يحمي الجسم ملايين الخلايا التي تحرسه من كل طارق يحاول اختراقه وهي بالتالي تمثل خط الدفاع الأول عبر الأدوات الكفيلة بالتمييز بين من يدخل الجسم من الطعام والأمور المفيدة الأخرى ومن يقصد الضرر أو الفتك به. الخلايا الملتهمة بأنواعها المختلفة وأدوارها المتنوعة تمتلك جهازا بسيطا من خلاله تتمكن من القيام بهذه المهمة و هو القدرة على تحديد حلقات بسيطة من المادة الوراثية للجرثومة أو الفيروس أو غيره التي هي مفقودة في الخلايا الحيوانية عبر مستقبلاتها الحساسة تتمكن الخلايا الملتهمة من رصد وعزل المضر من النافع. يثار اليوم انذار مستمر لتعرض جسم المجتمع من هجوم كاسح لا يتوقف من الثقافة والمعلومات، فيا ترى من يشغل منصب خط الدفاع الأول في نخل المفيد من هذه الثقافة وعزل المضر منها ؟ إن التحدي الاجتماعي لا يكمن اليوم في مواجهة ما يعرف بالثقافة المضرة دون النظر الحاسم في اعادة ترميم البوابات الثقافية والفكرية للمجتمع. أضحى بناء خطاب ثقاقي فكري وديني يعزز الدفاع ويرفض النزاع مهمة الصالحين الإصلاحيين المتجددين من المثقفين ورجال الدين لتجديد وترميم دورهم أولا وتعزيز ثقة الطبقة العريضة من المجتمع بهم، ليعزل ويحيد خطاب الصراع والصدام لمثقف والاشتغال بقضايا تشريع الجنس الرخيص لرجل دين. هل تستطيع العناصر التقليدية التي مارست هذا الدور الاجتماعي من مواجهة هذا العبأ الثقيل وغير التقليدي. إن أشد المخاطر التي تواجه الجسم عجزه عن تعزيز مقاومة الخلايا الملتهمة لصد موجات الاصابات المرضية وعندئد بدلا من ان تصبح هذه الخلايا خطا للدفاع الأول والبؤرة الأولى لنمو المسببات المرضية كما هو الحال في مرض السل عندما تحضتن الخلايا الملتهمة هذه الجرثومة لتتكاثر فيها ولا خلاص لها إلا بقتلها أو تعزيز قدراتها الدفاعية من جديد. إن الخطر الداهم على المجتمع عندما تصبح قواه التقليدية التي تمارس المواجهة الثقافية والفكرية بؤرة للاصابة ومصدرا لنشرها لعجزها عن تحديث امكاناتها وتطوير كفاءتها العلمية والفكرية لمواجهة الثقافة الوافدة لا عبر صدها فحسب، بل عبر انتاج ثقافة بديلة وفكر يقف الوافد المضر هزيلا متصاغرا أمامه. إن العناصر التقليدية الاجتماعية التي مارست دور بالخلايا الملتهمة كخط دفاع أول للمجتمع هو المثقف ورجل الدين. إن الاتكال على الامكانات التقليدية والكفاءات الكلاسيكية دون النظر الى الادوات والطرق التي من خلالها تمرر الكثير من المفاهيم والقيم الجديدة عبر المجتمع لم يجعل الكثير من عناصر هذا الخط الدفاعي عاجزا عن لعب دور اصلاحي، بل أضحى موقعا منه تنطلق الكثير من المفاهيم التفكيكية للبنية الاجتماعية ومصدرا لا ينفك للأزمات المتوالية. إن نظرة لا تتطلب الكثير من الفحص والتدقيق تؤكد ان عناصر من هذا الخط أصبحت البؤرة التي تأجج الطائفية والسطحية والخرافة، وبذلك هذه الفئة من هذه البوابات الدفاعية المهمة تتحول الى منفذ لعبور الضرر بدلا صده وحجبه. لا ريب في ان الامكانات التي يتمتع بها الكثير من أفراد المجتمع وبفضل هذه الثورة المعلوماتية والتعليم أصبح في موقع متقدم على مواقع الحماية لهذا الخط الدفاعي المفترض الذي يعبر عن أسواره المهلهلة عبر هذا الشكل من الخطاب الذي ما زال الكثير من مفرداته يحمل صيغ الوصاية والصدام. إن التحدي الاجتماعي لا يكمن اليوم في مواجهة ما يعرف بالثقافة المضرة دون النظر الحاسم في اعادة ترميم البوابات الثقافية والفكرية للمجتمع، أضحى بناء خطاب ثقاقي فكري وديني يعزز الدفاع ويرفض النزاع مهمة الصالحين الاصلاحيين المتجددين من المثقفين ورجال الدين لتجديد وترميم دورهم أولا ، وتعزيز ثقة الطبقة العريضة من المجتمع فيهم، ليعزل ويحيد خطاب الصراع والصدام لمثقف والاشتغال بقضايا تشريع الجنس الرخيص لرجل دين. [email protected]