النقاش العلمي الدائر يتمركز حول التعريف الانسب للمناعة وكما هو نقاش ساخن في دوائره العلمية تثير المناعة في بعدها الاجتماعي نقاشا ثقافيا حول مفاهيمها وتطبيقاتها، فالاقرب الى الاتفاق ان المحصنة للجسم هي المناعة الطبيعية، وتتمركز واجبات المناعة الطبيعية في حفظ البنيان الداخلي للجسم اي كسب القدرة على التمييز بين ما هو له وما هو دخيل عليه، ولعل العناصر الفاعلة في جعل المناعة الطبيعية أكثر حضورا في أدائها هو التفاعل الطبيعي المفتوح مع البيئة، فكلما كان الجسم أكثر تعرضا للمحيط تصبح قدرة التمييز للجهاز أكثر كفاءة وحدة، فالذين يمضون وقتا اطول في أجواء من النظافة والتكييف والراحة ، أهم أعراض هذا المرض الذاتي في الطائفية هو ان المقدس يستحضر عندما تكون هناك حاجة للصراع وتغيب عن واقع الحياة عناصره الأخلاقية وقيمه ومبادئه الاحوج لصناعة مجتمع منافس في حلبة عالمنا المعاصر، و يصبح بذلك - ظلما - سببا للاحتراب لا عنصرا للبناء، وشتان بين اداة للدفاع عنها والدفاع بها. إن المجتمع المصاب بالطائفية الحادة - لا ريب - قد أصيب جهازه المناعي بالخلط بين الذات والضد والمسار للعلاج يكمن في اعادة تأهيل ثقافته المناعية لقراءة ذاته بشكل أوضح كي لا يلتبس عليه ضده جهازهم المناعي أقل قابلية في معرفة الذات من الضد والأضعف في مقاومة الاصابة بالامراض، وقد أصبح دور الجراثيم الطبيعية المتعايشة مع الجسم التي تستعمر جسدنا منذ اللحظة الاولى من الولادة واضحا في دورها على التدريب المستمر للمناعة على البقاء يقظا نبها وأكثر حدة في حماية الذات من الضد، وبالتالي فان الحقائق العلمية تؤكد ان المناعة جهاز طبيعي فاعل في سائر أجهزة الجسم وليس جهازا يفيق عندما يتعرض الجسم للاصابة، والمناعة مادة دسمة في التوجيه الثقافي للقضايا الاجتماعية، ولعل من بعدها العلمي المتعلق بمعرفة الضد من خلال التدريب على معرفة الذات تصبح للمناعة تطبيقات واسعة في قراءة القضايا الاجتماعية المختلفة، فالمجتمع المتصالح مع مكوناته يمتلك ثقافة أكثر دراية بذاته وأعرف بضده، وبالتالي جهازه أقوى حساسية في حفظ الذات قبل ان يكون جهاز هجوم على الضد، ولعل أخطر الامراض المفككة للوحدة الذاتية للجسم هو مرض المناعة الذاتي الذي به تصبح مكونات الجسم هدفا سهلا لأسلحة المناعة. إن الاستماع لأخبار العالم كاف لتزداد القناعة بأن هناك مرض مناعة ذاتيا يهيمن على جسد المجتمع الإسلامي. الطائفية الطاغية بكل أشكالها والوانها هجوم كاسح على المكونات الذاتية لثقافة المجتمع التي تتقطع إربا إربا تحت ضربات هذه الثقافة المرضية، والعنصر المحفز في تأجيج هذا المرض الذاتي هو ضياع القدرة على تحديد مكونات الذات الطبيعية التي تمنح جسد الامة الصحة والمنعة. بعض المركبات الكيميائية للفيروسات التي تدرس في الطب تعد من أهم الاسباب في اثارة مرض المناعة الذاتي لقرب تركيبها من مركبات الجسم فيختلط على المناعة القدرة في التمييز بين ما هو حميم وما هو ضد ومضر. إن المكون الذاتي الأساس المثير لمرض المناعة الاجتماعي الذاتي السائد (الطائفية) هو المقدس، وبما يحتضنه من عناصر أخلاقية عالية كفيلة بقيادة المجتمع في مواجهة التحديات تصبح العلامة الفارقة واضحة في ان الطائفية هي صراع على المقدس لا به، وبذلك يصبح أهم أعراض هذا المرض الذاتي في الطائفية هو ان المقدس يستحضر عندما تكون هناك حاجة للصراع وتغيب عن واقع الحياة عناصره الاخلاقية وقيمه ومبادئه الاحوج لصناعة مجتمع منافس في حلبة عالمنا المعاصر، ويصبح بذلك - ظلما - سببا للاحتراب لا عنصرا للبناء وشتان بين اداة للدفاع عنها والدفاع بها. ان المجتمع المصاب بالطائفية الحادة لا ريب قد أصيب جهازه المناعي بالخلط بين الذات والضد والمسار للعلاج يكمن في اعادة تأهيل ثقافته المناعية لقراءة ذاته بشكل أوضح كي لا يلتبس عليه ضده. [email protected]