جاءني وهو حزين يقول : ياحسافة على عملي الذي استقلت منه وياحسرة على الراتب الذي كنت اتقاضاه بل الاهم من هذا وذاك كنت مرتاح البال فبعد دوامي الرسمي كنت استمتع بيومي مع عائلتي واصحابي ولم يكن المرض يعرف لي طريقاً، لقد كنت دوماً احلم بأن يكون لي عملي التجاري الخاص وأكون مؤسسة خاصة بي تكبر شيئاً شيئاً فيعمل بها اولادي واقاربي وابناء وطني واساهم في نهضة بلدي لكن كيف انجح وهم يقفون في طريقي ؟؟؟ هل تستطيع اعادتي الى عملي وسأعلن توبتي ولن اعودها وسأوصي ابنائي من بعدي بأن لا يطرقوا العمل الخاص ابداً فمن كان خصمه القاضي فكيف له ان يقاضي , لا تقل لي انظر الى فلان وفلان فلقد نجح السابقون الذين اصبحوا الآن كباراً فمهما وضعوا أمامهم الآن من عقبات و اجراءات وضرائب فلا يهمهم بل ان جاههم ومالهم يشفع لهم اما نحن الصغار فلا نستطيع ان نصمد فلقد تفننوا في محاربتنا وخربوا بيوتنا . ومع هذا وبالرغم ان اجمالي رؤوس أموال الشركات الصغيرة بالمملكة لا يتجاوز رأسمال «شركة» مساهمة واحدة كما تقولون ، إلا انهم - وهم في غنى عن ذلك - ينظرون الى هذه الكيانات الصغيرة نظرتهم للبقرة الحلوب فما يُفرض من ضرائب على مصرف يجني ارباحا بالمليارات او شركات تجني مئات الملايين يُفرض على هذا المسكين صاحب المؤسسة الصغيرة الذي يكافح ليبقى في السوق فأين العدل في ذلك !!! قاطعته قائلاً: من هم؟؟ فلم يستمع لي واستمر يقول : لقد صَدقتُ الاقتصاديين الذين قالوا ان المنشآت الصغيرة مهمة في الاقتصاد المعاصر وفي البلدان النامية على وجه الخصوص لما تلعبه من دور في تلبية الحاجات الأساسية للسكان وفي توليد فرص العمل قليلة الاستثمارات والتي تعجز القطاعات المنظمة عن توليدها بنفس الكفاءة ونفس مستوى رأس المال المحدود. لقد كنت اعتقد انهم ينظرون الى المنشآت الصغيرة على انها الحل السحري لتنمية اقتصاد الوطن، وللعديد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، وعلى رأسها توفير فرص العمل إلا ان الواقع هو عكس ذلك. صدقت الندوة التلفزيونية التي كانت تتحدث عن اهتمام الدولة بالمؤسسات الصغيرة لما لها من دور فعال في خدمة وبناء المجتمعات بل طربت واعجبت بالتشبيه الذي ذكره ضيف الندوة حين شبه المؤسسات الصغيرة بالغزال لقدرتها على التكيف بما يستجد ويطرأ من ظروف اقتصادية وغير اقتصادية بعكس الكيانات الكبيرة التي شبهها بالفيل لصعوبة قدرتها على التكيف ومواجهة الظروف الجديدة. حاولت ان اتكلم فأشار بيده ان اصمت وتابع ، هم يقولون: ان اهتمامنا بالمؤسسات الصغيرة انما هو نابع من قناعتنا بان هذه الكيانات الصغيرة تزيد حجم الإنتاج بأقل التكاليف، و أنها تُمكن من التوسع الأفقي والرأسي في الاستثمار، فضلاً عن كونها طريقاً سهلاً لزيادة الصادرات من خلال مشاركة عدد كبير من المنتجين لكن يبدو ان ما يقولونه هو غير ما يفعلونه. عندها بدأ صبري ينفد ورجوته ان يفصح لي من يقصد ؟؟ عندها نظرَ الي قائلاً : انتم شركاء معهم فلقد غررتم بنا !! احد تقاريركم الاقتصادية في صحافتنا المحلية ذكر ان الواقع السعودي يشير إلى أن اجمالي رؤوس أموال الشركات الصغيرة والمتناهية الصغر يكاد يضاهي متوسط قيمة رأسمال شركة واحدة من الشركات المساهمة بسوق الأسهم لذلك فإن قطاع المؤسسات الصغيرة سيحظى بدعم لا محدود من الدولة لصغر حجمه فصدقناكم وياليتنا لم نصدقكم. ويسترسل صاحبي .... ومع هذا وبالرغم ان اجمالي رؤوس أموال الشركات الصغيرة بالمملكة لا يتجاوز رأسمال «شركة» مساهمة واحدة كما تقولون ، إلا انهم - وهم في غنى عن ذلك - ينظرون الى هذه الكيانات الصغيرة نظرتهم للبقرة الحلوب فما يُفرض من ضرائب على مصرف يجني ارباحا بالمليارات او شركات تجني مئات الملايين يُفرض على هذا المسكين صاحب المؤسسة الصغيرة الذي يكافح ليبقى في السوق فأين العدل في ذلك !!! ثم ان هناك نقطتين مهمتين جداً ليتهم ينظرون اليهما، الاولى ان الدول المتقدمة التي نحاول ان نكون مثلها تستثني الصغار وتضع على الكبار اما هم فيجلدون الصغير اكراماً لعيون الكبير والنقطة الثانية هي ان شعار اصحاب المؤسسات الصغيرة هو « دهنا في مكبتنا « اي ان ما نجنيه من ارباح يدور في عجلة الاقتصاد المحلي بعكس (( بعض)) الكبار الذين يجنون مئات الملايين ويحرمون اقتصادنا منها فمصارف اوروبا وامريكا هي ملاذها. ثم وقف صاحبي وابتسم ساخراً ،هم يقولون: توجد أكثر من (15) جهة ومؤسسة ترعى وتحمي وتساند المشاريع الصغيرة والمتوسطة، و صاحب المؤسسة الصغيرة يقول: لا نريد رعايتكم ولا حمايتكم ولا مساندتكم ولا تمويلكم فقط كفوا عنا شركم و ارفعوا عنا رسومكم وضرائبكم و اجراءاتكم المعقدة ودعونا نعش بسلام. هذا كلام صاحبي الذي بدا يائساً وغادرني من غير ان يقول لي من يعني ؟؟ و من هم ؟؟ ومن الذي يحاربه؟؟ واسقط في يدي فلست اقتصادياً ولست من رجال المال والاعمال لأسدي له النصح لكن ان كان ما قاله صحيحاً - واظنه صادقاً – فالحل ان تقف الدولة بجميع مؤسساتها بجانب اصحاب المؤسسات الصغيرة التي يقل عدد عمالتها عن 50 عاملا، ويقل رأسمالها عن 5 ملايين ريال وتستثنيهم من كل الضرائب والرسوم وتسهل اجراءاتهم وان تكون معهم لا عليهم اذا كانت حقاً تؤمن باهمية دور المؤسسات والكيانات الصغيرة في اقتصادنا السعودي. انني من هذا المنبر الاعلامي ادعو مجلس الشورى في دورته الجديدة ان يولي هذا الموضوع جُلَ اهتمامه وان يستمع الى اصحاب المنشآت الصغيرة مباشرة ليعرف حجم المعاناة ويرفع عنهم الضرر ليُسهم في جذب شباب الوطن الى عالم الاعمال لما للمؤسسات الصغيرة من دور في تعزيز مفهوم الشراكة الوطنية في التنمية. تويتر: @IssamAlkhursany