لا يمكن النظر لتاريخ العلاقات السعودية التركية بمعزل عن النظرة العامة للعلاقات التركية العربية، ببعديها، الجوهريين، الثقافي والتاريخي. فهناك عناصر لا يمكن تحييدها في تاريخ الشعوب، عندما تتعلق بالهوية والدين والتاريخ. تركيا الحديثة بمؤسستها العسكرية ورعايتها للعلمانية السياسية وبتوجهها الكلي للنموذج الغربي باقتصاده وحرفه، والتماثل في تفوقه العسكري وتطوره السياسي كان أحد أسباب فتور العلاقات العربية التركية ومن بينها العلاقات التركية السعودية، إلا أن بعض المتغيرات الدولية التي شهدتها العقود الأخيرة من القرن الماضي، وبعض المتغيرات التركية الداخلية ولدت قناعات جديدة لدى صانع القرار التركي بإعادة صياغة بعض مفردات السياسية الخارجية التركية، لتتناغم مع حركة السياسة الدولية العامة في المنطقة، ولتتواءم مع حقائق الاقتصاد والجوار العربي لتأمين مغانم قد يصعب تحقيقها في الجانب الآخر. الحقيقة التي يمكن أن يقررها المراقب بثقة عالية أن العقد الماضي شهد أبرز صور تتطور العلاقات العربية التركية، وبالمرور على حقيقة جوهرية وهي ان المملكة العربية السعودية بثقلها الروحي والاقتصادي والبشري والجغرافي دولة إقليمية فاعلة في الحراك السياسي والاقتصادي الدولي وبذات المكانة تلعب تركيا دوراً مهما في اقليمها وفي امتداداتها الدولية. كان يجب أن تلتقي هذه القوى لان طبيعة العمل السياسي والأمني والاقتصادي توجب التقاء الجانبين التركي والسعودي. من الملاحظات الجديرة بالتدوين أن اللقاء السعودي التركي يأتي بعد تحرك سياسي سعودي لمجموعة من الأطراف والقوى الدولية الفاعلة، وليس آخرها لقاء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع بوزير الدفاع الأمريكي السيد/ تشارلز هيجل في الرياض، إضافة إلى الزيارة التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية إلى الصين التقى خلالها فخامة الرئيس الصيني وحمله رسالة من القيادة السعودية حول العلاقات الثنائية والملفات الإقليمية الشائكة ومنها الملف السوري. ومن الجانب التركي، خلال أسبوع، كان معالي رئيس الوزراء السيد اردوغان في البيت الأبيض، ومن المؤكد أن هناك ملفات عديدة تخص العالم والمنطقة تم التطرق لها ولعل أبرزها الملف السوري الذي يشكل حالياً الكرة الملتهبة التي يجب أن تسارع كل القوى للتقليل من أخطارها، وزعم أن الاتفاق الأخير، الأمريكي الروسي، حول الوصول لحل سلمي للمعضلة السورية بناء على مقترحات جنيف التي تعني، فيما تعني، تشكيل حكومة إنقاذ سورية مقبولة من الطرفين بعد حوار اقتُرح أخيرا على أن ترعاه الأممالمتحدة، بين السلطة والمعارضة. وتؤكد المؤشرات أن هذا الاتفاق يحمل نقطة ضعف جوهرية منذ انطلاقه في صورته الأولية، التي تكمن في غياب الآليات التي يمكن أن تكون الأذرع التنفيذية لتوصيات جنيف قد يختلف البعض معي إن قلت انه هناك دور أساسي تركي سعودي لن يستطيع طرف آخر القيام به وجاء الوقت المناسب للقيام به وأظن أن فحواه تتعلق بموضوع المعارضة السورية وتأليفها بما يحقق الحد الأدنى لتوصيات جنيف، الأمر الآخر يتعلق بمسألة اللاجئين السوريين والنازحين وما يصاحب هذه العملية المعقدة من توترات على الحدود السورية التركية خاصة بعد ثبوت ضلوع النظام السوري في بعض تلك التفجيرات. هناك جهات تشكك في نجاح مؤتمر الحل السلمي بين السوريين ولكني أعتقد أن الدور الإقليمي السعودي التركي قادر على إيضاح كثير من الحقائق التي لا يمكن القفز عليها لإيجاد حل يجنب المنطقة براميل البارود. تويتر: @salemalyami