دعونا نتابع هذه الخطوات عن قرب. تسع سنوات منذ أن أقر مجلس الوزراء الاستراتيجية العامة لتنمية السياحة الوطنية والتي تضمنت تحسين مراكز الخدمة على الطرق الإقليمية، ليتم بعدها رفع توصيات اللجنة الوزارية المشكَّلة «بتشديد الكاف» لكي لا نقع في «مشكلة»، لدراسة تحسين وضع مراكز الخدمة ومحطات الوقود على الطرق الإقليمية. مجلس الوزراء يقر «أن تعد وزارة الشئون البلدية والقروية خلال ستة أشهر من تاريخ صدور القرار برنامجاً شاملاً لتحسين وضع مراكز الخدمة ينفذ خلال سنتين قابلة للتمديد. السؤال هل كان ولا يزال من الصعب على هيئة السياحة وضع برنامج عاجل ليكن برنامج «طوارئ» يستهدف أربع طرق رئيسية وعدد 10 محطات، بهذه السهولة يمكن التحديد، وبالتالي وضعها على قائمة التطوير وترشيحها كمحطات معتمدة لعلامة جودة سياحية وإعطاؤها امتيازات وتسهيلات لتسويقها في البرامج السياحية؟ تتولى وزارة الشئون البلدية والقروية بالتنسيق مع الهيئة العامة للسياحة والآثار «برنامج تحفيز» للمستثمرين وبرنامج امتياز كامل وتوطين الوظائف وتأهيل المنشآت وإعطاء المستثمرين مهلة سنتين. في حديث مباشر قبل أكثر من عامين أشار رئيس الهيئة العامة للسياحة أن من أهم ما يقلقه شخصياً وضع استراحات المسافرين وخدماتها وأنه قلق مما هي عليه، وأنها تشغله ويعمل مع فريق كامل على وضع خطة لتطوير وتعديل وتغيير وضع هذه الاستراحات. شخصياً أثق وأعرف أن رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار صادق وحريص وعمليّ لكن كل هذا الموقف الشخصي لن يغير من الأمر شيئا بالنظر إلى التعقيدات التي تطال معظم المشاريع السياحية والتداخل الغريب والمعطّل لتنمية وتطوير بعض المرافق بين أكثر من جهة لبدء بعض البرامج الضرورية والملحة. أنا هنا لا أدافع عن الهيئة بل ألومها بالمناسبة. ولا أدافع عن رئيسها بل أوصل له رسالة أتمنى أن تكون في غاية الوضوح والصدق. ما الأسباب التي جعلتنا ننتظر تسع سنوات من أجل وضع خطة قابلة للتنفيذ من أجل تطوير أو تغيير وضع الخدمات المقدمة للمسافر ولو في جزء بسيط من خارطة الطرق الإقليمية والدولية؟ هل أعاقت جهات أخرى عمل برنامج التطوير؟، ما الصعوبات التي تجعلنا على قائمة الانتظار كل هذه السنوات؟. تعرف الهيئة ويعرف رئيسها أن وضع استراحات ومحطات الطرق من أسوأ المرافق الموجودة في العالم دون مبالغات، وسبق أن تم تداول مقطع فيديو لحجاج أو معتمرين خليجيين قدر الله عليهم ووجدوا انفسهم مضطرين لاستخدام هذه المحطات والاستراحات وتابعنا مثلما عانوا هم الفظاعات التي عاشوها مع عائلاتهم في إحدى هذه الاستراحات! ومنذ ذلك الوقت وقبله لا تزال استراحات الطرق في أسوأ حالاتها. السؤال هل كان ولا يزال من الصعب على هيئة السياحة وضع برنامج عاجل ليكن برنامج «طوارئ» يستهدف أربع طرق رئيسية وعدد 10 محطات، بهذه السهولة يمكن التحديد، وبالتالي وضعها على قائمة التطوير وترشيحها كمحطات معتمدة لعلامة جودة سياحية وإعطاؤها امتيازات وتسهيلات لتسويقها في البرامج السياحية؟ هل كان من الصعب الاتفاق مع أي وزارة معنية بوضع برنامج عاجل وقابل للتنفيذ لتطوير هذه المرافق وفق خطة محددة وعاجلة؟ المستثمر في هذه المرافق هو في الحقيقة مستثمران في الغالب، أحدهما صاحب العقار «المؤجر» والثاني المستأجر، وينقسم الثاني إلى عشرات المستأجرين (بنشر، زينة، تسجيلات، وقود، وجبات سريعة، مطعم، ومنامات...!). في هذه المحطات الشيء الوحيد الذي يمكن أن تطمئن إليه هو الوقود، وبقية الخدمات أدنى من الصفر عدا هواء الإطارات الذي تضخه «ماكينة» لا علاقة لها بالقدور ولا بفرش النوم. الأنظمة الهشّة يمكن من خلالها تمييع التنمية بشكل ما، وتعطيلها والعمل عليها ... إلخ. لكننا نعرف ونتوقع أن متطلبات الحياة البسيطة لا تحتاج كل هذا الركض في مضمار الخطابات واللجان والموافقات والتقارير والجلسات والتصاريح. محطات الطرق ليست الوحيدة في تنمية السياحة وتعطيل تطوير هذه المرافق لا ينكر أن للهيئة خطوات مهمّة في حقول مختلفة قد لا يلمسها المواطن بشكل مباشر، لكنها تبقى ندبة سيئة في وجه السياحة والخدمات المحلية المتروكة للمستثمرين ك «الحبل على الغارب» والشواهد مثلها أكثر من أن تحصى. Twitter:@adel_hoshan