اختتمت في نهاية الأسبوع الماضي فعاليات لقاء الخطاب الثقافي السعودي الثالث الذي نظمه مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني تحت عنوان “القبلية والمناطقية والتصنيفات الفكرية وأثرها على الوحدة الوطنية “. بداية لابد هنا الإشادة بالجهود التوفيقية والتنويرية التي يسعى مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني إلى تحقيقها على مستوى الحوار الوطني وتقريب وجهات النظر الفكرية والعقائدية في كافة مناطق المملكة. لكن لو نظرنا بعين فاحصة على فعاليات تلك الحوارات بمختلف عناوينها السابقة والحالية نجدها انها ما زالت تدور في فلك النخبوية تبعاً لنوعية المشاركين والمشاركات في فعاليات تلك الحوارات الوطنية ما يستلزم في الحوارات المقبلة إشراك شخصيات اجتماعية مؤثرة من غير النخب الثقافية والإعلامية والأكاديمية والاستماع إليها بلغتها القبلية والمناطقية والفكرية حتى لو كانت معوجة وغير منطقية وشاذة وصادمة ! نعم بداية حل المشكلة ليس استمرار الحوار مع الأنساق الفكرية السوية فكرياً واجتماعياً وقبلياً وعقائديا إنما كشف الغطاء بجرأة متناهية عن الأصوات الاجتماعية المؤثرة والمساهمة في استشراء القبلية والمناطقية والتصنيفات الفكرية الاقصائية. سيبقى صوت القبلية والمناطقية متقداً في الوجدان الجمعي لأفراد المجتمع لأنه في بعض الأحيان يمثل الأمان النفسي وبحكم الأنساق الفكرية المسيطرة على مفاصل المشهد الاجتماعي السعودي، سيبقى صوت القبلية والمناطقية متقداً في الوجدان الجمعي لأفراد المجتمع لأنه في بعض الأحيان يمثل الأمان النفسي والانتماء التفاخري إلى دائرة اجتماعية أكبر من دائرة الأسرة، والسؤال هنا : كيف نؤسس لثقافة فكرية واجتماعية تحد من جذوة هذا الاستقطاب الفكري السالب الذي يفت في عضد الوحدة الوطنية. لربما من أبرز مكونات هذه الثقافة التي علينا دعمها إعلامياً وتربوياً وفكرياً على العموم هي محاولة تكثيف وضخ الصوت المدني المحايد في شرايين ومفاهيم وممارسات القبلية والمناطقية، ولن نستطيع بتوسيع دائرة الصوت المدني / الحضاري التنويري إلا بالإكثار من تأسيس المؤسسات المدنية الثقافية والفكرية والسماح لها بالعمل بحرية، والحرص على إعطائها فترة زمنية كافية لمرحلة التجريب والتبرعم الفكري، لكن الأهم هو تسليم دفة قيادة تلك المؤسسات لمن هم أبعد ما يكون عن المناطقية والقبلية والعقادئدية. خلك مدنيا تسلم، وهذا الاتجاه الذي من الأحرى توجيه بوصلتنا إليه كما مارسته ودرجت عليه الشعوب والأمم الأخرى الحية. ولكن الأهم هو تسليم دفة قيادة تلك المؤسسات لمن هم أبعد ما يكون عن المناطقية والقبلية والعقادئدية. خلك مدنيا تسلم، وهذا الاتجاه الذي من الأحرى توجيه بوصلتنا إليه.