الفرق بين مسئول وآخر لا يكمن في شخصيته فقط بل وأيضاً فيمن حوله من مساعدين ومدراء وطاقم سكرتارية متنوع . كم من مره طلبت مقابلة مسئول ما وحيل بينك وبينه لأي سبب ومن ذلك أن يقول لك أحد المحيطين به اكتب ما تريد وسيطلع عليه . وحين تفعل ستجري الأمور بالطريقة الاعتيادية المزعجة التي يتم بها التعامل مع أي خطاب تكتبه . وقد ينتهي الأمر بخيبة كبيرة . لماذا لأن بعض الأمور تتطلب أن يسمعك الطرف الآخر مباشرة ويحس بك لا أن يتعامل مع ورق . وفي مثل هذه الحالات قد تلجأ للإلحاح في طلب ذلك المسئول لتتحدث إليه وجهاً لوجه أو على الأقل هاتفياً . وهنا سيتضح لك أين كان الخطأ أهو من الرجل المعني بالأمر أو أن الخلل في شخصيات الحجاب مهما اختلفت تسمياتهم الحديثة فقد يكون مدير المكتب أو السكرتير الأول أو العاشر . هنا ستعرف إن كانت تصرفاتهم مملاة عليهم من قبله أم أنهم يتصرفون كذلك من تلقاء أنفسهم . فهناك من يوصي موظفيه وجدت أن من تسمع عن تجبره وعدم تواصله مع الآخرين هو في الحقيقة يختلف تماماً عما يشاع عنه لأن ما يشاع هو من صنع الذين يتولون القيام بدوره نيابة عنه دون علمه. ولذلك أجد أنه من المهم جداً أن يترك كل مسئول لنفسه مساحة من الحرية يتصرف بها من تلقاء نفسه لا من اقتراح من حوله. بالصد والرد وهناك من يوصيهم بكل ما هو جميل وهناك من يستسلم لمن حوله استسلاماً كاملاً وينقاد للقوانين المكتبية التي يضعونها وهناك من لا يفعل ذلك بل ولا يكتفي بذلك بل يجعل لنفسه أسلوباً خاصاً به ومبادرات شخصية في تعامله مع الآخرين فيحب الناس ذلك التصرف ويقدرونه لأنه يعطي مؤشراً قوياً عن جانب من طبيعة ذلك الشخص . وهذا الجانب يستنكف كثير من المسئولين أن يقوموا به لأسباب كثيرة ترتبط بقناعاتهم الخاصة أو بتعاليم من حولهم ممن يندسون أحياناً بين المرء وجلده . وقد عايشت شخصياً كثيراً من هذه المواقف مع بعض المسئولين ومع من يعملون في إداراتهم ووجدت تلك العينات البشرية التي تتشابه ووجدت أيضاً أن من تسمع عن تجبره وعدم تواصله مع الآخرين هو في الحقيقة يختلف تماماً عما يشاع عنه لأن ما يشاع هو من صنع الذين يتولون القيام بدوره نيابة عنه دون علمه . ولذلك أجد أنه من المهم جداً أن يترك كل مسئوول لنفسه مساحة من الحرية يتصرف بها من تلقاء نفسه لا من اقتراح من حوله . خطر هذا بذهني وأنا اقرأ تعليقات الناس أحياناً على تغريدات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي وآخرها أنه قام بالاتصال بالخريجين الأوائل في الثانوية العامة ليبلغهم خبر نجاحهم المتميز ويعيش معهم لذة ثمرة الجهد والعناء . تصرف في غاية البساطة والإنسانية ولكنه يعني الكثير للطرفين معاً الحاكم والطالب . وأثره لا يتوقف عندهما فقط بل يتعداهما إلى كل من حولهما من الموظفين وإلى أفراد المجتمع بشكل عام فكثير من الناس يجهل قيمة هذه التصرفات البسيطة رغم تكرار مشاهدتها من قبل قلة قليلة من المسئولين على اختلاف مستوياتهم فقد تجد مثلاً سكرتيراً عاشراً في مقر حكومي يتعامل مع الآخرين وكأنه سلطان زمانه !! ومن كان هذا شأنه كيف سيكون حال تعامله مع الناس في المكتب وكيف سيكون حديثه وتعامله مع الرجل الأول في دائرته وما هي الاقتراحات التي يمكن أن يقدمها لرب العمل ؟!! مثل ذلك عندما يقوم وزير دولة بركوب دراجة ليذهب إلى مقر عمله كما يفعل كل الناس لأنه يعرف أن الامتياز الوظيفي أو الاجتماعي لا يعني الغاء نقاط التقارب الرسمية والإنسانية مع الآخرين . Twitter: @amalaltoaimi