الجمعة الماضية لم تكن جمعة عادية في مصر،إذ صادَفَت العاشر من رمضان الذي يوافق ذكرى حرب أكتوبر 73م، وقد استغل حزب الاخوان ومناصروه تلك المناسبة لحشد ما استطاعوا من قوة جماهيرية للمطالبة بعودة الرئيس المعزول محمد مرسي، ولا أعرف تحديداً لماذا اختار حزب الاخوان هذا التوقيت بالذات لحشد جماهيرهم ومناصريهم في أماكن مختلفة في مصر، ولا أعلم ما هو الرابط بين ما قاموا به وتلك المناسبة الوطنية والقومية الكبيرة، فتاريخيا حزب الاخوان المسلمين ليس له أي دور في تلك المعركة وذلك الانتصار فما الجدوى من التمسّح بتلك الذكرى ومحاولة استلاب بركاتها؟! كما أن تلك المعركة كانت في حينها تجسيداً حقيقياً لتوحد الشعب المصري خلف قيادته السياسية والعسكرية في ذلك الوقت، بينما ما يقوم به حزب الاخوان حاليا هو محاولة لشطر الشعب المصري إلى نصفين حتى ولو أدى ذلك إلى غسل شوارع المحروسة بدم أبنائها،على الأقل هذا ما ألمح له بعض من قيادة الحزب في خطبهم الجماهيرية المحرّضة. نذكر جميعاً أن الاخوان المسلمين كحزب التحق متأخراً في ركب الثورة الأولى في مصر في 25 يناير،بعد أن أدركوا أن سقوط النظام أصبح قاب قوسين أو أدنى، ونذكر جيداً تصريحات قادة ذلك الحزب حينها في أنهم لن يتقدموا للسلطة في حال سقط نظام حسني مبارك نذكر جميعاً أن الاخوان المسلمين كحزب إلتحق متأخراً في ركب الثورة الأولى في مصر في 25 يناير،بعد أن أدركوا أن سقوط النظام أصبح قاب قوسين أو أدنى، ونذكر جيداً تصريحات قادة ذلك الحزب حينها في أنهم لن يتقدموا للسلطة في حال سقط نظام حسني مبارك، وأنهم لن يسرقوا مشعل الثورة من إيدي صنّاعها الحقيقيين،ولكن ما ان سقط النظام إلاّ وكانوا أول القافزين على كرسي السلطة والمتكئين على مسنديه،وها هم الآن على استعداد للتضحية بآخر مواطن مصري من أجل الاحتفاظ بالسلطة. وبعيداً عن دعوى الشرعية والجدل الدائر حولها في مصر،لا شك أن حزب الاخوان المسلمين على امتداد الوطن العربي هو حزب سياسي أكثر من أنه حزب ديني عقائدي، فعلى امتداد تاريخه تميز ببراغماتية نادرا ما وجدناها لدى غيره من الأحزاب والتيارات السياسية الأخرى، فهو لم يكن ليتردد من التحالف مع خصومه وربما ألدّ أعدائه حتى وإن اختلف معهم عقائدياً من أجل التقدم ولو خطوة واحدة باتجاه السلطة،ولا ضير بعد ذلك من الإنقلاب عليهم وإزاحتهم عن الطريق ولو بالعنف، وهذا هو سرّ نجاح «إذا جاز ذلك الوصف» حزب الاخوان سياسياَ،إلاّ أن الملفت في هذا السياق أن هذا هو تحديداً السبب في فشل التيارات السياسية الأخرى، ففي حين فشلت هذه التيارات غير الدينية سياسيا نتيجة لتمسكها بمبادئها،ينجح تيار ديني سياسيا نتيجة لقدرته على التنازل عقائدياً!! من المثير فعلاً أن نجد أن التيارات السياسية التي لا تطرح طرحاً دينيا أكثر مصداقية والتزاماً بمبادئها من حزب الاخوان المسلمين الديني،علماً بأنهم لو فعلوا ما فعله حزب الاخوان من تلوّن حسب المصلحة والظرف لوجدوا لأنفسهم تبريراً كونهم يشتغلون في السياسة،والسياسة كما هو معروف يفوز فيها الأطول نفساً في الغوص ..في الوحل،إلاّ أن حزب الاخوان المسلمين في الوطن العربي أفضل من يجيد ذلك!