حذر الخبير بالشأن البيئي والسلامة الصناعية المهندس علي الحميد من أن حوادث الصهاريج المحملة بالمواد الكيميائية السائلة والتي كثرت مؤخراً قد تتسبب في تلوث التربة وهي مشكلة مقلقة للعالم أجمع حيث إن التربة الحاضنة للزارعة وبالتالي أي تلف في خصوبة التربة يعني نقص في الرقعة الزراعية ومزيد من المجاعات على المدى الطويل ، وقال المهندس الحميد: إن من أهم مسببات التلوث هي المواد الكيميائية السائلة المنقولة براً حيث إن الحوادث المرورية لوسائل النقل تسبب انسكاب المواد الكيميائية على التربة فإذا لم يتم معالجة الوضع بشكل سريع وفعال فإن هذه المواد تنتقل إلى طبقات التربة السفلية وتقتل الكائنات الحية فيها مما يعني قتل خصوبتها إلى الأبد، وتزيد المشكلة وتتضخم فيما لو وصلت هذه المواد الكيميائية إلى الطبقات الجوفية مسببةً تلوثاً للمياه الجوفية. ويضيف تعتبر المبيدات الحشرية من أشد المواد الكيميائية السائلة ضرراً على التربة خاصة إذا لم يتم تنظيفها بشكل عاجل وكمثال بسيط فإن مدينة بهوبال في الهند مازالت تعاني منذ قرابة 30 عاماً من تلوث تربتها ومحاصيلها الزراعية مما أدى لوفيات مستمرة إلى الآن وهذا التلوث نتج عن انفجار ضخم في مصنع يونيون كربايد للمبيدات الحشرية. وبين أن المواد البترولية (النفط الخام ومشتقاته مثل الديزل والإسفلت) تأتي في الدرجة الثانية من حيث الضرر نظرا لانتشارها الكبير ولكثرة حوادث الانسكاب فيها. وزاد بأن مثل هذه الانسكابات المتكررة قد تسبب تغيرا في مكونات التربة مما يجعلها غير صالحة للزراعة وإذا كان حجم الانسكاب كبيرا فقد يصل للطبقات الجوفية من الأرض. وفي المرتبة الثالثة تعتبر الأحماض والقواعد من المواد الكيميائية المسببة لتلوث التربة وهي على خطورتها إلا أنها تعتبر قليلة مقارنة بالمواد البترولية ، وأشهر الأحماض الملوثة للتربة هو حمض الكبريتيك الموجود في البطاريات حيث يعمد كثير من الناس وبعض المنشآت الصغيرة إلى التخلص منه بطريقة خاطئة بسكبه مباشرة على الأرض وعدم إرساله للمعامل المتخصصة بمعادلته وتخفيفه. وعن الطريقة المثلى لمعالجة ما تسببه حوادث الصهاريج يقول المهندس الحميد « من المؤسف أن ما يتم حاليا عند انسكاب مادة بترولية هو فقط دفنها حتى لا تشتعل وهذا يسبب مزيدا من التلوث، كما أنه في بعض الأحيان يقوم بعض العمالة بإفراغ حمولة شاحنته من بقايا الديزل أو النفط الخام في أي مكان بدون وجود مراقبة أو ردع لهذا التصرف . وقد شاهدت بنفسي عمالة أحد المقاولين يفرغ ما بقي من الأسفلت في أحد الأراضي البيضاء داخل حي سكني فقمت بإيقافه واستدعيت الجهات الأمنية الذين استغربوا طلبي في البداية إلا أنهم ألزموه بتنظيف المكان بشكل كامل وتمت معاقبة المقاول من قبل مندوب البلدية الذي حضر لاحقا. وطالب الخبير بوجود جهة متخصصة لمعالجة انسكاب «المواد البترولية» عند الحوادث أو غيرها تكون موجودة ومنتشرة في المملكة مثل انتشار الدفاع المدني والهلال الأحمر بحيث تعمل على معالجة الوضع سريعا وإزالة كل نتائج الإنسكاب قبل تفاقم الوضع ومعاقبة الجهة المتسببة بذلك ، ومن الأهمية بمكان أن تقوم هذه الجهة بمتابعة مواقع تخزين المواد الكيميائية وطرق نقلها واستخدامها والاحتياطات المتوفرة من قبل الجهة المالكة لهذه المواد حتى لا تكون البيئة في ذيل اهتمامات هذه الجهات. يشار إلى أن طريق الجبيل – الدمام قد شهد مؤخراً العديد من حوادث انقلاب صهاريج تكون محملة بالمواد الكيميائية السائلة مما قد يشكل خطراً يهدد السلامة البيئية.