«مورتز إيرهاردت» هذا هو اسم الشاب الذي أثار الرأي العام الأوروبي قبل يومين ويعمل في أحد المصارف البريطانية أثناء فترة العمل الصيفي. أثار الرأي العام بسبب وفاته أثناء تأدية العمل وبسبب عمله لمدة ثلاثة أيام متواصلة، ما سبب ردود فعل واسعة في أوساط الشركات المالية والمصرفية الأوروبية. ساعات العمل التي يقضيها الشباب العاملون في القطاع الخاص أثناء الإجازات الصيفية هي اثبات وجود لتأمين فرص وظيفية مناسبة لهم تضمن لهم الاستقرار. الأسئلة المتعلقة بطبيعة سوق العمل المحلي لم يعترف أحد حتى الآن بالتقصير فيه، أسئلة ليست لها اجابات، ولو تمت الإجابة عن الأسئلة منذ البدء لأمكننا تلافي معظم المشكلات التي وقعت وتقع وستقع مستقبلاً حتى تتوفر فرص عملية لحل هذه المشكلات، وهذه مهمّة مؤسسات وهيئات واستشاريين وخبراء وعاملين ومتضررين ! لا أعرف كيف يمكن المقارنة بين ما يحدث في أوروبا وطلابها ودارسيها وقطاعاتهم الخاصة وساعات العمل النظامية والقانونية وبين ما يحدث لدينا هنا. قد لا تكون أسباب وفاة «مورتز» هي فعلياً بسبب الأيام الثلاثة من العمل المتواصل، لكن لأنها أصبحت ظاهرة وتحديداً في قطاع الأعمال الأوروبية بسبب المنافسة للالتحاق ببرامج التدريب في البنوك الكبرى كما يقول «خبراء» في تعليقهم على الحادثة، لكنها ستؤخذ شاهداً على المنافسة وعلى عدم رحمة السوق وعلى ضيق الفرصة وعلى وجوب سن قوانين واضحة وملزمة لاتباع قوانين ساعات العمل وفرصه. في قطاع الأعمال الحكومي في الدول العربية أتذكر أن ساعات العمل الفعلية المرتبطة بالإنتاجية في إحدى الدراسات التي سبق أن اعلن عنها تتراوح بين ( 10 دقائق و30 دقيقة ) في يوم العمل الرسمي، لا أعرف إن كانت تغيرت هذه الأرقام (لم يتوفر في موقع منظمة العمل العربية أي إحصائية أو رقم ). خبراء في تعليق على حادثة «مورتز» يلقون باللائمة على مشرفي هؤلاء المتدربين الذين يجب أن يوقفوهم عن العمل كي لا يتعرضوا لمخاطر صحية. ساعات العمل هي مثار جدل دائم عالمياً على الأقل، وربما أيضاً مثار اهتمام منظمات عالمية في الوضع المحلي للعامل الأجنبي في سوق العمل العربي والذي يعاني من الفوضى منذ بدء»الطفرات» الاقتصادية التي أنتجت الحاجة إلى توفير عمالة أجنبية بدلا عن العمالة المحلية وما صاحب ذلك من تحول في سوق العمل الخليجي تحديداً إلى سوق غير منضبط من كل الجوانب. لا أحد يعرف ما القرارات التي يمكن أن تنظم سوق العمل ، الاجتهادات التي صاحبت بدء «مشروع» العمالة الأجنبية وتوفير فرص العمل لبعض المهن أفرطت السبحة « يبلغ حجم العمالة الوافدة ما يقارب 9 ملايين عامل رسمي» وتشير أرقام إلى أن هناك 7 ملايين أجنبي غير رسمي بمعنى أن ما يقارب نصف تعداد سكان السعودية عمالة أجنبية. بغض النظر عن الحاجة من عدمها إلى هذا العدد المهول والمخيف على كافة المستويات ما الآليات التي ستنظم العمل وحقوق العامل وواجباته ومسئولياته ونطاق عمله ...إلخ؟ ما هو الفارق بين طبيعة العمل في القطاعين الخاص والحكومي ومسئولية من أن يحصل المواطن السعودي على نفس الفرص وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص في الحقوق والواجبات «معظم القرارات التي شملت الموظف السعودي في القطاعين المدني والعسكري لم تشمل موظفي القطاع الخاص» ! إلى أي مدى يمكن أن يتم تطبيق قرار لائحة العمالة المنزلية (يتضّمن 30 مادة تهدف إلى تنظيم العلاقة بين صاحب العمل والعامل في الخدمة المنزلية وتتناول حقوق والتزامات طرفي العلاقة ) ومتى وكيف ؟ ما هي القرارات التي ستتبع تأجيل تصحيح وضع العمالة الوافدة بعد تأجيلها لمرتين متتاليتين، وهل ستكون هناك قرارات تحدّ من هذه الفوضى التي تم ارتكابها من كل أطرافها ؟ الأسئلة المتعلقة بطبيعة سوق العمل المحلي لم يعترف أحد حتى الآن بالتقصير فيه ، أسئلة ليست لها إجابات، ولو تمت الإجابة عن الأسئلة منذ البدء لأمكننا تلافي معظم المشكلات التي وقعت وتقع وستقع مستقبلاً حتى تتوفر فرص عملية لحل هذه المشكلات ، وهذه مهمّة مؤسسات وهيئات واستشاريين وخبراء وعاملين ومتضررين ! وفق قاعدة « على المتضرر اللجوء إلى القضاء» ! Twitter:@adel_hoshan