حمّل خبراء عقاريون وزارة الاسكان مسؤولية البطء في تنفيذ المشروعات السكنية، مشيرين الى أن مشروع الإسكان البالغ حجمه 500 ألف وحدة سكنية دخل في نفق تعثر المشاريع بدليل أن وزارة الإسكان لم تسلم أي وحدة للمواطنين رغم وجود العوامل الاقتصادية المشجعة والميزانية الكفيلة بتنفيذه مرجعين ذلك لقلة خبرة مهندسي الوزارة العاملين في الإدارة الفنية، وضعف في ادارة ومتابعة المشاريع والاشراف عليها، وكذلك عدم تهيئة المقاولين المحليين لحجم المشروعات المنفذة مما اضطرت إلى الاستعانة بالمقاولين الأجانب. وقال وكيل كلية العمارة والتخطيط للدراسات العليا والبحث العلمي بجامعة الدمام السابق الدكتور هاني القحطاني : إن مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للإسكان أصبح هم المواطن الأول وحتى هذه اللحظة لم تسلم وزارة الإسكان أي وحدة سكنية. وأضاف «التأخر في تنفيذ المشروع سببه غياب آلية عمل واضحة من حيث التخطيط واختيار التصاميم والبناء والتوزيع على المواطنين للتعامل مع مشكلة الإسكان وبناء 500 ألف وحدة سكنية مما سيسهم في عدم التنفيذ أو التسليم بعد سنين طويلة». مشكلة الاسكان تزداد يوما بعد يوم في ظل نمو سكاني متسارع يقدر بنحو 2.5 بالمائة سنويا، ويتوقع أن يصل عدد سكان السعودية إلى 30 مليون نسمة بحلول عام 2017. وبالنسبة لتعثر المشروع في ظل وجود عوامل اقتصادية مشجعة ووفرة مالية حكومية أوضح القحطاني قائلا «إن الفائض المالي الموجود لدى الدولة كفيل بتغطية أي مشكلة ، ولكن السؤال إلى متى التأخير والسكن حق أساسي لكل مواطن، لذا يجب أن يكون لدى الوزارة آلية خاصة تصاحب آلية العمل والتنفيذ وهي كيفية التعامل مع المواطنين الذين يترقبون اكتمال المشروع السكني والإجابة على تساؤلاتهم حول تنفيذ هذا العدد الهائل من الوحدات، كما يجب على الوزارة توفير فريق عمل هندسي حرفي من خبراء محليين وأجانب لتحقيق الهدف الذي وضع من أجله المشروع، وكذلك الابتعاد عن البيروقراطية والإجراءات المعقدة وتجزيء ال 500 ألف وحدة وتحديدها في مسارات، واكتفاء المدير التنفيذي بالمراقبة وعدم التدخل في عمل الفنيين والخبراء لأن هذا يسهم باستمرارية تعثر المشروع بكافة مناطق المملكة». وفيما يتعلق بدور مهندسي وزارة الإسكان بتأخير تنفيذ المشروع وتسليمه بالكامل، قال القحطاني : إن مشكلة التعثر تتعلق بالإدارة وليس بالمهندسين بل بالعكس أصبح هذا المشروع فرصة ذهبية بالنسبة لهم لإبراز إبداعاتهم لأن المهندس المؤمن بمهنته في عمله عليه أن يكون جزءا من هذا المشروع الوطني، أما بخصوص المدة المتوقعة لتسليمه فأعتقد أنه من المفترض تسليمه في 3 سنوات من إقراره في ظل وجود السيولة الحكومية وإجراءات الوزارة الطويلة، ولكن مع غياب آلية التنفيذ الواضحة والمقاولين لن تستطيع وزارة الإسكان بناء الوحدات المطلوبة، وهذا سيحفز العقاريين إلى التلاعب بالسوق العقارية ورفع أسعار الأراضي والإيجارات السكنية. وأكد مهندس العمارة والتخطيط صلاح الغامدي قائلا : إن المتابع لمشاريع وزارة الإسكان يلاحظ وجود بطء واضح في تنفيذها وأن أغلبية المشاريع التي دوّنت لها نسبة الإنجاز كانت إما مشاريع متأخرة بنسبة عالية أو تعاني بطئاً شديداً في التنفيذ ، وعدد المشاريع التي طرحتها الوزارة وتعمل على تنفيذها حتى الآن بلغ 47 مشروعاً فقط، وإجمالي عدد الوحدات السكنية لجميع هذه المشاريع هو 14,333 وحدة، وقد بدأت في طرح مشاريعها منذ عام 1429ه مع العلم أن العدد الكامل للوحدات السكنية المطلوب تنفيذها هو 500 ألف وحدة سكنية وهذا ما يشكل تحدياً حقيقياً لجهود الدولة التنموية في ظل الدعم الحكومي الكبير. أضاف «أعتقد أن السبب في تعثر مشاريع الإسكان يرجع الى قلة خبرة مهندسي الوزارة العاملين في الإدارة الفنية، وضعف ادارة ومتابعة المشاريع والاشراف عليها، وكذلك عدم تهيئة المقاولين المحليين لحجم المشروعات المنفذة مما اضطرت إلى الاستعانة بالمقاولين الأجانب، إضافة إلى جانب نقص تأشيرات العمل لصالح المقاولين، وطول الاجراءات للحصول على التراخيص واستلام مستحقات المقاولين، فبالتالي تكون النتيجة هي التسرع في إرساء المناقصات على شركات غير مؤهلة لتنفيذها. وأكد أن مشكلة الاسكان تزداد يوما بعد يوم في ظل نمو سكاني متسارع يقدر بنحو 2.5 بالمائة سنويا، ويتوقع أن يصل عدد سكان السعودية إلى 30 مليون نسمة بحلول عام 2017، حيث ان 65 بالمائة من المواطنين حاليا لا يملكون مساكن، وهذا ما يتطلب جهودا مضاعفة من وزارة الاسكان لحل مشكلة تعثر المشاريع وتنفيذها بالجودة المطلوبة . وعن سبب إخفاق الوزارة في حل مشكلة السكن ودور مهندسيها في تعثر المشروعات السكنية، قال الغامدي «إن أزمة السكن بالمملكة ليست أزمة صعبة الحل في ظل وجود عوامل اقتصادية مشجعة ودعم حكومي ضخم جدا حيث تم تخصيص اعتماد مالي بقيمة 250 مليار ريال لبناء 500 ألف وحدة سكنية في جميع مناطق المملكة، كما تمت زيادة سقف مبلغ التمويل السكني الذي يقدمه صندوق التنمية العقاري إلى 500 ألف ريال، وتم إلغاء شرط تملك الأرض، وأتبع ذلك صدور منظومة الرهن والتمويل العقاري التي كان تأخيرها هو أحد المعوقات التي أدت إلى تفاقم المشكلة، ولكن الحل يحتاج للمزيد من التخطيط والعمل الجاد والمسؤولية، وكذلك تكاتف الجهات الحكومية ذات العلاقة مع الوزارة كوزارة الشئون الاجتماعية بالتعاون مع الجمعيات الخيرية التي تعمل تحت مظلتها، ووزارة الشئون البلدية والقروية بالاضافة الى الاستفادة من خبرة بنك التسليف العقاري في تمويل من لديهم أراض جاهزه للبناء ، اما بما يخص دور المهندسين في التعثر فأعتقد أنه يجب أن يكون دورهم اشرافيا فقط وترسية المشاريع على شركات ضخمة تستطيع تنفيذها بالمدة المحددة وبالجودة العالية وتدريب المهندسين بشكل أكبر في مجال ادارة المشاريع وكيفية التعاطي مع المشكلات التي قد تطرأ في عملية سير مراحل المشروع المختلفة بدءا بعملية التصاميم وانتهاء بتنفيذ وتشييد المشاريع ،بحيث ان مهندسي الوزارة يجب أن يكونوا هم الأقوى للسيطرة على المشروع والتحكم به ، ولو كان هناك خلل في عملية المتابعة والاشراف فان الناتج إما تأخر في تنفيذ المشاريع وهو الحاصل الآن أو عدم تحقيق الجودة المطلوبة في تنفيذ الوحدات السكنية وهذا الأمر الذي لا آمل حدوثه أبدا لاسيما في ظل ضخ حكومي كبير على مشروعات الوزارة وعموما فالمهندسون الوطنيون يجب أن يعطوا الفرصة في المشاريع الوطنية . وأشار إلى أن تعثر مشاريع الاسكان في عدد من مناطق المملكة له آثار سلبية على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، كما يؤثر بشكل مباشر على النهضة التنموية والتطويرية في المملكة، فارتفاع نسبة النمو السكاني في المملكة والذي بلغ 2.5 بالمائة سنويا مقارنة بالنمو السكاني في العالم المتقدم والذي يبلغ 0.5 بالمائة وضعف متوسط الدخل للمواطن وارتفاع أسعار العقارات بشكل لا مبرر له ، فإنه أمام كل هذه التحديات جعلت لنا الوحدات السكنية والتي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله ووضع لها الميزانيات الضخمة بصيصا من الأمل لإنفراج أزمة الاسكان، ولكن تعثر هذه المشاريع أشعر المواطن بحالة من الخوف وجعلنا جميعا في حالة من الترقب على مصير هذه المشروعات التي قد تعيدنا إلى الوراء بدلاً من أن تدفعنا إلى الأمام . وأكد الغامدي أن حجم العجز في المنازل خلال 2013 يصل إلى مليون مسكن والحاجة إلى نفس هذا الرقم لحل أزمة الإسكان في المملكة بنسبة 100 بالمائة، وأن نسبة الإنجاز في ال 500 ألف وحدة سكنية ضئيلة جدا، فعلى حسب آخر الإحصائيات فإن نسبة الإنجاز العام 12,5 بالمائة، وعدد المشاريع التي رست عليها المناقصات يبلغ 47 مشروعا بمعدل 14 ألف وحدة سكنية فقط أي بما يعادل 5 بالمائة من إجمالي المشروع فعلى سبيل المثال أحد المشاريع السكنية تبلغ نسبة الإنجاز فيه 4 بالمائة، وإسكان نوان في المخواة تبلغ حتى الآن 12,5 بالمائة، ومشروع الخرمة 19 بالمائة، وكذلك إسكان عرعر بلغت نسبة الانجاز فيه 3 بالمائة والزلفي 6 بالمائة، وإسكان الشماسية 14 بالمائة، وأبوعريش 35 بالمائة، وخيبر 53 بالمائة، وهذه النسب كان من المفروض إنجازها، موضحا ان إسكان الخبر تم إنجاز 80 بالمائة منه، ولكن لا يزال يواجه مشكلة كيفية التوزيع على المواطنين، ولهذا استعانت وزارة الإسكان بشركة أجنبية لعمل دراسة توزيع الوحدات في ظل وجود الجمعيات الخيرية، ولكن الوزارة لا تتجاوب معها لمعرفة المحتاجين، مبينا ان هذه الإحصائيات ظهرت قبل 4 شهور وللأسف لا يوجد تحديث مستمر لها ولا لنسب الانجاز التي من المفترض أن تحدثها الوزارة بشكل دوري حتى يتسنى للمتابعين تقييم ومعرفة الوضع الحالي للمشروع. وأوضح خبير العمارة والتخطيط الدكتور جمال الدين سلاغور أن سبب تأخر تنفيذ مشروع الوحدات السكنية من قبل وزارة الإسكان لا يزال غير معروف، ولكن قد يكون له علاقة في التشريعات أو الخطة الاستراتيجية للوزارة. وقال : لدى الوزارة دراسات عدة، ولكن يبدو أنه لا توجد موازنة بينها وبين سرعة الإنجاز، كما الطاقم الهندسي في الوزارة ربما قد يحتاج إلى خبرات وتعاون مع الجهات ذات العلاقة مثل القطاع الأكاديمي بالجامعات الذي يملك الخبراتالعالية والتخطيط والجودة ووزراة الكهرباء والمياه لإنجازه وتسليمه للمواطنين بأسرع وقت لأن مشروع الإسكان ضخم جدا حيث يتكون من 500 ألف وحدة ولن تستطيع التنفيذ والعمل بمفردها.