أشارت دراسة للباحثة الكندية دولوريس باشكار من جامعة كولوريا في مونتريال إلى أن 5 في المائة من الأشخاص يعدّون فعلاً حكماء وأن الأشخاص الأكثر حكمة يحافظون على حس السعادة. بمعنى آخر لو كنتَ جالساً ضمن عشرين شخصاً فهناك حكيم واحد فقط وستعتقد بأن البقية هم الهقايص وعلى رأي الفنان العبقري سعيد صالح في مسرحيته الخالدة العيال كبرت فالهقايص مشتقة من «يهقّص» أي من يقول كلاماً فارغاً في أمور فارغة، والتهقيص المصرى هو أجود وأخف أنواع التهقيصات دماً فالمهقِّص إنسان اتخذ من التهقيص مهنة وأصبحت بالنسبة لي هواية منذ بدأت كتابة المقالات وتدر علي بشيء من الشهرة والدراهم تساعداني على الاحتفاظ بحس السعادة. منطقتنا العربية ومنذ زمن بعيد خارج نطاق الدراسات المتعلقة بالحكمة والذكاء، والضمان الوحيد لحصولها على معدلات نسب عالية هو تقديم دراسة مستفيضة عن الهقايص فحتما سنكون محظوظين هنا! لو نقوم بتطبيق نتيجة هذه الدراسة على العرب البالغ عددهم 340 مليون نسمة، فمن المفترض أن يكون لدينا 17 مليون عربي حكيم! حكيمٌ ينطح حكيماً! ولكن أين هم؟ لنبدأ بقنوات الشكشكة والجمبزة والنطنطة وأخص بالذكر المملوكة لرؤوس أموال خليجية، اللهم لا شماتة، وأرى الابتذال والسطحية والقرف والكميّات الهائلة من الرسائل النصية الفارغة، أقوم بالتنازل عن ربع عدد الحكماء المفترضين، أسمع الرعب اللفظي الذي يتفوه به كثير من دعاة ومراهقي الفضائيات وآخرها من صب جام غضبه على مراهقة تعرضت لتحرش جنسي من قبل والدها المجرم و «هقّص» للضحية حلاً خلاصته بألاّ تلبس لباساً فاضحاً أمام أبيها فهو، أي الأب، أيضاً شاب ربما فتن بها واشتهاها، ونسبة إلى تأثيرهم الساحر على أفراد المجتمع أتنازل مرة أخرى عن ربع آخر، أراقب ما يدور داخل ليبيا وسوريا واليمن من قمع وتقتيل وإهانة للكرامة إضافة لما تتفوه به ألسنة «أنصاف رجالاتها» من غباء وبلاهة، أجد نفسي متنازلاً في نهاية الأمر عن 99 بالمائة من النسبة الإجمالية للحكماء العرب المفترضين، وأبقي على 1 في المائة لأفسح مجالاً لفائدة الشك! واحد في المائة يعادل أربعة ملايين حكيم عربي، ويبدو أن إتاحة الفرصة لفائدة الشك أكدت شكوكي ولم تأت بفائدة و أتوقف عن مواصلة التنازلات فيكفينا تنزيلاتنا الموسمية بحقوقنا المنهوبة! منطقتنا العربية ومنذ زمن بعيد خارج نطاق الدراسات المتعلقة بالحكمة والذكاء، والضمان الوحيد لحصولها على معدلات نسب عالية هو تقديم دراسة مستفيضة عن الهقايص فحتما سنكون محظوظين هنا! إن وصلت إلى هنا ولم تفهم شيئاً، فستعرف أنني كنت «بهقّص» لأضمن تدفق مزيد من الشهرة والدراهم وربما بعض السعادة! [email protected] [email protected]