في خضم الأخذ والجذب بين أمريكا وروسيا ومحاولة كل طرف بسط سيطرته على القرارات المصيرية في العالم ومنها التدخل العسكري في سوريا. ومن المعلوم أن روسيا كانت محل انتقادات في الماضي لأنها لم يسبق أن قامت فعليا بالوقوف مع أصدقائها أو حلفائها ومصداقية روسيا لا يمكن الاعتداد بها وقت الشدائد ، لأنها - وببساطة - تنسحب منذ لحظة تواجد الآلة العسكرية الأمريكية التي يكون معها زخم إعلامي من الصعب مقاومته أو الوقوف أمامه، وهذا ما تفتقده روسيا. اتفق الكثير من المحللين على أن الرئاسة الروسية بدأت وضع الرأي العام الأمريكي في الحسبان وأهمية الرأي العام الأمريكي في التأثير على قرارات البيت الأبيض والكونغرس الأمريكي. فمثلا العالم يتداول ما تكتبه الواشنطن بوست أو النيويورك تايمز، لكن لا أحد يقرأ الصحافة الروسية في الحاضر أو الماضي. فالكل يعلم بأن صحيفة موسكو الناطقة بلسان الحكومة وهي البرافدا لا تمثل الرأي المستقل، لكن في الآونة الأخيرة تنبه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أهمية الحديث مع الشعب الأمريكي عن طريق الإعلام، وهذا ما قام به قبل عدة أيام عندما كتب الرئيس الروسي مقالة في جريدة النيويورك تايمز حول الوضع في سوريا مخاطبا الشعب الأمريكي. وقد استغرب العالم بعد المقال بعد أن عرف العالم أن الرئيس الروسي لديه شركة أمريكية للعلاقات العامة، وهذا يعكس مدى أهمية الإعلام الأمريكي. وقد تمت إعادة نشر وترجمة المقالة إلى الكثير من اللغات في الكثير من الصحف العالمية والمواقع. وقد رأى الكثير من المحللين السياسيين أن هذه سابقة لرئيس من الكتلة الشيوعية السابقة لمحاولة شرح وجهات نظر الطرف الآخر خاصة أن الرئيس السابق كان يشغل مناصب أمنية واستخباراتية. وقد اتفق الكثير من المحللين على أن الرئاسة الروسية بدأت وضع الرأي العام الأمريكي في الحسبان وأهمية الرأي العام الأمريكي في التأثير على قرارات البيت الأبيض والكونغرس الأمريكي. وللعلم فإن الإعلام الأمريكي ومراكز البحث (ثينك تانك) لها تأثير على تسيير الرأي العام الأمريكي. ولعلم القاريء أن الكثير من النقاط التي ذكرها فلاديمير بوتين لم يوافق عليها الكثير من المحررين في الصحيفة، لكن في نهاية المطاف رأت الصحيفة الأمريكية أهمية طباعة المقال بعد أن قامت بعمل مراجعة المقال على عجل. وقد وجد الكثير من المحللين الاستخباراتيين في أمريكا أنها فرصة لهم لمعرفة بعض الأمور التي أرادوا معرفتها عن شخصية روسية مهمة كانت بالنسبة لهم واحدة من الأسرار الغامضة، ليقوم الرئيس الروسي بوضعها لهم في جريدة أمريكية مخاطبا الشعب الأمريكي. تويتر: @mulhim12