يتناقل الناس أن مسؤولاً يابانياً سئل عن أسباب تقدم اليابان فعدد في إجابته بعض الأمور التي ركز فيها على الإنسان الياباني وليس فقط الإنسان الياباني المتعلم. كان يشير إلى أثر القيم والأخلاق في الإنتاجية والعمل. كنت أقرأ بعض ما دون وأفكر في حالنا وأقارن فنحن لدينا قيم عظيمة من ديننا الذي ختمت به الأديان ولدينا قدرات كلامية لا نبارى فيها ولدينا ورق كثير كثير جداً نكتب فيه الخطط والتقارير المزخرفة والدورات التدريبية التي نستشهد عليها بالآيات الكريمة والأحاديث الشريفة ومقولة لعمر بن الخطاب وأخرى لعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما ونشير لما فعله طارق بن زياد والحسن البصري والخوارزمي والعقاد وكل من نحفظ له قولاً ونقرأ له سيرة عظيمة ثم نرمي بكل ذلك عرض الحائط لأننا قوم لا نفعل ما فعلوا ولا نقلد أحداً فنحن نبتكر أساليبنا الخاصة ونتعامل بها تارة حسب هوى النفس وتارة حسب هوى الواسطة وتارة حسب هوى العرف كم نحن ماهرون في وضع العراقيل المرتبة الممنهجة وفق مقاييس قبيحة تكشف سوء تدبيرنا وبطء انتاجنا. في اليابان لا تتأخر القطارات طوال العام الا بمعدل سبع ثوان في العام ونحن قطارنا يوصلنا الرياض بعد ست ساعات ناهيك عن الخطاب الذي يستغرق شهراً ليصل للمكتب المطلوب في دائرة العمل نفسها وهي الدائرة نفسها التي تعبئ أوراق الحصول على شهادة الجودة وجائزة التميز الإداري!! الطفل الياباني ينظف مدرسته بمساعدة المعلم لا لينظف فقط بل ليتعلم الكثير من هذا التصرف فمن ذلك الحرص على من يتسبب في الأصل في اتساخ ما حوله ثم يتعلم التعاون والمشاركة مع الآخرين ويتعلم خدمة نفسه أما نحن فلو تجرأ معلم أن يطلب من طلابه تنظيف الفصل لقال له الطالب (ليه تحسبنا خدامين عندك) قبل أن يقولها والده أو والدته حين يذهبون في اليوم التالي لتقديم شكوى بحق المعلم والمدير!! وفي المساء يلقي الأب محاضرة على أبنائه وهم في صالة بيتهم العامر عن معنى الطهارة والنظافة من الإيمان وبعد ذلك يقوم ابنه منادياً (سيتي. تعالي نظف هذا مكان كله وسخ انت ما فيه شوف). وفي اليابان كما يقال ليس هناك رسوب في المرحلة الابتدائية ولا المتوسطة لأنهم يعملون على بذر الأخلاق فهي الأهم التي تدعم العلم وبدونها لا تستقيم الأمور حتى مع أعلى الشهادات ونحن اذا لم تعرف كم نصاب الزكاة لبنت لبون سترسب ولكن لو حطمت سيارة المعلم فأنت قوي ومهاب ولو رميت بقمامة بيتكم في الشارع فلأنك حر وهناك من يخدمك. في اليابان لا تتأخر القطارات طوال العام الا بمعدل سبع ثوان في العام ونحن قطارنا يوصلنا الرياض بعد ست ساعات ناهيك عن الخطاب الذي يستغرق شهراً ليصل للمكتب المطلوب في دائرة العمل نفسها وهي الدائرة نفسها التي تعبئ أوراق الحصول على شهادة الجودة وجائزة التميز الإداري!! والمصيبة أنها تفوز ياللروعة والجمال الذي نراه في أنظمتنا التي تتسابق للحصول على التميز وهي ما زالت تتعامل مع (خيشة البريد الحكومي) وما أجمل المسؤول الذي يتحدث معك بهدوء وهو يشرح لك النظام المعمول به وكأنك شخص قدم من بلاد الواق واق ولا تعرف شيئاً عن النظام الذي تعمل به دائرتك التي تعمل بها منذ ثلاثين عاماً واذا تجرأت وذكرته بالأخطاء التي تحدث على مرأى من النظام من أجل بعض الخواطر قال لك أغرب عن وجهي أيها المزعج ونزل عليك غضب المأمور أيها العبد. وبؤت بالخسران العظيم فأنت مطرود من رحمته. وسلموا لي على النظام. Twitter: @amalaltoaimi