يعد الفيلم التسجيلي او الفيلم الوثائقي من أقوى أدوات السينما المعاصرة في اعادة كتابة التاريخ، فالصورة - بما تمتلكه من أثر عميق لاسيما بما تتسلح به السينما المعاصرة من قدرات واسعة - تستطيع ان تطبع المشاهد بمفاهيم عميقة تعجز كتب التاريخ عن ايصال ما تحتويه من حقائق، لكن رغم التوظيف الواسع للفيلم الوثائقي في إعادة كتابة التاريخ كان له الأثر البالغ في اظهار الحقائق وكشف اللثام عن الكثير من الاسرار والاحداث الغامضة، ولان الفيلم الوثائقي أحد فروع السينما الحقيقية فهو يشكل الاتجاه الواقعي للسينما عكس ما يدور في الواقع الاجتماعي من طبيعة العلاقات بين طبقات المجتمع. كما يعكس الاتجاه الواقعي للسينما الحقيقية واقع الصلات والعلاقات بين مختلف اطياف المجتمع وانتماءاته الفكرية والمذهبية، لمثل هذا اللون من الافلام الوثائقية دور بارز ومهم في اظهار واقع العلاقات القائمة بين طبقات المجتمع وتبرز للعيان شكل وطبيعة القضايا التي تشكل حاجزا في انفتاح طيف على الآخر ما يجعل للفيلم الوثائقي الاثر الفاعل في ازاحة العوائق واذابة البرود القائم بين الاطياف المختلفة للمجتمع لجهلهم ببعضهم او لسوء الفهم السائد لكل عن الآخر. لمثل هذا اللون من الافلام الوثائقية دور بارز ومهم في اظهار واقع العلاقات القائمة بين طبقات المجتمع وتبرز للعيان شكل وطبيعة القضايا التي تشكل حاجزا في انفتاح طيف على الآخر ما يجعل للفيلم الوثائقي الأثر الفاعل في ازاحة العوائق واذابة البرود القائم بين الاطياف المختلفة إن التوجه الجاد الذي تشهده الساحة الفنية السعودية في العقد الاخير تصاعد ملحوظ في توجيه الاتجاه الواقعي للسينما الحقيقية لصناعة افلام وثائقية لمعالجة المفاهيم الاجتماعية المختلفة للمجتمع السعودي وتسليط الضوء على القضايا التي ليس بالامكان غض النظر عنها، وقد تمكن بعض هذه الافلام الوثائقية من تحقيق نجاحات باهرة في المحافل السينمائية الدولية، حيث حققت المخرجة السعودية هيفاء المنصور مرتبة أحسن فيلم بمهرجان دبي السينمائي لفيلمها الوثائقي (وجدة) الذي يعالج الانماط والعادات الاجتماعية المختلفة السائدة في المجتمع السعودي، وقد وصفت المنصور هذا الانتاج قائلة : (المهم جدا أن أصنع فيلما يعبر عن المجتمع، ويفتح حوارا في شأنه، ولا يتصادم معه، وأن يساهم في بناء ثقافة سينمائية لدى السعوديين، وتكوين إحساس عندهم بأن ثمة سينما تقدمهم وتحكي عنهم، ولا تستفزهم بقدر ما تعبر عنهم وتنتمي إليهم، فيشعرون من خلالها بهذا الانتماء ويحتوونها)، وكان للفيلم الوثائقي الامريكي (الوطن: قصة أبناء أرامكو) للمخرجين الامريكيين تود وزاكري نيمز وماثيو ميلر أثر طيب في تحسين صورة المجتمع السعودي في الولاياتالمتحدة، حيث ان أحد المخرجين من مواليد المملكة وموظف سابق في أرامكو السعودية ، حيث يعكس الفيلم العلاقات الانسانية والتقاليد العريقة للمجتمع السعودي. يمكن من خلال الفيلم الوثائقي عبور الخطوط الحمراء لما يسود من مفاهيم مغلوطة أو إسقاط الضوء على المساحات المظلمة التي تقف وراء جهل طيف من أطياف المجتمع السعودي بالآخر. الفيلم الوثائقي أداة حوار فاعلة ولغة مؤثرة للتغلب على القطيعة أو السلبيات التي تتغذى من جهلنا ببعضنا البعض. أضحى حقيقة سائدة ان المجتمع السعودي متنوع الاطياف والمذاهب وقوته تكمن في هذا التنوع، إلا ان استثمار هذه القوة وتوظيفها يتطلب ازالة حواجز الغموض وتعزيز التقارب والتفاهم والتعايش لكل اطياف المجتمع والفيلم الوثائقي في هذا الاتجاه يعد من أقوى الوسائل المتاحة في تفعيل قوة التنوع للمجتمع السعودي. [email protected]