إن مرور ثمانين سنة من تاريخ حزب «الإخوان المسلمين» في المشهد السياسي والاجتماعي في مصر وخارجها، هل سقط وانتهى مع اعلان وزير الدفاع المصري: عبدالفتاح السيسي تعطيل الدستور مؤقتاً وعزل الرئيس محمد مرسي عن الرئاسة؟ ربما يكون السؤال شائكاً ومربكاً خاصة مع وجود نظرتين متضادتين من قبل أنصار الاخوان والمعارضين لهم، ولكن الأمر لن يقف على فكرة السقوط من عدمها، والخشية أن الأمر قد يأخذ مساراً خطيراً باتجاه الرد المضاد أو الانتقام أو العنف، ولكن أي عنف سيكون وبأية طريقة؟ ليس من شك أن جماعة «الإخوان المسلمين» لديها رصيد تعاطفي من ملايين الناس في الشارع العربي والمصري، وهذا طبيعي في قلوب تتعاطف مع كل من يرفع شعار الدين الإسلامي، ولكن ليست المسألة في من يتعاطف مع من يكره، وليست المسألة في حدوث انقلاب وخروج عن الشرعية، بل هل ما حدث سيحدد مستقبل الاتجاهات والأحزاب، وخاصة ما يسمى بالإسلام السياسي؟ هل تحجيم الإسلام السياسي المتمثل في جماعة «الإخوان المسلمين» سيفتح مجالاً للشعوب لتأخذ حقوقها وتعيش بحرية وكرامة؟ هل تحجيم الإسلام السياسي سيقطع كل عناصر الاستبداد أم أنه سيفتح مجالاً واسعاً للفكر المضاد ليأخذ الجولة ويحكم من خلال منظار فكره وأيديولوجيته؟ نحن في زمن «سقوط النخبة وبروز الشعبي»، وهذا ما تحقق بالأمس في مصر، ولكن: هل الشعبي قادر أن يكون بديلاً؟ هل الشعبي قادرٌ على بناء مؤسساته وصناعة رموزه وقياداته؟ أم أنه سيكرر ذات الخطأ ويتعاطف مع من يرفع شعارات التدين والديمقراطية؟ هل الشعبي يملك رؤيته أم أنه سيبحث عنها في الشرق أو في الغرب؟ نحن في زمن «سقوط النخبة وبروز الشعبي»، وهذا ما تحقق بالأمس في مصر، ولكن: هل الشعبي قادر أن يكون بديلاً؟ هل الشعبي قادرٌ على بناء مؤسساته وصناعة رموزه وقياداته؟ أم أنه سيكرر ذات الخطأ ويتعاطف مع من يرفع شعارات التدين والديمقراطية؟ هل الشعبي يملك رؤيته أم أنه سيبحث عنها في الشرق أو في الغرب؟ وإذا قلنا: إن الشعبي بحاجة لفرصة ليبحث ويؤسس فإن الوقت لن ينتظر، والأطراف المتربصة لن تدع له وقتاً للتفكير، فهل ستعود مصر الشعبية للفوضى؟ إن سقوط «الإخوان المسلمين» أو أي حزب يعد أمراً حتمياً لعدة اعتبارات منها: • بنية الأحزاب ومنها الأحزاب الإسلامية التي لا تقاوم طعم السُلطة وسريعاً ما تأتي لقطف ثمرة إظهار الحزب وأفكاره ورموزه على ما تريده الشعوب. • عدم وجود مؤسسات مستقلة فاعلة في الحياة السياسية والثقافية وهذا ما سيجعل الفجوة والانحدار نحو الفوضى أمر حتمي. • الارث التاريخي الثقيل الذي يرهق كاهل الأمة، متجاوراً مع رداءة التعليم ووجود بطالة للشباب العربي بالملايين يجعل من الصعب الوصول لحالة توافقية في وقت سريع. • جعل الشباب مجرد أقنعة أمامية تخرج في الميادين لإسقاط الرموز، ثم ستصل تيارات أخرى من خلف هؤلاء الشباب. إذا كانت مصر حسمت أمرها بإقصاء حزب «الإخوان المسلمين» من الحياة السياسية، ومع فكرة الأحزاب عموماً، فهل ستستطيع أن تعبر إلى المجتمع المدني بكل أريحية وسلاسة، أم أن مخاضاً عسيراً ينتظرها؟ لا أشك أن لديها القدرة والقابلية التي لن تقف في حدود مصر وحدها، ولكن شريطة أن لا تعود القهقرى لأدبيات الفكر القائم على التعاطف والإقصاء، وإنما فكر الحقوق والضمير الإنساني الذي يشمل الجميع. تويتر : @saldhamer