رغم أن زيارة سمو ولي العهد إلى الجمهورية التركية كانت قصيرة في مداها الزمني ولكنها كانت عميقة في دلالاتها أو نتائجها فبالإضافة إلى توقيتها المهم وسط خضم التداعيات السياسية الإقليمية والعالمية أعادت الزيارة للأذهان قوة الزخم السعودي التركي في مجريات الأحداث الملتهبة في المنطقة والتي تؤثر بشكل عام على أمن واستقرار الشرق الأوسط. وإذا كان من نتائج الزيارة على المدى القصير تتويج العلاقات بتوقيع اتفاقية للتعاون الصناعي الدفاعي بين البلدين كجزء من العلاقات التي تتعزز يوما بعد آخر إلا أن التركيز على مستقبل العلاقات وتطويرها كان العنصر الأبرز على طاولة المباحثات السعودية التركية وهو ما أتوقع أن نشهد نتائجه الإيجابية خلال الأسابيع والأشهر المقبلة. خاصة وأن التأكيد الملاحظ في العاصمتين الرياض وأنقرة يبدو شديد الاهتمام بالتركيز على الدور التكاملي للبلدين لا الدور التنافسي وهذا ما تدركه القراءة الحكيمة والمنطقية للواقع الجيوسياسي الراهن على الساحة. وهنا تبدو للمحللين والمراقبين أيضاً خصائص الحكمة والمنطق اللذين تتعامل بهما القيادة في المملكة وتركيا تجاه الملفات الشائكة دون اندفاع أو تهور ودون جري وراء دغدغة عواطف أو لعب على مشاعر الجماهير وربما كان هذا أحد أسباب نجاح السياستين السعودية والتركية ومصداقيتهما إقليميا وعالمياً. تركيا دولة إقليمية كبرى والمملكة دولة محورية مؤثرة وبالتالي فإن الختام الناجح لزيارة ثاني أبرز مسئول سعودي لأنقرة يحتم على البلدين الاستفادة من امكانياتهما وثقلهما التاريخي لدفع الأمور في المنطقة إلى ما هو أفضل كما أن استقبال الرئيس التركي عبد الله غل لولي العهد، عكس الاهتمام الكبير بقائد سعودي تاريخي جعل من ملفات المباحثات على مثل هذا المستوى الرفيع ذات أهمية قصوى، خاصة وأن اعتبارات الظرف المكاني والزماني المرتبط بنوعية القضايا المثارة على الساحة الاقليمية والدولية لابد أن تكون في الصدارة باستمرار. ليس لاعتبارات تداخل ما هو إقليمي حاد بما هو ثنائي خاص.. ولكن لأن قوة البلدين السعودية وتركيا لها نتائجها الإيجابية المحتملة والمرجوة أيضاً. تذكر!! تذكر يا سيدي أن الاعتراف بالصواب ، ولو كان بغير مصلحتك عمل يستحق التقدير. وخزة.. أحياناً تظهر العيون ما بداخل القلوب من أمراض مؤذية للبشر.