قال أحدهم في حوار بين مجموعة عن الشعر والشعراء: أفضل الشعراء حاليًا هو فلان، فهو مدرسة شعرية متكاملة، وقد يكون بالفعل مدرسة شعرية يستفيد منها كل قارئ ومهتم بالشعر ولكنه قالها وهو مستعد تمام الاستعداد لمواجهة أي مخالف لرأيه وكأنها حقيقة يجب تصديقها بدون أي شك. وعندما تمّ سؤال الثاني والثالث والرابع أتى كلٌ منهم بجواب مختلف لشاعر مختلف، واستعدوا نفس الاستعداد لمواجهة المخالفين لهم في الرأي وكأنه يقين لا يحق لأحد تجاوزه. القارئ مستمتع جدًا لما يكتب هذا الشاعر، حاله حال الإنسان الذي يتعرّف بأصدقاء جُدد ويكتشف أنه يتشارك مع أحدهم فكريًا أو بصفةٍ من الصفات وطريقة التعامل فيجده أقرب إلى نفسه من الآخرين. لفت انتباهي الحوار بين المجموعة واختلاف أجوبتهم إلى شخصيات كلٍ منهم مقارنةً بشخصية الشاعر الواضحة من خلال قصائده، فلو افترضنا أن كل شاعر يكتب نفسه من حيث الصفات الأخلاقية وطريقة التفكير والقناعات وأن كل قصيدة تدل على شخصية شاعرها، وقارنّا تلك الشخصية بشخصية مَن يحبه من المجموعة ويرى أنه الأفضل لوجدنا أن هناك تشابهًا ولو كان بسيطًا بين القارئ والشاعر قد يكون فكريًا أو قد يكون بمستوى الشاعر الأخلاقي أو اهتماماته من حيث مواضيع القصائد أو أسلوبه أو اختياره للمفردة، وهذا ما يجعل القارئ مستمتعًا جدًا لما يكتب هذا الشاعر، حاله حال الإنسان الذي يتعرّف بأصدقاء جُدد ويكتشف أنه يتشارك مع أحدهم فكريًا أو بصفة من الصفات وطريقة التعامل فيجده أقرب إلى نفسه من الآخرين. المحصِّلة التي نستطيع استنتاجها وهي الأهم من تحليل شخصية القارئ وسبب إعجابه الكبير هي أنه (ليس هناك أفضل شاعر) بل هناك شاعر يناسبنا فكره وطريقة كتابته، وهناك شاعر تناسبنا شخصيته وتفاصيلها الواضحة من خلال قصائده، هناك شاعر تناسبنا مفاهيمه في الحياة واهتماماته من خلال المواضيع التي يتطرَّق لها، وهناك شاعر يكتب ما نحسّ به ونرغب بقراءته، هناك شاعر يُشبهنا بشكل أو بآخر، كما أن هناك مَن يشبه الثاني والثالث والرابع، إذن لمَ لا نترك مصادرة آراء الآخرين ومحاولة تغيير قناعاتهم وانتقاصها، ولنستمتع بالشعر والشعر فقط.