الفاسدون هم من يخرقون سفينة المجتمع ويعبثون في مقدرات البلاد ، مثلهم كقوم تحملهم سفينة في بحر متلاطم الأمواج وقد انقسم ركاب السفينة إلى قسمين قسم في أعلاها وقسم في أسفلها ، وأولئك الذين في الأسفل شرعوا بمعاولهم يثقبون أسفل السفينة فسمع من في الأعلى فنزلوا إليهم ووقفوا في وجوههم ، لكن من في الأسفل كان لهم مبرر سيىء وغير مقبول عرفا وعقلا ومنطقا ، ذلك أنهم قالوا إن هذا مكاننا نمارس فيه حريتنا فإن تركوهم وما أرادوا هلك ركاب السفينة جميعا وإن أصروا على منعهم وأخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا . والمتأمل لمبرر الراكبين في أسفل السفينة سيرى أنهم ادعوا أنهم يمارسون حريتهم في مكانهم الذي يعتبرونه ملكا خاصا بهم لا يحق لأحد أن ينافسهم فيه أو يضايقهم في أي تصرف يقدمون عليه ، فذلك حقهم الخاص الذي ليس لكائن من كان أن يتدخل في أمرهم أو نهيهم فتلك حريتهم الخالصة في موقعهم الذي يتصرفون فيه كيفما شاءوا وفي أي وقت يشاءون. عودة للاقتران بالسؤال السابق فإننا سنلحظ بكل وضوح في مجتمعاتنا العربية أن الفساد المالي والإداري كون فئة رأسمالية تعتبر الأقل من ناحية العدد في التركيبة السكانية العربية هذه الفئة التي تتنامى في ثروتها بسبب الاستغلال لمقدرات أوطانهم والاستحواذ عليها وفي المقابل تقل وتتقلص وتتلاشى الطبقة الوسطى وتزداد بشكل مطرد وتتوسع مساحة فئة الفقراء المسحوقة المعدمة وتلك نظرة بالغة الخطورة ذلك أن فلسفة الحرية عند هؤلاء تطغى عليها الأنانية والنظرة الضيقة والمصلحة الشخصية الخاصة دون أي اعتبار لكونهم في سفينة تحمل مجتمعا كاملا ، المصيبة أن هؤلاء بنظرتهم المحدودة المغلوطة لا يسببون الأذى لأنفسهم فقط بل إن أذاهم سيكون عاما ، ونتيجته بالغة السوء أنهم سيكونون أول الغرقى وسيتسببون في غرق سفينة المجتمع بكاملها . فما علاقة من هم في أسفل السفينة بالرأسمالية ؟! وهل سيتسبب الرأسماليون في كارثة اقتصادية عظمى كما يترقب ويتوقع العالم في سقوط النظام الرأسمالي الغربي قريبا ، وما سيتبعه من سقوط للدول الغربية العظمى ومن سار على نهجهم واقتفى آثارهم ؟ وللإجابة عن هذا السؤال فمن المهم تسليط الضوء وباختصار شديد على فلسفة النظام الاشتراكي الذي ركز على المساواة بين أفراد المجتمع لكنه أغفل وصادر حريتهم بينما النظام الرأسمالي عكس تلك النظرية حيث تقوم فلسفته على الحرية لكنه أغفل المساواة ومعلوم أن هذا هو الإطار النظري البسيط للفلسفتين لكن التطبيق على الأرض يشوبه الكثير من التجاوزات والتناقضات مع الحفاظ بالطبع على أصل النظريتين ولكون هذين النظامين نظامين فاسدين كونهما يخالفان السنن الكونية والشرائع السماوية والطبيعة البشرية ، فقد سقط أولهما (الاشتراكية) وأما ثانيهما (الرأسمالية) ففي طريقه الى السقوط وقد بدأت منذ سنوات البوادر والإرهاصات والمؤشرات لذلك السقوط المدوي . وعودة للاقتران بالسؤال السابق فإننا سنلحظ بكل وضوح في مجتمعاتنا العربية أن الفساد المالي والإداري كون فئة رأسمالية تعتبر الأقل من ناحية العدد في التركيبة السكانية العربية هذه الفئة التي تتنامى في ثروتها بسبب الاستغلال لمقدرات أوطانهم والاستحواذ عليها وفي المقابل تقل وتتقلص وتتلاشى الطبقة الوسطى وتزداد بشكل مطرد وتتوسع مساحة فئة الفقراء المسحوقة المعدمة. ومن الناحية النظرية ففئة الرأسماليين في المجتمعات العربية تمارس حريتها بوضع أيديها على منابع الثروة وتوجيه أوديتها تجاه أرصدتهم في الداخل والخارج وهم بذلك يمارسون من الناحية العملية أمراً في غاية الخطورة ذلك أنهم يخرقون السفينة من أسفلها وبذلك سيتسببون طال الزمن أو قصر في غرق السفينة وسقوط الدول . وربما يظن المتتبع للربيع العربي للوهلة الأولى أن ما حدث هي ثورات شعبية دافعها سياسي لكن المتأمل الحصيف والمحلل الدقيق سيلحظ بكل وضوح أن الباعث الحقيقي لهذه الثورات هو باعث اقتصادي من الدرجة الأولى ذلك أن المواطن المطحون فقراً يرى أولئك الرأسماليين يزدادون ثراء في الوقت الذي يزداد فيها عوزا وحاجة . الفساد ليس مشكلة اجتماعية أو إدارية فحسب بل هو مصيبة اقتصادية تتحول في لحظات إلى أزمة سياسية تغرق فيها المجتمعات وتسقط فيها الدول وسببها بكل تأكيد هم الرأسماليون الجدد. twitter: @waleed968