وصف خبراء عقاريون أسعار الوحدات السكنية الجاهزة البالغة أكثر من 2 مليون ريال في المملكة بأنها غير حقيقية، مشيرين الى أنها جاءت نتيجة تدوير ومضاربات بين التجار في ظل عدم استطاعة المواطن تحمل تكاليف البناء، وذلك من أجل تحقيق مكاسب عالية قبل أن تتراجع الأسعار إلى سابق عهدها جراء البدء بتنفيذ وزارة الإسكان للمشاريع السكنية الضخمة. وأوضح المستشار الاقتصادي فادي العجاجي أن أسعار الوحدات الجاهزة الموجودة حاليا ناتجة عن استغلال لظروف معينة مثل ما يحصل في سوق العمل وارتفاع أسعار مواد البناء، إضافة إلى عملية المبالغة من التجار، وقال: «من المفروض ألا يتجاوز سعر الدوبلكسات مليوناً و 200 ألف ريال، فإذا كان مسطح البناء 400 متر مربع وسعر متر الأرض يبلغ حوالي 1500 ريال وسعر البناء في هذه الحالة يبلغ 600 ألف ريال، فيظهر لدينا التكلفة الحقيقية للوحدة الواحدة، ولكن في حال العرض ب 2 مليون و500 ألف فهذا يعني أن ربح التاجر يتراوح من 100 – 150 بالمائة». وأضاف العجاجي أن «المواطن الراغب بشراء وحدة سكنية يحتاج إلى تمويل كبير، وهذا يعني بأنه سيتحمل أعباء كثيرة أولها دفع قيمة 3 منازل مقابل الأسعار الحالية، ووضع نفسه ما بين خدمة دين وأرباح المتاجرة وعمليات المضاربة، وهذه كلها تحتاج إلى وقفة حازمة من الجهات المعنية وعلى رأسها وزارة التجارة للحد من المبالغة والقضاء على الأجانب التي تسيطر على قطاعات مهمة في المملكة أولها قطاع المقاولات والإنشاءات، كما يجب على المواطنين الراغبين بعملية الشراء أن يفهموا حقائق السوق واستشارة المختصين وألا ينجرفوا نحو المبالغة، وكذلك عدم التوقيع على عقد شراء أو تأجير أو تمويل قبل معرفة كافة التزاماتهم القانونية خاصة أن مدة التعاقد تمتد إلى 20 سنة ،وبالتالي هنا يصعب معالجة الأخطاء لأنه سيأتي جيل كامل لدفع قيمتها». وطالب العجاجي بإعادة «هيكلة قطاعات الإنشاءات وإصلاح الخلل فيه، وأن تكون الأنظمة في صالح التكاليف وكل ما يتعلق بعمليات وإجراءات البناء لأنه يوجد نسبة كبيرة من المواطنين المستأجرين غير قادرين على تحمل القيم السائدة بالسوق حالياً سواء كانت بالمدن المتوسطة أو الكبيرة، إضافة إلى تفعيل كود البناء لأنه سيعالج مسألة التنفيذ بحيث لا تكون ضد المواصفات المشروطة والقضاء على الغش ،فبعض المواطنين اشتروا وحدات جاهزة ودفعوا تكاليف صيانة تبلغ 30 بالمائة من قيمة المنزل نتيجة هذا الغش، وكذلك سيقلل التكاليف في البناء لأنه سيوحد المواصفات المتعلقة من خلال تنفيذ الأبواب والنوافذ والمواد الصحية بمعامل كبيرة مستحدثة تسهم بتقليل التكاليف وإطالة عمر المباني». وأشار الباحث في الشؤون العقارية الدكتور علي بوخمسين إلى أنه «يوجد حاليا ارتفاعات غير مبررة أبدا في اسعار الوحدات السكنية عموما سواء كانت شققا سكنية أو دبلكسات والفلل مع أن حركة التداول ضعيفة جدا، وقال «بسبب هذه الارتفاعات إلا أن صانعي السوق الحقيقيين هم من يقود الحركة للارتفاع وهذا ما يفسر لماذا تظل الارتفاعات مستمرة لأنهم لا يستهدفون المشتري العادي هم يستهدفون طبقة الموظفين المؤهلين للحصول على قروض بنكية ويستطيعون الدفع عبر القروض ويقسطون هذه القيمة على سنوات طويلة ومن هنا يتضرر باقي فئات المستهلكين العقاريين الاخرين وهم يشكلون الاغلبية ولا يستطيعون تحمل هذه الأسعار المرتفعة». وأضاف بوخمسين: نحن لا نشهد اقبالا من قبل صغار المستثمرين للاستثمار العقاري لأنهم لا يستطيعون تنفيذ مشاريع اسكانية كبيرة وهذا ما يزيد الطين بلة بأن يظل الاستثمار العقاري حكراً على فئة كبار المستثمرين فيقل العرض وهذا يسهم بارتفاع الطلب بالمقابل وهكذا تدور العملية في حلقة مستمرة ، والأسعار الحالية غير واقعية اي بمعنى انها سعر مبالغ فيه ولأنه تم احتسابه بطريقة غير عادلة، فالأرض يتم احتساب سعرها على اساس السعر الحالي بينما هو اصلا قام بشرائها سابقا بسعر تاريخي اقل كثيرا من السعر الحالي وليس ذلك بل هو ايضا يضيف نسبة ربحية على هذا السعر في حساب سعر بيع الوحدة السكنية وهذا ما يرفع سعر البيع كثيرا وهناك ايضا ارتفاعات اسعار مواد البناء المتواصلة وغير المبررة لأنها غير مرتبطة واقعيا بارتفاعات الاسعار العالمية لأننا نشهد ان هذه الارتفاعات غير متواصلة بينما لدينا ما شاء الله لا تتوقف، كما أن هناك عاملا لا يقل اهمية في رفع السعر بما يسمى بعملية تدوير البيع بين اكثر من طرف بما يسبب رفع السعر وهو اضافات وهمية ليست حقيقية فيتم البيع وكل مرة يرتفع السعر بنسبة لا تقل عن عشرة بالمائة والمستهلك العقاري هو من يغطي هذه الارتفاعات وتساءل بو خمسين عن دور وزارتي التجارة والإسكان بحكم ارتباطها الطبيعي بهذا الامر لكونه يمس مباشرة صميم عملها الاساسي لحل مشكلة الاسكان فأين دور هاتين الجهتين الحكوميتين عن أزمة ارتفاع اسعار الوحدات السكنية؟ ولماذا لا تتعاطى مع هذه المشكلة كما يجب؟ فنحن نرى وزارة التجارة تراقب ارتفاع اسعار المواد الغذائية وتمنع رفع سعر بيع الحبز والبيض واللبن وحتى الحديد فأين هم عن الأهم والأخطر والأكبر عن مبالغ طائلة يتحملها المواطن؟ وأعتقد أن الوزارة لديها إمكانات حقيقية للتعاطي مع هذا الأمر وهناك حلول عملية تحافظ على حقوق كل الأطراف من المستثمرين والمستهلكين العقاريين وهناك دور غائب لوزارة الاسكان في هذا الموضوع الخطير فالوزارة تدخلت في تحديد اسعار الايجارات ومن باب اولى تحديد اسعار عادلة للوحدات السكنية وسيكون لوزارة العدل دور ملموس في عدم تسجيل نقل ملكية اي عقار مخالف للسعر المحدد وهنا نستطيع عبر تفعيل دور هذه الجهات الحكومية من مواجهة هذه المشكلة بأسلوب مفيد ومثمر. الوحدات الجاهزة وأوضح المطور العقاري حامد بن حمري أن الوحدات السكنية تباع بالأسعار الحقيقية لأن سعر متر الأراضي في كثير من المناطق يبلغ 2000 ريال نتيجة احتكارها وعدم توافرها بالشكل المطلوب، وقال:» إن من يشتري الوحدات الجاهزة بالأسعار المحددة حالياً أصحاب الرواتب المرتفعة، ومجموعة من التجار بهدف التدوير والمضاربة»، مشيراً إلى أنه عندما يتم عرض مجموعة الوحدات لفترة طويلة بالسوق بأسعار محددة ولا تباع فمن الطبيعي أن يتم تخفيض أسعارها. أسعار الدبلوكسات وقال المستثمر بقطاع المقاولات يوسف الناصر: إن الأسعار الحقيقية للدوبلكسات تتراوح من 800 ألف ريال إلى مليون و 500 ألف ريال طبعاً على حسب الموقع، ولو كان البناء مكلفاً فإنه يزيد بمعدل يتراوح من 100 – 200 ألف ريال، ولكن التجار يبالغون حالياً في الأسعار من أجل تحقيق أرباح عالية جداً ، موضحاً: إن تكلفة البناء تصل في كثير من الأحيان إلى 800 ألف ريال ، ولكن الفرق يبقى في قيمة الأرض. وأضاف الناصر: توجد عروض على عقارات كثيرة في ضواحي وأطراف الدمام بالصحف الإعلانية خصوصاً بعد الإعلان عن مشروع وزارة الإسكان وتطوير الأراضي، فمن يرغب بالشراء يتوجه للضواحي أسعارها مناسبة ومكتملة الخدمات مثل الاحياء داخل النطاق العمراني. عزوف المستهلكين وأوضح رئيس لجنة التثمين العقاري بغرفة جدة عبدالله الأحمري أنه كان هناك طلب متزايد على الوحدات السكنية المنفصلة في السابق ويتجه إليها كثيرا أصحاب الملاءة المالية والرواتب التي تتجاوز ال 15 ألف ريال بحيث يقترضون من البنوك المحلية بضمان صندوق التنمية العقارية دون أن يدفعوا فوائد، ولكن بعد توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بمنح المواطن أرضا وما أسند إلى وزارة الاسكان من بناء 500 ألف وحدة سكنية جعل الكل في حالة ترقب سواء كانوا مستثمرين أو مواطنين لأن ذلك سيبنى عليه عدة استراتيجيات قادمة بالنسبة للمستهلكين ،مؤكدا أن أصحاب الوحدات يحاولون أن يصرفوا ما لديهم بأسعار لا يستطيع المستهلك ان يدفعها في الوقت الحاضر، إضافة الى أن هؤلاء التجار في حالة ترقب لإنجاز وزارة الإسكان مشاريعها وتطوير المخططات التي أعدت للمواطنين، لأن مشاريع الإسكان ستسهم كثيرا في حلحلة الأسعار الحالية ولكنها ستأخذ فترة حتى تعود إلى وضعها الطبيعي. وقال الأحمري:» في حال عزوف المستهلكين عن الشراء فسيقوم المطورون العقاريون بتقديم منتج يتلاءم مع الدخل الشهري للسعوديين ومع الشريحة التي لديها سيولة، ولكنها لا تستطيع الشراء بالأسعار المعروضة حاليا في الأسواق لأنها أكبر من طاقتهم، وإن اشتروا عن طريق التمويل فإنه قد يفوق الجزء المستقطع من مرتباتهم مما يحدث هذا خللا فيما بعد نتيجة التعثر في سداد الأقساط لأنها تراكمت عليهم. وبالنسبة لتثمين الوحدات الجاهزة بالأسعار الحالية، أكد الأحمري « ليضع المستثمرون ما يشاؤون من الأسعار، ولكن يجب عليهم أن يعرفوا في نهاية المطاف بأن العزوف عن شراء هذه الوحدات سيرغمهم على البيع برغبة المشتري وسيخسرهم نتيجة الانتظار الطويل، فكلما طال الوقت نقص عمر المبنى الذي يجعل قيمة المبنى تتراجع نتيجة هذا العمر».