دعا صندوق النقد الدولي إسبانيا والاتحاد الأوروبي لاتخاذ "إجراء آخر حاسم" لخلق فرص عمل في الدولة التي يضربها الركود بعدما عززت بيانات البطالة الجديدة الآمال بتحقيق انتعاش أسرع. وقال صندوق النقد في تقييم سنوي إن إصلاحات سوق العمل والنظام المصرفي والمالية العامة التي تجريها إسبانيا تساهم في تصحيح “سريع” للاختلالات الاقتصادية وأضاف أن عملية التكييف على الرغم من ذلك “بطيئة وصعبة” في ضوء سبعة فصول متتالية من الانكماش وارتفاع البطالة. ويتوقع صندوق النقد أن ينكمش الاقتصاد الإسباني بنسبة 1,6 بالمائة هذا العام وأن يشهد ركودا العام القادم، على أن يشهد نموا بمعدل 0,3 بالمائة في العام التالي له إلى أن يرتفع إلى 1,2 بالمائة في عام 2018. وأوضح تقرير الصندوق أن التعافي سيتباطأ بسبب سياسات التقشف ومديونيات الشركات والأسر بينما لا تزال هناك قيود على الحصول على ائتمان. وتزامن التقرير مع صدور بيانات حكومية جديدة أظهرت أن عدد العاطلين عن العمل المسجلين رسميا في البلاد التي يضربها ركود تراجع بنسبة 1,4 بالمائة ليصل إلى 4,7 مليون عاطل في يوليو في تراجع للشهر الخامس على التوالي. وأعلن رئيس الوزراء ماريانو راخوي عن التراجع بشكل مسبق الخميس مستشهدا بأنه مؤشر على أن إسبانيا تخرج تدريجياً من تراجعها الاقتصادي الممتد منذ ست سنوات. ويرجع التحسن جزئياً إلى زيادة في عدد السياح خلال موسم عطلات الصيف. غير أن عدد العاطلين ارتفع بنسبة 2,4 بالمائة على أساس سنوي. ويضع مكتب الإحصاء “إيني” الذي يستخدم طريقة حساب أوسع عدد العاطلين عند نحو 6 ملايين عاطل ما يترك معدل البطالة عند 26,2 بالمائة في الربع الثاني متراجعاً من 27,1 بالمائة في الربع الأول. وتوقع صندوق النقد الدولي أن تظل البطالة فوق مستوى 25 بالمائة للسنوات الخمس المقبلة. وتشمل توصياته تقليل الازدواجية بين عقود العمل غير محددة المدة والعقود قصيرة الأجل وتحسين نظام الإفلاس للقطاع الخاص وتعزيز المنافسة. وأظهرت بيانات مؤخراً أن عدد العاطلين عن العمل في منطقة اليورو تراجع في يونيو للمرة الأولى منذ أكثر من عامين. وبلغ عدد العاطلين19,27 مليون عاطل في منطقة العملة الموحدة التي تضم 17 دولة بما يقل بمقدار 24 ألف شخص مقارنة بشهر مايو، وفقاً لمكتب الإحصاء الأوروبي “يوروستات”. وكانت المرة الأخيرة التي انخفض فيها الرقم في أبريل عام 2011 وظل عدد العاطلين يتزايد بشكل ثابت منذ ذلك الحين. وظل معدل البطالة لشهر يونيو عند مستوى مرتفع بشكل قياسي عند 12,1 بالمائة للشهر الرابع على التوالي. وفي الاتحاد الأوروبي الأوسع الذي يضم 28 دولة، تراجع معدل البطالة إلى 10,9 بالمائة مقارنة مع قراءة معدلة عند 11 بالمائة في مايو. وبلغ عدد العاطلين عن العمل في الاتحاد الأوروبي حوالي 26,4 مليون عاطل خلال يونيو بتراجع قدره 32 ألف شخص عن الشهر السابق عليه. وقال مكتب الإحصاء الإسباني “إيني” مؤخراً إن الاقتصاد الإسباني سجل انكماشا بنسبة 0,1 بالمائة في الربع الثاني من هذا العام مقارنة بالربع السابق عليه، ليسجل تحسناً بالمقارنة مع انكماش نسبته 0,5 بالمائة في الربع الأول. وعلى أساس سنوي تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1,7 بالمائة مقابل 2 بالمائة في الربع الأول. وعزا مكتب الإحصاء التحسن إلى ارتفاع الصادرات، وليس للطلب المحلي. ويشهد الاقتصاد الإسباني الآن ركوداً للربع الثامن على التوالي، لكن وتيرة الركود بدأت تتباطأ هذا العام، ما شجع الحكومة على أن تتوقع بزواله قريباً. ويتعرض رئيس الوزراء الإسباني لضغوط للتنحي وسط اتهامات بالفساد، لكن محللين يقولون إن الفساد أمر واسع الانتشار، وهو “جزء من النظام” في السياسة ودوائر الأعمال. وتفجرت أزمة عندما كشف أمين صندوق سابق بحزب الشعب المحافظ الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء ماريانو راخوي أنه كان ينقل رشاوٍ إلى قادة الحزب لمدة بلغت حوالي عشرين عاماً. وتردد أن راخوي كان من بين المسؤولين الذين يتلقون الرشاوي. وكشف لويس بارسيناس أنه جمع 48 مليون يورو (63 مليون دولار) خلال سنوات عمله كأمين صندوق. ونفى راخوي وحزبه تلك الاتهامات. ومن جهة أخرى أعربت مجموعة من الدول النامية تقودها البرازيل عن معارضتها الشديدة لمعالجة صندوق النقد الدولي لخطة الإنقاذ اليونانية، عبر رفضها توفير الدعم لآخر دفعة مساعدات إلى أثينا هذا الأسبوع. وقالت صحيفة أمريكية إن ممثل البرازيل في المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي امتنع عن التصويت لآخر مساهمات الصندوق في عملية إنقاذ اليونان بمبلغ 1.8 مليار يورو، وأصدر نقداً لاذعاً، بذريعة أن اليونان قد لا تكون قادرة على سداد قروض إنقاذها. وقال باولو نوغيريا باتيستا، الذي يمثل 11 دولة نامية في مجلس صندوق النقد الدولي، إن متاعب اليونان الاقتصادية والسياسية «تؤكد بعضاً من أسوأ مخاوفنا»، مضيفاً أن خبراء الصندوق الاقتصاديين ما زالوا يطرحون ملاحظات «مفرطة في التفاؤل» حول النمو الاقتصادي، وحجم دينها. موضحاً أن الشعور العام بأن المصاعب التي ترتبت عن سياسات التسويات القاسية لم تثمر بأي شكل من الأشكال، وأنها قوضت الدعم الشعبي للتسويات، ولأي برنامج إصلاحي. وكانت الدول النامية أعربت عن امتعاضها إزاء الحجم المفرط لمصادر صندوق النقد الدولي المخصصة لأزمة منطقة اليورو. غير أن امتناع باتيستا عن التصويت، وبيانه القاسي هما أشد المواقف حدة التي تم اتخاذها منذ بدء عملية إنقاذ اليونان منذ ثلاث سنوات. وتابعت الصحيفة قائلة إن ذلك يتزامن مع إصدار صندوق النقد الدولي تقريراً يدعو دول منطقة اليورو إلى تقبل مزيد من العبء بتوفير 11 مليار يورو أخرى لأثينا، ودفعهم إلى دراسة شطب المزيد من الديون لخفض مستوى دين اليونان إلى مستوى أكثر استدامة. وتأتي التحذيرات في غمرة حملة انتخابات وطنية في ألمانيا، حيث يتلاشى التسامح مع مزيد من الدعم وتقديم خفض لديون اليونان. وقالت إن ثاني خطة دعم لليونان ينقصها مبلغا نقديا بقيمة 11 مليار يورو، وإن حكومات منطقة اليورو مدعوة لسداد نصف قيمة هذا المبلغ قبل نهاية العام، وفقاً لما جاء في تقرير صندوق النقد الدولي في تقييمه الربعي لخطة إنقاذ اليونان.