أنفقت الحكومة 1.2 ترليون ريال على التعليم خلال العقد المنصرم، ونصف مخصصات الميزانية العامة هو لتنمية الموارد البشرية، لكن الوضع كما نعايش: يقال ليس لدينا مؤهلون لسوق العمل! إذاً ما مصير الأموال التي أنفقت؟! الآن، أمامنا توجه لإنشاء شركة لتشغيل المدارس الحكومية؟ هل هذا سيخفف من الفاقد أو سيحسن الكفاءة الداخلية لمنظومة التعليم؟ ولماذا شركة واحدة؟ ومن سيملك الشركة؟ وهل ستكون شركة حكومية أم مختلطة؟ تطوير التعليم أصبح هاجساً، فالتعليم يستأثر بالبند الأول والأكبر من الميزانية العامة، لكننا جميعاً نشكو، ولعل كل منا يشكو لسبب. وقد تتحول الشكوى ليأس عندما يقرر ولي أمر أن يقيد ولده في مدرسة أهلية. ففي بلد مثل بلدنا -أخذاً في الاعتبار مستوى الانفاق على التعليم العام على مدى عقود متوالية- يجب أن تكون مدارسنا الحكومية متفوقة على نظيراتها الأهلية بمراحل فيما يتعلق بالجودة والكفاءة؛ فالمدارس الحكومية تغرف من بحر وليس عليها ضغوط لتحقيق فوائض وأرباح مالية، إذ تنحصر مهمتها في التعليم، ومع ذلك نجد أن مئات المليارات تخصص دون أن يقيس أحد النتائج ويعلن عنها؛ فما مردود كل ريال ينفق في تطوير التعليم في المملكة؟ التحدي الحقيقي هو المعلم المتحفز المتطلع كل صباح للقاء تلامذته، الحريص على تعليمهم وتهذيبهم وتزويدهم بالمعارف المفيدة والمعاني الانسانية الراقية. لما نشعر أن أمثال هذا المعلم في انحسار؟ ولما نتذكر معلمينا الأجلاء وكأنهم جيل انقرض؟ اهتمام وزارة التربية والتعليم يجب أن ينصب ويرتكز على المعلم. وهل أوضاع التعليم اليوم أفضل من الأمس؟ وإن كان هناك أي تطوير وتقدم فما معايير الأداء؟ وننفق كأسر عندما نرسل عشرات الآلاف من أطفالنا لمدارس خاصة ليس رغبة ولكن إضطراراً. أدرك أن هناك مدارس جديدة تبنى، وفي الحقيقة بزغت إحداها قبالة منزلي قبل أشهر، لكن هل المعلم والمعلمة محفزان؟ وهل الطاقم الإداري محفز؟ وإن كنا نعتقد أن ثمة تحديات أمام العملية التعليمية فهل هي في التشغيل؟! أشك في ذلك، وإن كان تشغيل المدارس هماً فلعله أخف الهموم. التحدي الحقيقي هو المعلم المتحفز المتطلع كل صباح للقاء تلامذته، الحريص على تعليمهم وتهذيبهم وتزويدهم بالمعارف المفيدة والمعاني الانسانية الراقية. لما نشعر أن أمثال هذا المعلم في انحسار؟ ولما نتذكر معلمينا الأجلاء وكأنهم جيل انقرض؟ اهتمام وزارة التربية والتعليم يجب أن ينصب ويرتكز على المعلم؛ على تعليمه وتأهيله وتحفيزه ومتابعته ومراقبة وتقييم وتقويم أدائه، فمستقبلنا عهدة عنده. وليس مقبولا أن يتعهد أبناؤنا إلا أناسٌ مستبشرون مؤهلون، نفسياتهم منشرحة وعقولهم منفتحة، متعلقون بالتربية كقيمة أكثر مما تجلب لهم كراتب ودخل مادي. وليس مقبولا كذلك أن لا يكافئ المجتمعُ المعلمَ بما يستحق بأن ننتخب أفضل الكوادر ليأهلوا كمعلمين وأن يحفزوا مالياً بأعلى أجر وبالمكانة الاجتماعية التي يستحقون. أما موضوع شركة تشغيل المدارس، فآمل ألا تكون شركة تحتكر الامتياز لعقود كما تحتكر شركة الكهرباء القطاع برمته، ولا كما تحتكر مجموعة من البنوك قطاع المصرفية التجارية والاستثمارية. ولعل ما نحتاجه في تشغيل التعليم ليس سيطرة رأس المال بل سيطرة أرباب التعليم والتربويين؛ فما نكابده كمجتمع ليس ناتجاً عن حاجتنا لمن يضخ مليار أو مليارين أو حتى خمسة أو عشرة لتشغيل المدارس بل أن تمارس المدارس العملية التربوية بأفضل مستوى؛ فتوفير بيئة تربوية هو أساس نجاح العملية التعليمية وليس المال المجرد. وهكذا، وبانتظار المزيد من التفاصيل عن شركة التشغيل التي نريدها شركات مهنية تربوية وليست شركات لا تخرج رؤيتها عن تلقف المناقصات المليارية واستقدام العمالة وتوظيف رأس المال. تويتر: @ihsanbuhulaiga