أوضح البنك المركزي القبرصي ان مودعي بنك قبرص الذين تتجاوز ودائعهم 100 ألف يورو (130 ألف دولار) سيتعين عليهم الانتظار حتى سبتمبر لمعرفة الضريبة النهائية على مدخراتهم وهو إجراء مطلوب في إطار خطة إنقاذ دولية للبلاد. وخسر المودعون بالفعل 37,5 بالمائة من مدخراتهم بينما سيتم تجميد 22,5 بالمائة أخرى إلى أن يكشف مسؤولون لدى البنك المركزي الضريبة النهائية. وتقول تقارير إعلامية مختلفة في قبرص إن المودعين الذين تتجاوز ودائعهم 100 ألف يورو لدى البنك سيتعرضون لخسارة تبلغ 60 بالمائة. ويحتفظ بنك قبرص بنحو ثلث جميع الودائع في قبرص. وستكون للخسارة المطبقة بنسبة 60 بالمائة تأثير قاس على الكثير من الأسر والشركات المحلية. وتحصل قبرص التي تعاني من سيولة نقدية على برنامج إنقاذ بقيمة 10 مليارات يورو (13 مليار دولار) من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. وفي المقابل وافقت نيقوسيا على خفض حجم قطاعها المصرفي المتضخم وزيادة الضرائب وخفض حجم القطاع العام وخصخصة شركات حكومية. وكان سيفرض الاتفاق الأصلي ضريبة على كل الودائع في كل البنوك القبرصية، لكن تم تعديله إلى مجرد الودائع في بنك قبرص بعد غضب واسع النطاق احتجاجا على الاقتراح. وينص الاتفاق على أن تسجل قبرص عجزا أساسيا حتى عام 2016 وفائضا رئيسيا يبلغ 4 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي اعتبارا من عام 2017 وما بعده. وأعلنت السلطات القبرصية إنها تواجه صعوبات في توفير الأموال اللازمة لدفع رواتب الموظفين ومعاشات المتقاعدين في اخر أبريل الحالي. وبدا وزير المالية خاريس يورغيادس اكثر تفاؤلا معتبرا أن قبرص تمر بمرحلة حرجة جدا لكنها قادرة على الخروج منها إذا بدأت بتلقي أقساط القرض الدولي البالغ عشرة مليارات يورو في المهل المحددة. وقال للصحفيين «لا مجال للتخلف عن السداد إذا سارت الأمور كما يجب». وأوضح «سيكون هناك خطر (تخلف عن السداد) اذا لم تتم المصادقة لسبب أو لآخر سواء في قبرص او في منطقة اليورو على الاتفاق» المتعلق بخطة الإنقاذ الدولية. وأضاف «سنواجه هذه المشكلة في الأيام والأسابيع المقبلة، ان هناك وسائل للخروج منها لبضعة أيام، بضعة أسابيع. إلا أننا لن نتمكن من الصمود لوقت أطول بدون اتفاق على هذا القرض، بدون القسط الأول». وصرح المتحدث باسم الحكومة خريستوس ستليانيدس للصحفيين أن السلطات تسعى بصورة ملحة لإيجاد الوسائل لدفع الرواتب والمعاشات في آخر أبريل. وأضاف «هذه الحكومة ستبذل كل ما بوسعها في الأيام القادمة لإقرار القوانين (المتعلقة بخطة الإنقاذ) حتى لا نواجه مشكلة مع الرواتب والمعاشات في نهاية الشهر». وتابع «اعتقد انه اعتبارا من الآن سيبذل الكل الجهد اللازم لتوفير الوسائل والضمانات حتى تتمكن الدولة من جمع الأموال». وعقدت قبرص اتفاقا على خطة إنقاذ مع الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي تحصل بموجبه على قرض بمبلغ عشرة مليارات يورو لإنقاذها من الإفلاس. وفي إطار هذه الخطة تعهدت الجزيرة باتخاذ إجراءات تقشف صارمة في القطاع المصرفي وبخفض كبير لعدد العاملين في القطاع العام وزيادة الضرائب. واعتبر محافظ البنك المركزي بانيكوس دميتريادس الذي تعرض لانتقادات حادة منذ بدء الأزمة ان السياسيين هم المسؤولون عن شروط الخطة التي تنص على إعادة هيكلة جذرية للقطاع المصرفي وإجراءات تقشف جديدة مقابل قرض بقيمة 10 مليارات يورو. واكد الحاكم أن شروط خطة الإنقاذ ناجمة عن «قرار سياسي» ينبغي على البنك المركزي أن يتحمل «مسؤوليته كمؤسسة في مواجهة وضع قاس». وانتقد ديمتريادس بشكل خاص وزراء المالية في مجموعة اليورو مؤكدا أن فكرة فرض ضريبة على مجمل الودائع المصرفية في قبرص بما فيها تلك التي تقل عن 100 ألف يورو صدرت عنهم وليس عن السياسيين القبارصة على ما نقل مسؤولون أوروبيون. وأدت هذه المفاوضات الى اتفاق أول ينص على ضريبة غير مسبوقة على جميع الودائع رفضها البرلمان القبرصي. وشدد وزير المالية القبرصي على أن خروج البلاد من منطقة اليورو سيعيدها «قرونا» الى الوراء وان لا بديل من خطة الإنقاذ الدولية رغم شروطها القاسية. وقال يورغيادس أمام لجنة الشؤون المالية في البرلمان إن احتمال الخروج من منطقة اليورو «ليس مطروحا». واكد الوزير «حان الوقت لتصحيح أخطاء الماضي. حان الوقت لتسديد الفاتورة. لا يمكن أن ننفق إلا ما نملك في جيوبنا. لا خيار آخر». ودعا كل وزارة الى إعادة الميزانية الى نقطة الصفر تقريبا. كل سطر، كل برنامج ينبغي توضيحه وتبريره». تراهن قبرص الغارقة في أزمة اقتصادية على استغلال سريع لمخزونها الغازي الذي تعتبره خشبة خلاصها رغم ضغوط تقنية وجيوسياسية كبرى، وأكد رئيس مجلس ادارة شركة المحروقات الوطنية تشارلز ايليناس لوكالة فرانس برس «كل شيء يتقدم جيدا. الوضع الاقتصادي القبرصي مريع لكن ذلك لا يؤثر على تطوير حقولنا الغازية»، وتابع ان المخزون المرصود في مياه الجزيرة المتوسطية يبلغ «30 الف مليار قدم مكعبة من الغاز». من أجل استغلال الغاز ونقله ليدر عائدات تصل الى مئات مليارات اليوروهات قررت نيقوسيا بناء منشأة تسييل في فاسيليكوس جنوبي الجزيرة، وأوضح ايليناس «نعتقد اننا سنتخذ قرار الاستغلال النهائي عام 2015. هذا يعني اننا سنبدأ بناء (المعمل) في مطلع 2016، وسنصبح جاهزين لبدء تسليم الغاز الى قبرص في أواخر 2018- مطلع 2019 وبدء التصدير في اواخر 2019- مطلع 2020»، على هامش مؤتمر حول الغاز في شرق المتوسط نظمته نيقوسيا، لكن خبراء حادثتهم فرانس برس اعتبروا ان هذا الجدول الزمني متفائل جدا، وقالت المحللة فيونا مولن : «سيستغرق الأمر أكثر بكثير من جميع التوقعات الرسمية، في اي حال، لا يمكن بناء معمل لتسييل الغاز في عامين أو ثلاثة»، وتابعت «ما تحاول الحكومة فعله هو ابقاء الامل لدى المواطنين»، فيما تغرق البلاد في الجمود والبطالة بعد اضطرارها للموافقة على شروط قاسية مقابل مساعدة مالية اوروبية، وأضافت «اعتبارا من قرار الاستغلال النهائي الذي سيتخذ بعد عامين ان كنا متفائلين، فستحتاج قبرص الى عشرة أعوام لبناء معملها»، واعتبر خبير المحروقات الفرنسي في قبرص بيار غوديك ان «الغاز أمل، أكثر مما هو خشبة خلاص حتى الآن»، فمهلة السنوات السبع المطروحة «تبدو فائقة التفاؤل لي: فالصورة العامة لم تتضح بعد ولن يتم تطوير الغاز القبرصي دون الأخذ في الاعتبار ما يجري في اسرائيل ولاحقا في لبنان لا يزال هناك الكثير من المتغيرات». اما ايليناس فاعتبر ان «المشروع قابل للحياة، حتى عبر حقل غاز واحد»، لكنه أعرب عن «الثقة» في انشاء تعاون مع اسرائيل، مشيرا الى عدم احتمال «اعتمادها بالكامل على تركيا في السنوات ال (2530) المقبلة»، وتستبعد نيقوسيا فكرة مد أنبوب غاز مع تركيا علما بان الأخيرة تحتل الشطر الشمالي للجزيرة المقسومة منذ عام 1974.