رغم أن موجة الاحتجاجات غير المسبوقة التي هزت البلاد اضعفتها، تبدو الحكومة التركية مصممة على مواصلة عملية السلام "التاريخية" التي بدأتها الشتاء الماضي مع المتمردين الأكراد، وتواجه صعوبات، إلى نهايتها. ومنذ بدايتها في 31 مايو، أحالت الاحتجاجات على رئيس الوزراء النزاع الكردي الى المرتبة الثانية. وقد حرص رجب طيب اردوغان بنفسه على التذكير برغبته في انهاء نزاع اسفر عن سقوط اكثر من أربعين ألف قتيل منذ 1984. وقال خلال لقائه الاسبوعي مع نواب حزبه الثلاثاء: "لا شيء يستطيع أن يغيّر مسارنا. عملية السلام ستستمر". ويأتي هذا التذكير من اردوغان بينما ظهرت أولى العقبات في طريق السلام منذ وقف إطلاق النار أحادي الجانب الذي أعلنه في 21 مارس زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان من سجنه. ففي 21 يونيو، استهدفت مروحية للجيش بعيارات نارية فوق جنوب شرق البلاد. ونسبت السلطات الهجوم إلى حزب العمال الكردستاني. وبعد ذلك عبّر رئيس الحكومة ضمنا عن استيائه من التأخير في عملية انسحاب المقاتلين الأكراد الذي بدأ في مايو إلى قواعدهم الخلفية في شمال العراق. لكن الحادث الأخطر كان مقتل شاب كردي الأسبوع الماضي برصاص الجيش خلال مشاركته في تظاهرة احتجاج على بناء مقر جديد للدرك في بلدة ليجي قرب دياربكر، مما أدى إلى تصاعد التوتر. أحالت الاحتجاجات على رئيس الوزراء النزاع الكردي الى المرتبة الثانية. وقد حرص رجب طيب اردوغان بنفسه هذا الاسبوع على التذكير برغبته في إنهاء نزاع أسفر عن سقوط اكثر من أربعين ألف قتيل منذ 1984. وتلت الحادث تظاهرات في المناطق ذات الغالبية الكردية رفعت خلالها شعارات معادية للحكومة، ذكرت بتلك التي اطلقت في الأسابيع الأخيرة في اسطنبول ثم في انقرة في أوج الحركة الاحتجاجية. وفي الوقت ذاته عزّز النواب الأكراد ضغوطهم على السلطة لتبدأ بلا تأخير المرحلة الثانية من عملية السلام أي الاصلاحات المنتظرة لتوسيع حقوق الأقلية الكردية. وقال وزير الداخلية التركي معمر غولر: إن العملية لم تؤد الى نتائج حتى الآن. واضاف: إن "الشروط المطلوبة لبدء لمرحلة الثانية لم تتوفر بعد"، موضحا أنه لم يغادر كل المقاتلين الأكراد تركيا بعد. ودعا اردوغان بنفسه إلى "الصبر" لإنهاء النزاع المستمر منذ ثلاثين عاما. لكن الأكراد يكاد صبرهم ينفذ. وقال صلاح الدين دمرتاش أحد رئيسي الحزب الكردي للسلام والديموقراطية :إن "الوقت ينفد. حزب العمال الكردستاني وفّى بوعده والآن على الحكومة تسوية القضية الكردية في العمق". وحتى الآن، تكتمت الحكومة الإسلامية المحافظة على نواياها. وقد تحدثت عن "تعزيز الحريات الفردية" لكنها حرصت على الامتناع عن الرد على المطالب الكردية بشأن اعتراف واضح بهويتهم في الدستور أو تعليم اللغة الكردية في المدارس الحكومية. أمّا بشأن اوجلان الذي يمضي عقوبة بالسجن مدى الحياة، فرفضها واضح. فمن غير الوارد اطلاق سراح رجل ما زال عدد كبير من الاتراك يعتبرونه "ارهابيا" او "قاتل اطفال"، او نقله إلى الإقامة الجبرية. لذلك بدأ البعض يخشون أن ينتهي هذا الجهد الجديد للسلام بالفشل، مثل العمليات السابقة.