كنت أعتقد أن من يقف خلف الملتقى الدعوي الذي أطلق فريق «الحسبة النسائية» بكورنيش الخبر قد نسق مع الجهة المسئولة عن الحسبة بالمملكة وهي (الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) المعروفة بالهيئة لو لم اقرأ كلام الرئيس العام للهيئة الدكتور عبداللطيف آل الشيخ بعدها بأيام في حديث لصحيفة الحياة بتاريخ الأحد 24 فبراير 2013م قال فيه إن معايير توظيف المرأة في الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا تزال تحت الدرس، مضيفاً: «حالياً لا توجد لدينا وظائف نسائية» وقد بدأ جوابه على استفسار الصحيفة عن موضوع المحتسبات بقوله «نحن جهاز حكومي نخضع لتعليمات وأنظمة ولا نخضع لاجتهادات وارتجال، فجهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ينفّذ ولا يشرّع». هذا الارتجال الاحتسابي غير المنضبط المزايد على دور الهيئة هو الذي يربك المجتمع ويعود بالانطباع السلبي على الهيئة الهيئة تحت قيادة الشيخ عبداللطيف آل الشيخ تخطو خطوات تطويرية رائدة فقد أقر مجلس الوزراء قبل شهر تقريباً التنظيم الجديد ل«الهيئة» الذي «سيقضي على الاجتهاد» أي التصرفات غير المحكومة بنظام الحسبة. وعندما يعيد نظام الهيئة الجديد اختصاصات كانت تمارسها الهيئة إلى الجهات المسئولة عنها نظاماً؛ كالدهم، والتوقيف، والتحقيق، وحضور المحاكمات، وإيقاع العقوبات، وعندما توائم الهيئة إجراءاتها مع نظام الإجراءات الجزائية بوصفه النظام الموحد لجميع جهات الضبط والذي يوازن بين حق جهات الضبط ومراعاة حقوق وضمانات المتهم الإنسانية المكفولة شرعاً ونظاماً في ما يخص التحري، والاستيقاف، والقبض، والتفتيش، والتعامل مع المضبوطات، عندما يتم كل هذا فلا شك أننا أمام تطور فريد. لكننا نرى البعض يزايد ويحاول التشويش على هذه الخطوات؛ ليس فقط في ما اشرنا إليه في صدر المقال من ارتجال توظيف المرأة في الحسبة ولكن في أمور كثيرة. فحين تعتمد الهيئة آلية وقواعد تأنيث «المستلزمات النسائية» نرى من (يحتسب) ضد عمل المرأة! وحين يقرر رئيسها أن دور الهيئة في معرض الكتاب مقتصر على تلقي أي شكوى وإبلاغ ما يقع تحت النظر وتمريره إلى وزارة الثقافة والإعلام نرى من يزايد على هذا!. وبينما تقوم أسس الحسبة على قوله تعالى «ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون» آل عمران 104 يخترع البعض مبدأ كلنا محتسب!. هذا الارتجال الاحتسابي غير المنضبط المزايد على دور الهيئة هو الذي يربك المجتمع ويعود بالانطباع السلبي على الهيئة. أخيراً هل يحتاج مجتمع تُنَشّأ أجياله على التزام قيم اجتماعية محافظة وصارمة، وتقتصر المرأة وجودها في حياته العامة في أدنى الحدود، وتمنع فيه ذات العشر سنين من ارتياد الملاهي، ويمارس أفراده، بسبب محدودية سبل الترفيه، متعة مراقبة بعضهم البعض، كل هذا التشبع بالحسبة؟ أم أننا وضعنا لأنفسنا معايير ملائكية للفضيلة فبات من المحتم مواجهة قصورنا البشري بالاحتساب المتواصل؟ @attasaad1