابي من عملية الاندماج والاستحواذ، فعندما يتم الاندماج بين الشركات فإن الناتج حينها شركات اكبر وكيانات أضخم، مما ينعكس إيجابا على اقتصاد الوطن وبشكل مباشر على أسواق المال، فالثقة دائما بالأسواق هي بالشركات الكبيرة، وتفضيل المستثمرين دائما هو للكيانات الضخمة المستقرة، وهذا التفسير يحلل إقبال المستثمرين على شراء أسهم الشركات التي أتمت مؤخراً عمليات اندماج أو استحواذ، فينعكس بالتالي ذلك الإقبال إيجابا على الشركات المندمجة وعلى الاقتصاد عموماً. من الاضرار المرتبطة بالاستحواذ انه دائما ما يكون الناتج المتوقع من الاستحواذ يفوق الناتج الفعلي الناتج عنه، فيؤدي ذلك في كثير من الأحيان إلى تكبد الطرف المستحوذ خسائر اقتصادية بدفعه لمبالغ أو أسهم تفوق القيمة الاقتصادية الناتجة من عملية الاستحواذ. واضافة للحديث حول سبل تسهيل تلك العملية والجهات الرئيسية المشتركة في عملية الاندماج والاستحواذ، حيث لا وجود للاندماج والاستحواذ من دون وجود القوانين المنظمة والآليات المسهلة، فمتى ما وجد الكيان النظامي الداعم، والجهاز الحكومي المنظم، فحينها الدور سيتوقف على جدوى الاندماج والاستحواذ والقيمة الإضافية المتوقعة من ذلك. إن البنوك الاستثمارية هي العمود الفقري لعمليات الاندماج والاستحواذ، فهي التي تصوغ الاتفاقية وتبلورها وهي التي تبحث، ثم تدرس وتقارن، ثم تربط وتقترح، ثم تختم بأرقام وإحصائيات، آخذة بزمام المبادرة، صانعة للفرصة، محفزة لها، وفي احيان كثيرة ممولة لها.