أضم صوتي إلى صوت جاري العزيز محمد البكر، الذي قال أمس إن من الظلم أن يدفع المواطن ثمن خيبة وزارة التجارة وجشع التجار وفلسفة المحللين. والمناسبة هي هذه الدعوى التي يرفع عقيرتها البعض منذ سنوات بأن أية زيادة في الرواتب سيعقبها حتما زيادة في أسعار السلع. أي أن التجار، لا هنيئا ولا مريئا، سوف يمتصون هذه الزيادة وستصبح كأنها لم تكن، وبالتالي فلا داعي لها. والحق الذي هو أحق أن يتبع أن التجار مناشير طالعة نازله، سواء زدنا الرواتب أو تركناها على حالها أو حتى لو تخيلنا أننا خفضناها، فالتاجر الذي نراهن على ذمته أندر من لبن العصفور هذه الأيام. والتجار، كما هو معروف، شطار ودهاة ولا يحد من شطارتهم ودهائهم إلا القوانين المطبقة فعلا على مخالفاتهم وجشعهم وجيوب دكاكينهم. ونحن هنا في المملكة، والحمد لله ، أسقينا التاجر الشهد وأسقينا المستهلك المر، إلى درجة أننا بنينا للتجار غرفا تجارية بقرون وأبقينا المستهلكين طي الجمعيات الاجتهادية البائسة التي يضحك منها التجار إذا خلوا إلى مجالسهم وملايينهم. وأنا شخصيا شاهد حي على اللعب بأحوال وأعصاب المستهلكين من وزارة التجارة وإدارتها أو وكالتها لحماية المستهلك أو المستهلَك. وشهادتي كانت ولا تزال قائمة منذ أكثر من خمس وعشرين سنة، حين بدأت عملي الصحفي في صحيفة الرياض، وشاركت في نقل أخبار وصور عن إجراءات حماية المستهلك التي تموت مثل الخفافيش بمجرد اقترابها من نار الأسواق الملتهبة. ولذلك أعتقد أن على الأجهزة الرسمية المعنية وأفواه المحللين، قبل أن تفتي بفتواها الغريبة عن مصير زيادة الرواتب، أن تدرس وتحلل بجدية وإرادة حقيقية علاقة المستهلك والتاجر وتضع القوانين والآليات التي تحد من غلواء التجار وافتراءاتهم. وفي هذه الحالة فقط يمكننا أن نزيد الرواتب باطمئنان لأن هذه الزيادة، ستأمن تضخمات الفوضى، وستكافح التضخم الطبيعي الذي يحدث في كل بلدان العالم. تويتر: @ma_alosaimi