دعا رئيس الوزراء اليوناني أنتونيس ساماراس حكومته أمس إلى تسريع وتيرة الإصلاحات المتضمنة في برنامج التقشف بعدما اعترفت بلاده بأنها قد تكون في حاجة إلى حزمة إنقاذ جديدة بقيمة 10 مليارات يورو (13.3 مليار دولار). ومن المتوقع أن يتوجه مفتشون من لجنة الترويكا المؤلفة من «المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي» إلى أثينا مطلع سبتمبر لتحديد ما إذا كانت الحكومة قادرة على توليد عائدات مطلوبة للوفاء بالأرقام المستهدفة لميزانيتها لعام 2015 – 2016. اليونان يمكنها تحقيق فائض أولي في الميزانية هذا العام ونمو في 2014 إذا التزمت بالإصلاحات الاقتصادية لكن عودتها إلى سوق السندات سيشكل تحدياكان وزير المالية اليوناني إيوانيس ستورناراس صرح لصحيفة «بروتو ثيما» اليونانية بأن البلاد قد تطلب مساعدة اقتصادية أخرى في عام 2014، لكنها ستتألف من حزمة أصغر بشكل كبير عن حزمتي الإنقاذ الدوليتين السابقتين. ونقل عن ستورناراس قوله : «إذا كانت هناك حاجة لتقديم مساعدة أخرى لليونان، فستكون في حدود حوالي 10 مليارات يورو، أو أصغر من البرنامجين السابقين». كما استبعد وجود أي شروط تقشف جديدة مرفقة ببرنامج الإنقاذ، وقال: لن يكون هناك أي عمليات إلغاء جديدة لديون البلاد. كان وزير المالية الألماني فولفجانج شويبله اعترف الأسبوع الماضي بأن من المحتمل أن تكون اليونان في حاجة إلى حزمة إنقاذ ثالثة، وتعد ألمانيا المساهم الأكبر في هذا الخصوص. وحصلت أثينا على أول حزمة إنقاذ بقيمة 110 مليارات يورو كان تم الاتفاق عليها في مايو عام 2010، تلتها حزمة أخرى بقيمة 140 مليار يورو في عام 2012. وتبلغ قيمة القسط التالي من حزمة الإنقاذ لليونان 5.8 مليار يورو، وسيحق لليونان أن تحصل على مليار يورو أخرى في أكتوبر إذا أوفت بشروط الدائنين الدوليين. من جهة أخرى جددت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل رفضها للمطالب المنادية بشطب جزء آخر من الديون اليونانية. وفي مقابلة مع مجلة “فوكوس” الألمانية، الصادرة أمس قالت ميركل : ”أنا أحذر صراحة من شطب جزء آخر من ديون اليونان، لأن ذلك يمكن أن يكون له تأثير قطع الدومينو في إثارة الاضطراب الذي ينتهي بعودة مستوى استعداد مستثمري القطاع الخاص في منطقة اليورو (للقيام باستثمارات) نحو الصفر”. وحول إمكانية إقرار برنامج مساعدات جديد لليونان، قالت ميركل: “سنبحث في 2014، كما هو محدد، مسألة مستوى الديون في اليونان، وكذا الإصلاحات الهيكلية”. وأضافت المستشارة إنه حتى ذلك الموعد فإن اليونان لديها الكثير جدا لتفعله، كما أن عليها أن تواصل إصلاحاتها. من جانبه، أعلن فولفجانج شويبله وزير المالية الألماني إن حزمة الإنقاذ الثالثة لليونان ستكون أصغر من الحزمتين السابقتين. وعلى هامش فعاليات “اليوم المفتوح” للحكومة الألمانية، أوضح شويبله إن برنامج الإنقاذ الثالث لن يتضمن أموالا كثيرة كما هو الحال الآن ولم يبد الوزير مزيدا من التفاصيل. وقال شويبله : من “المرجح بقوة” تقديم مزيد من المساعدات لليونان العضو في منطقة اليورو التي تعاني أزمة ديون خانقة تهددها بالإفلاس، غير أنه طالب اليونان بأن تفي بالتزاماتها وأن تحقق فائضا أوليا. وأشار شويبله إلى أن مسألة حزمة الإنقاذ الثالثة ستتم دراستها والبت فيها قبل انتهاء حزمة الإنقاذ الثانية في نهاية 2014. وأضاف شويبله إنه لا يشاطر آخرين داخل الائتلاف الحاكم الرأي بأن إقرار حزمة إنقاذ ثالثة لليونان سيخفف من الضغوط على حكومة اثينا لمواصلة الإصلاحات. في الوقت نفسه أعرب شويبله عن رفضه مجددا لشطب جزء آخر من ديون اليونان، مشيرا إلى أن وزراء مالية اليورو كانوا قد أقسموا بعد أول شطب من ديون اليونان بأن يكون هذا الإجراء لمرة واحدة، وألا يتكرر أبدا، وفي السياق نفسه، قال مفوض الطاقة الألماني بالاتحاد الأوروبي جونتر أوتينجر : إنه يتوقع أن تزيد قيمة أي حزمة إنقاذ جديدة لليونان على عشرة مليارات يورو من حدة الجدل التي قد تؤثر سلبا على المستشارة الألمانية في الانتخابات المقررة الشهر المقبل. ورغم أن جونتر لا يتعامل بشكل مباشر مع القضايا الخاصة بديون منطقة اليورو إلا أن تعليقاته هي أوضح تصريحات يدلي بها مسؤول ألماني كبير بخصوص الحجم المحتمل لأي حزمة جديدة للانقاذ المالي منذ أن اثيرت هذه المسألة في الحملة الانتخابية الأسبوع الماضي. وأثار فولفجانج شويبله عاصفة من الجدل بعد أن قال بوضوح أكبر : إن اليونان ستحتاج إلى حزمة إنقاذ ثالثة، ومنذ ذلك الحين تسعى الحكومة إلى التقليل من شأن تصريحاته. واستغلت أحزاب المعارضة تصريحات شويبله، وقالت: إن ميركل تخفي المخاطر التي تنطوي عليها أي مساعدات جديدة قبل الانتخابات المقررة في 22 سبتمبر التي من المرجح أن تفوز فيها بفترة ولاية ثالثة، وألمانيا هي أكبر اقتصاد في أوروبا والأكثر تأثرا باليونان ويعارض الناخبون الألمان تقديم مساعدات جديدة لأثينا. وتظهر استطلاعات الرأي أن ميركل قد تخسر أصوات الناخبين إذا رأوا أنها ليست صريحة بخصوص المخاطر اليونانية. إلى ذلك، قال جورج أسموسن عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي في مقابلة صحفية : إن اليونان يمكنها تحقيق فائض أولي في الميزانية هذا العام ونمو في 2014 إذا التزمت بالإصلاحات الاقتصادية، لكن عودتها إلى سوق السندات سيشكل تحديا، وزار أسموسن أثينا الأسبوع الماضي للقاء عدد من كبار مسؤولي الحكومة من أجل الوقوف على الوضع الاقتصادي. وألقت توقعات بحزمة إنقاذ مالي جديدة لليونان بظلالها على الزيارة بعد تصريحات أدلى بها وزير المالية الألماني فولفجانج شويبله، وقال أسموسن لصحيفة تو فيما اليونانية : “يمكن تحقيق معدل نمو منخفض لكن إيجابي العام المقبل، لكن يتعين المضي قدما في الإصلاحات”. ونقلت الصحيفة في عددها أمس عن أسموسن قوله : “أتفهم الوضع السياسي الصعب والأغلبية الصغيرة في البرلمان، لكن يجب ألا يجري هدم ما تحقق مع هذا العناء السياسي حتى الآن. ما الحل البديل الذي يمكن التعويل عليه؟” وتلقت اليونان - التي تمر بعامها السادس من الركود - حزمتي إنقاذ منذ عام 2010 بقيمة 240 مليار يورو في صورة قروض من البنك المركزي الأوروبي والاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. وتواجه أثينا فجوة في التمويل تقدر بحوالي 11 مليار يورو في 2014-2015 بعد انتهاء برنامج الإنقاذ الحالي في النصف الأول من العام المقبل، وتعهد شركاؤها في منطقة اليورو بتقديم دعم إضافي حتى يتسنى لها العودة إلى الأسواق من جديد. وقال أسموسن : “لا شك في أن مستوى الدين سيرتفع في الأعوام المقبلة وسيشكل الدخول الكامل إلى الأسواق تحديا” لكنه أضاف إن التوقع بتقديم حزمة إنقاذ ثالثة أمر سابق لأوانه، وقال للصحيفة : “الحديث المتكرر عن خفض الديون لا يجدي نفعا، فهو يصرف أنظار جميع أصحاب المصالح عما بنبغي فعله في إطار برنامج التكيف الحالي. يجب علينا إنجاح هذا البرنامج”.