أشارت وكالة الطاقة الدولية إلى أن معروض النفط العالمي يبدو مريحا بالرغم من التعطيلات الكبيرة في انتاج النفط الليبي وان الأسعار قد تتعرض لبعض الضغوط النزولية إذا ما أدى انخفاض حاد في قيمة العملة في الأسواق الناشئة إلى ضعف الطلب. وتوقعت الوكالة التي تقدم المشورة في سياسات الطاقة للاقتصادات المتقدمة ارتفاع معروض النفط العالمي خلال الشهور القليلة المقبلة بالرغم من المشكلات الليبية وعزت ذلك إلى مجموعة من العوامل الموسمية والسياسية والمرتبطة بالدورة الاقتصادية. وقالت الوكالة في تقريرها الشهري عن سوق النفط "رغم أن العواصف السياسية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لم تنقشع بعد فمن المتوقع أن يخفف تحسن العوامل الأساسية الضغط بصورة ما على المتعاملين في السوق على الأقل في الأشهر القليلة المقبلة." وارتفعت أسعار النفط لأعلى مستوياتها في ستة أشهر في أغسطس وسط توقعات لتوجيه ضربات عسكرية غربية لسوريا ومع تراجع إنتاج ليبيا إلى عشرة بالمئة من معدلاته بسبب اضرابات بحقول النفط والموانئ في أسوأ موجة تعطل للانتاج منذ ثورة 2011. لكن وكالة الطاقة قالت إنه حتى إذا استمر تعطل الانتاج الليبي لنهاية العام فسيعزز انتهاء موسم صيانة حقول النفط في بحر الشمال وخليج المكسيك المعروض في الربع الأخير من 2013. وأضافت "إنتاج أمريكا الشمالية الجديد يواصل الارتفاع والانتاج السعودي قرب مستويات قياسية." وأبقت الوكالة تقديراتها لنمو الطلب العالمي في 2014 دون تغير يذكر مقارنة مع تقريرها الشهر الماضي وذلك عند 1.1 مليون برميل يوميا ارتفاعا من 895 ألف برميل يوميا في 2013 وعزت ذلك إلى تحسن عوامل الاقتصاد الكلي. ومن المتوقع أن يبلغ متوسط الطلب العالمي على النفط 92 مليون برميل في 2014. لكن الوكالة أشارت إلى أن الطلب قد يشهد بعض الضغوط النزولية في الأسواق الناشئة التي شهدت عملاتها انخفاضا في الأشهر القليلة الماضية. ولأن النفط مقوم بالدولار ترتفع فاتورة استيراده بالعملات المحلية حينما تتراجع هذه العملات أمام العملة الأمريكية. وتأثرت بعض العملات في آسيا وأمريكا اللاتينية بشدة بسبب توقعات بأن البنك المركزي الأمريكي سيقلص برنامجه للتحفيز النقدي الأمر الذي أدى لارتفاع الدولار. ومن جانب اخر أبدت ماريا فان دير هوفن المديرة التنفيذية لوكالة الطاقة الدولية مؤخرا قلقها إزاء أسعار النفط المرتفعة لكنها قالت إنها لا تعتقذ أنه ثمة حاجة للسحب من المخزون الاستراتيجي نظرا لأن الامدادات في السوق جيدة رغم تعطل صادرات ليبيا. وقالت المديرة التنفيذية التي تشارك في المؤتمر الثاني لمستهلكي ومنتجي الغاز الطبيعي المسال "شهدنا اليوم هبوط السعر مرة أخرى. هذا بالطبع مؤشر جيد. نراقب الأسعار دائما ونحن قلقون للغاية إزاء الأسعار." وتابعت "نرى أيضا أن السوق بها امدادات كافية وأن السعر يرجع لوجود علاوة مخاطر." وسألت إذا كانت الوكالة - التي تقدم النصح لثمان وعشرين دولة صناعية بشأن سياسة الطاقة - مستعدة لسحب منسق من احتياطيات النفط فأجابت "لا. نراقب الوضع طيلة الوقت وفي الوقت الحالي نرى أن الامدادات في السوق كافية وقد رأينا الأسعار تنخفض." وتضم الوكالة دول منظمة التعاون الاقتصادية والتنمية التي تحتفظ باحتياطي استراتيجي من النفط تسحب منه في حالة تعطل الامدادات للأسواق العالمية. وفي عام 2011 نسقت الوكالة جهود الدول الأعضاء للسحب من الاحتياطي بسبب تعثر الإمدادات جراء القتال في ليبيا. وقال سعد بن شرادة المسؤول في لجنة الطاقة بالمؤتمر الوطني العام في ليبيا إنه لم يتوصل بعد إلى اتفاق بين الحكومة ووسطاء قبليين ومجموعات مختلفة من المحتجين الذين عطلوا إنتاج النفط في البلاد منذ نهاية يوليو. ومن جهة آخرى لم تجد الدول الآسيوية المستوردة للنفط التي تريد أن ترى مزيدا من الإمدادات في السوق حتى تنخفض تكاليف الوقود آذانا صاغية من الدول المنتجة الرئيسية خلال مؤتمر في سول الأسبوع الماضي. وظهر انقسام واضح في مؤتمر وزراء الطاقة الآسيويين بين الدول المصدرة التي تتمتع بإيرادات قوية وبين الدول المستوردة التي تجد صعوبة في دفع تكاليف النفط والغاز. وقال ايسشو سوجاوارا وزير الدولة الياباني للاقتصاد والتجارة والصناعة «أسعار النفط المرتفعة ستؤثر سلبا على الاقتصاد الآسيوي. هذا قد يؤدي إلى ركود النشاط الاقتصادي في آسيا. ولكي تستقر أسواق النفط العالمية نطلب من المنتجين توفير إمدادات كافية لتلبية الطلب». وقالت دول أعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) إن ارتفاع أسعار النفط يرجع إلى التوترات المتعلقة بأزمة سوريا وليس إلى أي نقص في المعروض. ورفعت السعودية إنتاجها إلى مستويات قياسية للتخفيف من أثر أزمة الإمدادات الليبية. لكن وزير البترول السعودي علي النعيمي قال إنه لا يرى نقصا. وقال النعيمي خلال المؤتمر «العوامل الأساسية لسوق النفط جيدة. هناك توازن جيد في السوق». وقال عبدالله البدري الأمين العام لأوبك خلال المؤتمر إنه لا حاجة لضخ المزيد، واضاف «إذا رأينا أن هناك نقصا في السوق فسنتدخل.. ونحن لا نرى نقصا».