لا أحد ينكر الجهود الرسمية، وغير الرسمية، في محاربة الفقر أينما وجد، ومساعدة المحتاجين والمساكين كافة، والأخذ بأيديهم، لتجاوز أزماتهم المالية والمعيشية، التي لا تنتهي. مشهد محاربة الفقر، رأيناه قائماً في العديد من الجمعيات الخيرية المنتشرة في ربوع مملكتنا، تقدم مساعداتها العينية والمادية للمستفيدين منها. المشهد السابق، وإن كان يمثل صورة جميلة، تعزز أسس التكافل الاجتماعي، وتعلي من مبدأ التراحم بين العباد، غنيهم وفقيرهم، في المجتمع السعودي، إلا أنه مشهد تقليدي، يعتمد على توافر جانبين لتأسيس جمعية خيرية؛ الأول وهو الإنسان الفقير، والثاني، وهو المساعدات التي تمنح لهذا الفقير، بيد أن هناك مشاهد غائبة عنا، تحتاج إلى تفعيل أكثر في المجتمع، في إطار المساعي لمحاربة الفقر. ومن خلال المتابعة لحال الفقر والفقراء، ألاحظ أن هناك أسراً فقيرة معدمة، ولكنها تتمتع بعزة نفس وتأبى أن تمد يديها لسؤال الناس، وتفضل الموت جوعاً، على هدر ماء الوجه، غالبية هذه الأسر، تمتلك إمكانات تجعلها منتجة، وقادرة على الكسب الحلال، إلا أنها لم تجد من يدعمها ويقف بجانبها، بحجة أنها لم تتقدم رسمياً لطلب مساعدة من جمعية ما. رعاية الأسر السعودية المنتجة، أرى أنه صورة مثالية لحصار الفقر، كما أنها شكل من أشكال دعم اقتصاد البلاد، عبر منتجات يدوية فيها رائحة التراث وعبق التاريخ، بالمقارنة مع المنتجات الصينية الصماء، التي تملأ أسواقنا ومنازلنا، ولا نعيرها اهتمامنا، وهنا يأتي دور المجتمع، بجميع أطيافه ومؤسساته الرسمية وغير الرسمية، في تعزيز إمكانات هذه الأسر، وحماية مهنتها والمحافظة على وجودها، حتى لا تندثر، ويصيبها اليأس والإحباط، ولعل أهم ما تحتاجه هذه الأسر، مساعدتها على ترويج منتجاتها، في معارض كبيرة، لا تقل شأناً وإعداداً عن معارض العقار وشركات الاتصالات على وجه التحديد، التي تصاحبها حملات دعاية ضخمة، ومسابقات وجوائز، تجذب الأنظار إليها، فمن المستحيل أن تنتظر أسر منتجة، شهرين أو ثلاثة لتعرض منتجاتها في معرض ما، أو أنها تدفع أكثر مما ستحصده، لحجز جناح في معرض خاص. وأرى أن دعم هذه الأسر يجب أن يبدأ أولاً من فئة رجال الأعمال «المعروفين»، الذين سيكونون قدوة ومثلاً يُحتذى، لبقية رجال الأعمال والشركات كافة التى عليها ان تسارع في شراء منتجات هذه الاسر، وترويجها باسلوبها الخاص لتحقيق الفائدة المادية لها، وهذا الامر يجعلنا نضرب أكثر من عصفور بحجر واحد؛ محاربة الفقر، ومساعدة الأسر، وترويج منتجاتها ودعم الاقتصاد الوطني، والمحافظة على التراث. [email protected]