ظلت شركة مايكروسوفت الأميركية متربعة على عرش صناعة الحاسب الشخصي لخمسة وعشرين عاماً، منذ 1981م وحتى 2006م، مستغلة النجاح الساحق لنظام تشغيلها ويندوز Windows وحزمة التطبيقات المكتبية أوفيس Office. وعززت الشركة سيطرتها غير المسبوقة على القطاع بأنظمة وخدمات مؤسسية جعلت من مسألة منافستها في هذا القطاع ضرباً من الجنون! سيطرة مايكروسوفت واحتكارها للسوق انتهت فيما عرف وقتها بعصر ما بعد الحاسب Post-PC Era، والذي اتضحت معالمه بانتشار أجهزة الجوال وتحولها لأجهزة بديلة للحاسب من خلال قوتها وسهولة استخدامها، خصوصاً بعدما أطلقت شركة آبل Apple الأميركية نسختها الأولى من هاتف آيفون iPhone مطلع العام 2007م، وما تلاه من منتجات إبداعية مثل الجهاز اللوحي آيباد iPad وغيره من الأجهزة المتنقلة والذكية من آبل وشركات أخرى مثل جوجل Google و سامسونج Samsung. قبل أسبوع من اليوم أعلنت مايكروسوفت عن شطبها لمبلغ 900 مليون دولار - حوالي 3,4 مليار ريال - من قوائمها المالية كخسائر في المخزون نتيجة تكوم أكثر من 6 ملايين جهاز لوحي أنتجتها مايكروسوفت تحت مسمى Surface RT لم يرغب أحد في شرائها رغم التخفيض المستمر في سعره. هذا الفشل ترافق مع النتائج المخيبة للآمال من اختراق مايكروسوفت لصناعة الهواتف المتنقلة بنظام تشغيلها Windows Phone وتحالفها مع نوكيا Nokia. وما زاد الطين بلة إخفاق الشركة في إنعاش سوق الحاسب الشخصي من خلال نظام تشغيلها غير الشعبي ويندوز Windows 8 الذي لم يساعد حلفاء مايكروسوفت المصنعين للحاسبات الشخصية مثل HP و Dell وغيرهم في رفع الطلب المتناقص على أجهزة الحاسب الشخصي. كيف لشركة مثل مايكروسوفت أن تخفق في التنبؤ بحجم الطلب الفعلي على جهازها اللوحي رغم قدراتها التنظيمية والمالية الجبارة لتحقق خسارة مخجلة تقارب المليار دولار؟ تضاربت تفسيرات الخبراء في تفسير ذلك، ولكن الجميع يتفق أن مايكروسوفت بسياساتها السابقة تقترب أكثر من كونها لاعباً هامشياً في صناعة المعلومات والحاسب، وأننا نشهد بدايات أفول نجم هذا العملاق. على الرغم من ذلك، لا تزال مايكروسوفت تتمتع بأرباح جيدة، متجاوزة 6 مليارات دولار في آخر ربع سنة، كما أن لديها ملاءة مالية «قد» تساعد على تجاوز محنتها العصيبة. كما أن بارقة الأمل لمستقبلها تمثلت في أكبر عملية إعادة هيكلة في تاريخ الشركة أعلن عنها الرئيس التنفيذي لمايكروسوفت ستيف بالمر لأكثر من مائة ألف موظف؛ لإعادة تحديد استراتيجية مايكروسوفت لتحقيق هدف موحد عبر تنظيم جديد، والتخلي عن التنظيم الإداري الذي شتت الجهود عبر قطاعات مختلفة إلى تنظيم أكثر توحداً، يشبه إلى حد بعيد شركة آبل - عدو الماضي والحاضر والمستقبل! فهل ستتجاوز مايكروسوفت أخطاءها كما حصل عندما غفلت عن ثورة الإنترنت أوائل التسعينات؟ أم أننا نشهد بالفعل انهيار عملاق برمجيات الحاسب كمؤشر منطقي لموت صناعة الحاسب الشخصي؟ www.alkelabi.com twitter | @alkelabi