قبل ستة اعوام أطلت "الديمقراطية" عبر انتخابات المجالس البلدية، وتسابق الركبان على الظفر بمقاعد جلدية حول طاولة المجالس، ونجح كثيرون بغض النظر عن المعرفة بآلية الترشيح والمهام المطلوب تنفيذها أو الأجندة الواجب عليهم تحقيقها وبمنأى عن الخلفية التامة لثقافة الانتخاب والأسس التي تقوم عليها، وكان الأمر محسوما طالما اعتمد على انتخاب "الفزعة" و"تكفى" مع بعض الوعود الواهية التى كانت كفيلة بتحقيق أماني الكثير من الباحثين عن "البشوت" المذهبة ودهن العود الغالي والمصالح الشخصية .. ومرت السنوات سريعا ونحن نردد "تجربة جديدة" ولا بد من الانتظار وطال الوقت حتى بدت ملامح اليأس على وجوه العامة في منتصف الفترة وضاقت بهم عندما تم التجديد لهم نظير أعمالهم التي "لم تنجز" وبات المجلس مجرد مرجع لإطلاق الطرائف لما له من هيبة غائبة، وإنجازات لم تصدر بعد والمضحك، أن بعض أعضاء المجلس "الأذكياء" لوحوا باستقالاتهم جامعين أكبر نسبة من التعاطف المجتمعي، وقالوا إنهم اتخذوا هذا الإجراء لما وجدوه من عدم تجاوب لقراراتهم لكنهم، لم يكن يعلموا أن الوقت قد تأخر، هذا ما ذكره الكاتب والمدون الإعلامي أمجد المنيف فى حديثه ل "اليوم" واضاف إن المواطن لم يثق ب "هرطقات" المرشحين ولا إدعاءاتهم، ولم يعد ينظر لهذا المجلس على أنه قبة قرارات المواطن المصغرة، فالصورة النمطية المختزلة في مخيلته عنه لا تتعدى كونه مقرا للنقاش بآخر موديلات البشوت الفاخرة، و"الترزز" مدفوع الثمن في نهاية كل شهر.. فالمواطن ليس إقصائيا بنظرته، وإنما واقعي يعايش ما يحيطه من "خيبات" جراء هذا المجلس الذي لم يجرؤ على اتخاذ قرار مفصلي يمس المواطن بشكل صريح، أما ما يتعلق بالصفات فلا أعتقد أن أحداً يبحث عن نماذج مفصلة على مقاسات كراسي المجلس، وإنما الكل يريد من يعمل فقط، ومن وجهة نظري الشخصية أنه لا بد أن تكون أغلبية المقاعد للشباب، فهم الأقدر على معرفة ما يحتاج المواطن، وليس عضوا "هرم" تفرغ للمجلس ليشغل وقت فراغه بعد التقاعد من وظيفته .. فالتفرغ ليس مهما ما دام أن هناك إنجازا وعملا، كما أنه لا بد من تكثيف آليات التواصل الإلكتروني بين المواطن والعضو، فقد ولىّ زمن الخطابات وانتظار المواعيد، بريد إلكتروني واحد كفيل بقول الخلاصة وأكثر، اما المحامية هدى السنّاري فأكّدت على ضرورة نزول عضو المجلس للميدان ومقابلة المواطنين والوقوف على مشاكلهم واحتياجاتهم وهمومهم ولا يكتفي بالنظر فيما يرد له وما يوضع على طاولته من شكاوى أو اقتراحات، وحول الآراء والاقتراحات والطلبات من المجلس البلدي استعرضت السناري هموم المواطنين والمواطنات من الطرقات والشوارع الوعرة والمتصدعة والتي لا تتناسب البتة مع ما يصرف من ميزانيات ضخمة لهذا القطاع، ناشدت المسؤولين بالبحث عن حل للاختناقات المرورية كأن تحدد ساعات السير للشاحنات وأن تكون مكتوبة على الطريق كما تكتب السرعة المحددة مشيرة إلى عدم وجود نوادٍ تأوي الشباب والأطفال الذين نجدهم يمارسون الرياضة واللعب بكرة القدم في قارعة الطرقات وفي الأراضي البراح في الأحياء أو على الشوارع العامة وما يتبع ذلك من أخطار ومظهر غير حضاري. واقترحت السناري أن يقدم المجلس البلدي استمارات أو استبيان حول ما هو تحت مظلته ومن خلالها يتم استفتاء الجمهور ومعرفة متطلباتهم واحتياجاتهم، مؤكدة أهمية وجود لجنة متابعة بالمجلس تتابع ما تم تنفيذه وما لم يتم ومعرفة الأسباب وتذليل الصعوبات. كان الأمر محسوما طالما اعتمد على انتخاب «الفزعة» و»تكفى» مع بعض الوعود الواهية التى كانت كفيلة بتحقيق أماني الكثير من الباحثين عن «البشوت» المذهبة ودهن العود الغالي والمصالح الشخصية.فاتن يتيم كاتبة سعودية تدرس ماجستير إعلام بجامعة الملك سعود تقول: كنا ومازلنا نطمح إلى أن تعطى المرأة حقها الذي كفله لها القانون للمشاركة في الانتخابات البلدية، خصوصاً أن النظام لا يوجد فيه ما يمنع المرأة من المشاركة، وأن لا ننسى أن في ذلك تحقيقا لمبدأ التكامل والمشاركة من أقطاب المجتمع كافة, وهذا شعار المجتمعات الطبيعية والصحية التي تسير نحو الكمال والتي لن تصل إليه دون مشاركة المرأة. أما منع المرأة من ذلك الحق بحجة بعض النواقص في مراكز الاقتراع, وعدم توافر مراكز نسائية تستقبل الناخبات من النساء, وبعض الحجج الأخرى الواهية, فهذا أمر غير مقبول, إذ أنه كان بإمكانهم تجهيز تلك المراكز وإكمال النواقص منذ البداية لو كانوا فعلاً راغبين بإعطاء المرأة حقها في المشاركة, ويرى عضو النادي الأدبي في المنطقة الشرقية سعيد الباحص الغامدي أن المجالس البلدية في تجربتها الماضية بكافة أعضائها لم تحقق أعمالها تقدماً في خدمة البلديات ولم تصل قراراتها إلى حجم التطلعات التي كان يطمح لها المواطنون. مما حدا بالأعضاء أنفسهم وخروجا من هذا المأزق رميهم باللائمة على نظام المجالس، وكما هو الحال لدى بعض المواطنين الذين استغربوا كيفية الطلب من عضو مجلس بلدي أن ينتقد عمل البلدية التي يرأسها رئيس المجلس البلدي نفسه حيث يعمل العضو تحت إمرته ورئاسته، لهذا يعلم الجميع ويدرك تماما أن أعضاء الدورة الماضية للمجالس البلدية انتخبوا بالفزعة وأصوات القبيلة، فالكل شاهد ما حدث خلال الحملات الانتخابية السابقة، وتحولها إلى تعصبات قبلية رجحت في النهاية ابن القبلية الأكثر عدداً في محيط الدائرة الانتخابية، حيث انتهج بعض الناخبين ما يسمى ب«الفزعة» لتنصيب ابن العمومة الذي كان هدفه الرئيسي هو توثيق وتدعيم حضوره الاجتماعي فقط دون خدمة المجتمع أو تكليف نفسه عناء المطالبة والمناقشة لوضع الخدمات البلدية المتردية في المحافظات والمناطق مما أدى هذا الأمر إلى عدم الوعي بأهمية صوت الناخب الذي يعتبر أمانة لاختيار العضو الأصلح لخدمة المدينة، وليس الأقرب وابن العم، وقال الباحص: إن التجربة القادمة للمجالس البلدية في حاجة ماسة للثقافة الانتخابية الحقيقية بغرض الخروج بمجالس تعمل لخدمة كافة شرائح المواطنين لا فئة أو قبيلة معينة والعمل على تحقيق طموحات واقعية وملموسة بعيدا عن تلك الطموحات الخيالية والتي لم تتعد التصريحات الإعلامية ولم تقدم ولم تؤخر في سير أعمال المشاريع وعمل البلديات. كما أشار أيضا إلى أن ضعف التوعية وغياب الثقافة الانتخابية تسببا في طغيان العصبيات القبلية على انتخابات الدورة الأولى، حيث تم تجاهل المثقفين والمؤهلين واتجه الناخبون لاختيار كبار سن بعضهم لا يحمل مؤهلات، ولا يعي دور المجالس البلدية والهدف منها. وناشد عدد من سيدات المجتمع السعودي بمشاركة المرأة في الانتخابات البلدية المقبلة وتطبيق نظام يسمح بمشاركتها كناخبة ومنتخبة. وقالت مريم الزامل: نريد أن تكون هناك مشاركة للمرأة في الانتخابات البلدية لأن كثيرا من الأعمال التي تتطلب إبداء وجهة نظر المرأة كونها نصف المجتمع المتمثل في النساء وهذه المشاركة ما هي إلا حق من حقوق المرأة السعودية. ومن جهتها قالت نسرين الجبر: "لا نزال نعلق بعض الآمال لأن تكون هناك مشاركة للمرأة في الانتخابات على الأقل كناخبة وفي المستقبل كمنتخبة وهناك تجارب سابقة أثبتت نجاح المرأة كانتخابات الغرف التجارية وبعض الجمعيات". فالمرأة في المملكة لها حقوق حفظتها الشريعة الإسلامية وكفلها النظام، مع اعتراف بوجود اختلافات في طبيعة الرجل والمرأة وأوضح أن الدين الإسلامي جاء عادلاً في كل جوانبه فساوى المرأة مع الرجل في القيمة الإنسانية. وأوجب عليها العبادة مثل الرجل، كما أعطى الإسلام المرأة ذمة مالية مثل الرجل واعترف لها بأهلية إبرام البيوع والمعاملات المالية واثبت حقها في التملك، والميراث، كما حفظ للمرأة استقلال شخصيتها ونسبها فلا تفقد نسبها بزواجها، ومن جهته أكد أمين المنطقة الشرقية المهندس ضيف الله بن عايش العتيبي فيما يتعلق بمشاركة المرأة في الانتخابات البلدية المقبلة من عدمه، أنه حتى هذه اللحظة لم يبت في موضوع مشاركتها، مشيراً إلى أن مشاركة المرأة قرار سياسي يجب أن يصدر من مسؤول رفيع المستوى بالدولة، ولكن هل المرأة تشارك أو لا تشارك هذه التفاصيل ستكون واضحة بعد ما يتم إعلان البرنامج الانتخابات، وعلى الصعيد نفسه نفى مصدر مطلع بأمانة المنطقة الشرقية وصول أي خطابات من وزارة الشؤون البلدية والقروية فيما يتعلق بمشاركة المرأة من عدمها.