لفت أحدهم انتباهي لخبر نسب لرجل الأعمال البارز صالح كامل عن اعتزام غرفة جدة إطلاق برنامج لاستقبال طلبات الباحثين عن العمل من الوافدين المصححين أوضاعهم، وأن البرنامج يستهدف نصف مليون وافد عاطل. لماذا تتولى الغرفة التجارية وفي جدة ذلك الأمر؟ بل لماذا يتولاه حتى مجلس الغرف؟ وكيف يكون العامل الوافد قد «صحح أوضاعه» دون أن يكون لديه كفيل؟! إن لم يكن لديه كفيل فهو -أي العامل الوافد- لم يصحح أوضاعه! تصور أن نقيم في «بيت التجارة» يوماً مفتوحاً لتوظيف العمالة الوافدة العاطلة، هل ستنقلب الغرف إلى وكالات استقدام؟ لعل الجهة الملائمة هي وزارة العمل وبوسع الوزارة تكليف مكاتب الاستقدام وخصوصاً الشركات الجديدة، فهذه الشركات لديها الامكانات -أو يفترض أن يكون لديها- للتعامل مع الأعداد الكبيرة من الوافدين لانهاء أوضاعهم إما مغادرةً أو «جمع رأسين بالحلال»، بحيث تضع الوزارة اجراء محدداً لتوظيف العمالة غير النظامية، فالمحذور أن العامل قد ينتقل إلى «كفيل» لمجرد أن يصلح أوضاعه وليكف الملاحقة عنه لكن الحقيقة هي أن الكفيل الجديد لا يملك له عملا! وهكذا، فالعمالة غير النظامية ليست مغنماً أو فرصة، بل هي عبء ثقيل على الاقتصاد المحلي؛ فكل عامل وافد اضافي ليس له عمل يمثل مشروعاً للتستر أو للتكسب غير المشروع. ولذا فإن الحملة التي أطلقت لتصحيح أوضاع العمالة ستجهض إن كان كل منا يشعر أن أمامه مسئولية تاريخية بايجاد فرص عمل لكل الوافدين الذين أتت شريحة واسعة منهم أصلاً على تأشيرات حرة وجالوا وصالوا في طول البلاد وعرضها ومارسوا كل الأعمال الحرة.. أقول: ان من ليس له عمل يجب أن يغادر، وذلك لاعتبارات، ومنها: 1-إن البطالة بين العمالة الوافدة نتجت عن أنهم استقدموا في الأصل على تأشيرات حرة أي من قبل «كفال» لا يملك أعمالاً بل يملك تأشيرات، ويتمحور دوره في أن يستقدمهم ويجمع منهم الاتاوة فقط وبذلك خلق هؤلاء «الكفالون» اشكالية عويصة للبلاد ولاقتصادها في سبيل أن يجمعوا اتوات! 2-ان وجود عمالة وافدة عاطلة يمثل عبئا على سوق العمل واقتصادنا الوطني باعتبار أن ذلك سيفاقم مستوى البطالة عندنا، فتصور أن لديك -فعلياً- مليونان أو ثلاثة ملايين من سكان البلاد يبحثون عن عمل؟ ما انعكاس ذلك على المؤشرات الاقتصادية بما في ذلك مؤشر البطالة، وعلى فكرة فبما أنهم يقيمون إقامة نظامية ويبحثون عن عمل وسيقبلون بالأجر فعلينا احتسابهم ضمن احصاءات البطالة، وهنا ينطبق المثل الشعبي «يا من شرا له من حلاله علة»! 3- ان وجود أعداد كبيرة من الوافدين العاطلين غير المنتجين سيفاقم ويؤثر سلباً على انتاجية العامل المتدنية أصلاً في البلاد. ولذا، فأتمنى أن ترفع الغرف السعودية يدها عن أمر العمالة الوافدة غير النظامية، وأن تسند وزارة العمل الأمر لشركات الاستقدام لاستيعاب من يصلح وفق لائحة معينة وخلال مدة معينة وبعد الاطمئنان أن صاحب العمل المتقدم لديه عمل وليس مجرد غطاء طفيلي جديد لتستر جديد. وبالقطع ليس مقبولاً ظلم العامل الوافد لكن ليس عدلاً كذلك أن ندخله غصباً في «حلق» اقتصادنا السعودي المتخم عمالياً والمرهق انتاجياً. تويتر: @ihsanbuhulaiga