اختراق الأمن الوطني أو الاجتماعي مسألة متجذرة في النفوس، وهي من صميم الأخلاق السلبية التي يكبحها الوازع الأخلاقي أو الديني أو الاجتماعي أو الوطني، كما أنها حالة تتعلق بأولئك الذين تضعف طاقتهم الأخلاقية وولاؤهم لعقيدة وطنية تحميهم من الاختراق، وقد شاع وصف هذه الفئة بالطابور الخامس على النحو الذي أطلقه الجنرال اميليو مولا أحد قادة القوات الوطنية أثناء الحرب الأهلية الأسبانية التي نشبت عام 1936م خلال زحف قواته باتجاه مدريد وكانت تتكون من أربعة طوابير من الثوار فقال حينها إن هناك طابورا خامسا يعمل مع الوطنيين لجيش الجنرال فرانكو ضد الحكومة الجمهورية، وهو يقصد بذلك العملاء الذين يوجدون في قلب المتصارعين وينقلون المعلومات العسكرية أو السياسية الى الطرف الآخر. تلك الحالة الوطنية السلبية تفسر مجريات إعلان وزارة الداخلية منذ أيام عن ضبط خلية تجسسية في أربع مناطق في المملكة، تتكون من 16 سعوديا وإيراني ولبناني، تعمل لصالح دولة تحمل للسعودية من البغض الكثير، وهو ليس الإعلان الأول ولن يكون الأخير الذين يشتبه فيه تورط من باعوا أوطانهم لآخر من خلال ارتباطات تجسسية، مؤكدا أنها لا تنطوي على خير للوطن، بالنسبة للسعوديين فهم على النحو الذي سقناه في تشريح الطابور الخامسالخيانة التي تنتج في هذا السياق ليست بالضرورة أن تكون موجهه للوطن بقدر ما هي خيانة للنفس ومفهوم المواطنة في داخل أولئك الذين يتطابقون مع أقيسة الطابور الخامس، فليس متصورا أن يبادر وطني سليم الوجدان والضمير الى تسليم وطنه ومجتمعه الى آخر يتربص به، سواء كان ذلك بصورة قصدية أو غير متعمدة، لأن الحس الوطني يوفر مناعة للشخص حول ما قد يضر بأمن وطنه ومجتمعه أو يفيده، ولذلك فإننا في الواقع أمام حالة قد تسمى الحساسية الوطنية، وهي أدنى حدود الحس الأمني بالشعور بأي اختراق أو العمل لصالح طرف يضمر شرا أو سوءا للوطن، أما في حالة تعمد ذلك فلا محالة أن الشخص مرتبك الفكر ومعتل الضمير ودون عمق وطني يعصمه من ارتكاب معصية وطنية يبيع فيها سلامة وطن ومجتمع. تلك الحالة الوطنية السلبية تفسر مجريات إعلان وزارة الداخلية منذ أيام عن ضبط خلية تجسسية في أربع مناطق في المملكة، تتكون من 16 سعوديا وإيراني ولبناني، تعمل لصالح دولة تحمل للسعودية من البغض الكثير، وهو ليس الإعلان الأول ولن يكون الأخير الذين يشتبه فيه تورط من باعوا أوطانهم لآخر من خلال ارتباطات تجسسية، مؤكدا أنها لا تنطوي على خير للوطن، بالنسبة للسعوديين فهم على النحو الذي سقناه في تشريح الطابور الخامس، أما بالنسبة للأجنبيين فهم عملاء مأجورون على نسق القتلة المأجورين الذي يقتلون مقابل المال دون إحساس بقيمة الروح والإنسان، ولذلك فإنهم دون هوية وطنية، وإنما وطنهم ودينهم ومبدؤهم المال فقط، وهؤلاء غير مأسوف عليهم. لا أعرف ما المطلوب من الدولة أكثر من توفير مصدر رزق شريف ومناصب توفر دعما اجتماعيا وذاتيا واستقرارا أسريا وشخصيا، فالمتورطون حصلوا على ذلك ما ينتفي معه أي مبرر للخيانة أو ضعف طاقتهم الأخلاقية وانتمائهم الوطني، ولا اعتقد أن من واجب الدولة أيضا أن تدفع فاتورة شعورهم بكونهم ينتمون الى أقلية زرعت في داخلهم نقصا غير حقيقي، وهذا الشعور الزائف لا يمكن أن يستكمل بتحويل الانتماء الى دولة أخرى لا تعمل أو تقيم فيها، ذلك ضد المنطق. ليس منصفا أن ينظر الى شيعة المملكة على أنهم أقلية، لأنهم في الحقيقة شريحة اجتماعية تمثل طيفا في تكوين كلّي لنسيج المجتمع السعودي، ولهم ولاؤهم ويحملون مشاعر وطنية سامية، وبالطبع إلا من سوّلت لهم أنفسهم الانسياق وراء المؤامرات والدسائس، وهؤلاء هم الاستثناء الذي يصحح القاعدة، فليست هناك من دوافع أخلاقية تحفز كل ذي منصب أو حتى مواطن بسيط للتفكير في بيع وطنه لمن يريد، لأن الأوطان لم تكن يوما سلعا إلا في أسواق العمالة والتجسس، وفي تقديري أن ردات الفعل المتباينة لخبر القبض على الخلية كانت صادمة، خاصة أن هنالك من اعترض على هذا الحدث وكأنه يرى الوضع من منظور الأقلية التي تكال لها التهم، وهو المنظور ذو الأبعاد النفسية التي تصوّر الأمر من خلال هذا المنظور، ومثل هذه التداعيات لا تصب في مصلحة الطائفة الشيعية، فمثل هذه الاعتراضات عاطفية وغير عقلانية ولا تستقيم مع منطق الحفاظ على الأمن الوطني والتعامل الحازم مع أي مهددات، والقضية ما زالت في مراحل التحقيق الأولى ولم تبرز حتى الآن أي معلومات تنقل المتهم الى دائرة المذنب، ولذلك فإن الأصوات التي ارتفعت بالرفض اعتقد أنها تعجلت، فلا نعلم الى أين سوف تتجه بنا التحقيقات؟. وبصرف النظر عن واقعة الخلية التجسسية، فإن المؤكد أن المشروع الإيراني الصفوي ما زال قائما في المنطقة، وليس سرا أن إيران تتخذ من التشيع أداة لتحقيق أحلامها التوسعية غير أنها لا تستطيع المجاهرة بذلك، ولكنها على استعداد كامل لتدمير دول الخليج بلا استثناءات إن اضطرت لذلك أو احتاجت في مرحلة سياسية معينة للعب بكرة الشيعة في أحشاء هذه الدول، فهي لا تخدم الشيعة أو التشيع وإنما مشروعها التوسعي واستخدام العامة من الشيعة كبيادق شطرنج في لعبتها التي أقل ما توصف به أنها غاية في القذارة والإجرام بحق الشعوب وسلامتها وأمنها الوطني والاجتماعي. @sukinameshekhis