عندما يخطئ شاب وفتاة في سيارة بموقف سيارات أو في خلوة بمركز تجاري تجد الصحف الإليكترونية قبل الورقية بطبيعة الحال تتسابق لإعلان الخبر في حرب محمومة على مواقع التواصل الاجتماعي لتوثيق نسبته إليها، ولم يعد للمثل الشعبي «يا خبر بفلوس بكرة يصير ببلاش» أي قيمة لأن الخبر صار مجانياً قبل أن يطلع بكرة! نريد من رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نظرًا لتماسهم مع المجتمع بفئاته، مع أخطائنا وعيوبنا ومعايبنا ومناقصنا وبؤر ضعفنا أن يتحلوا بالوعي ورقي التعامل لأن الإيجابية تنتقل بالعدوى والتفاعل اللصيق بالناس، أن ينشروا الفضيلة والمناصحة بالمحبة والسلام والتآخي، فبإمكانهم أن يزرعوا مكانة عميقة في النفوس ويصبحوا جهازاً يحبنا ونحبه لو نفذوا إلى معنى الالتزام! يزعم البعض أن هذه الصحف تنحو هذا المنحى سعيًا للحظوة عند القراء من جهة وتوددًا لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من جهة أخرى، في حين أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كمؤسسة حكومية تقوم بدورها المكلّفة به بدءاً بالدور الدعوي والمناصحة إلى حصار انتشار المخدرات في مساهمة عظيمة مع المديرية العامة لمكافحة المخدرات، مروراً بدورها في إغلاق المنافذ في وجه تفشي الدعارة والخطف والاغتصاب وبالطبع لها كل التقدير على ما تثبته من دعائم أمنية بالتعاون مع المسؤولين في وزارة الداخلية.. ومع ذلك لا أظن أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سعيدة بما يُكتب عن انجازاتها اليومية، إذ تمثلها الصحف والمنابر الإعلامية وكأنها هي الجهة الوحيدة التي تؤدي عملها وواجبها، عدم إشاعة الأخبار السيئة وانتفاضة المراسلات الجوالية لخبر يحتوي على رابط صحيفة إليكترونية يفضح قصة فتاة وشباب لا يشيع إلا الفاحشة والرذيلة ولا يخدم إلا سهولة التخطيط للمنكر! بعض الأخبار الفضائحية تثير التقزز والحرج وتخدش حياءك وأنت تقرأها بمفردك.. فكيف لو وصل رابط الخبر عبر أحد برامج الهواتف الذكية لابنك ؟ الذي لو نصحته بعدم قراءة مثل هذه الأخبار الوقحة سيقول لك «يا بابا .. ما فيه صور!» لا نريد من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن تنقسم على نفسها داخلياً من حيث اختلاف التوجهات والآليات لتطبيق الأهداف التي من أجلها وضع الجهاز، نريد منهم القيام بعملهم في صمت واحترافية، الستر على القصص الجارحة والخطيئة سمة من سمات بني البشر، نريد منهم مجاهدة غرور النفس اعتزازاً بعملها - نظراً لكونه احتساباً في المقام الأول ولكونه واجبهم في المقام الثاني -، ننتظر منهم تقديم مقترحات لمشاريع متقدمة تملأ الفراغ الذي يعاني منه الشباب لا تطويق بهجتهم بالإجازة وحريتهم التي لا تؤذي الآخرين. لو نظرنا في سلوكيات طابور سعودي أمام أحد أجهزة الصرافة أو في مطعم وجبات سريعة لن تجد شعباً يكره بعضه بعضاً مثل شعبنا، نفور ووجوه متجهمة وتعد وعدم تمرير أي تجاوز غير مقصود! جاهزون للعنف.. معبأون ببارود قابل للانفجار في أي لحظة.. نريد من رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نظرًا لتماسهم مع المجتمع بفئاته، مع أخطائنا وعيوبنا ومعايبنا ومناقصنا وبؤر ضعفنا أن يتحلوا بالوعي ورقي التعامل لأن الإيجابية تنتقل بالعدوى والتفاعل اللصيق بالناس، أن ينشروا الفضيلة والمناصحة بالمحبة والسلام والتآخي، فبإمكانهم أن يزرعوا مكانة عميقة في النفوس ويصبحوا جهازاً يحبنا ونحبه لو نفذوا إلى معنى الالتزام! نعم الالتزام بالستر والتجاهل وتعزيز مبادئ الخصوصية الشخصية والحرية المؤطرة حتى لا يصبح تناقل الأخبار المشينة مدعاة لتطبيعها في نفوس الناس وإلفهم لها.. كما على وسائل الإعلام وكل من يملك «وسيلة إعلام» في جواله الصغير أن يتحلى بالتأديب الرباني الذي أوصى به الخالق سبحانه، فالقرآن الكريم يقول: «وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا». تويتر: @Rehabzaid