عناوين مختلفة لقضية العنف الأسري، ذلك الوجع الذي يعانيه جسد المجتمع؛ ففي الوقت الذي وصفه البعض بالكابوس المخيف؛ انبرى آخرون واصفينه بالآفة المجتمعية المدمرة والظاهرة التي تتعاظم وتكبر بسرعة مذهلة مع مرور الأيام. ومع اختلاف مفردة العنوان ووصفية الحالة يتفق متخصصون على أن العنف تهديد صارخ لأمان المرأة الضعيفة ومستقبل الأطفال الأبرياء، مطالبين بنشر الثقافة التوعوية بين فئات المجتمع وتدريس حقوق الانسان في المدارس على جميع مراحلها حتى لا يتحول العنف إلى ظاهرة عصيّة العلاج. وأرجع المتحدثون العنف الى أسباب أبرزها إدمان المخدرات وغياب الحوار وضغوط الحياة المعيشية والفهم الخاطئ لمفهومي القوامة والولاية عند كثيرين. ولم يخف المتحدثون حجم الضريبة التي يدفعها المجتمع من جراء العنف وانتشاره، مؤكدين أن العودة لتعاليم الدين وتفعيل فضائل الرحمة يمثلان أفضل الجسور لعلاج هذه الآفة المجتمعية. “المدينة” فتحت الملف الشائك للتعرف على أبرز مظاهر العنف في المجتمع والفئات المستهدفة وطرق العلاج. أشكال العنف نجوى الحربي إخصائية اجتماعية بجمعية حقوق الإنسان قالت: هناك أشكال عدة للعنف منها الجسدي والنفسي وهو مرتبط غالبا بإدمان المخدرات، ونحن في جمعية حقوق الإنسان نحث على تدريس حقوق الإنسان من الابتدائي إلى مرحلة الجامعة، ولعل من الحالات التي مرت بنا في الجمعية قضية لفتاتين تعرضتا للعنف من اخوتهما وعند الاتصال بوالدتهما قالت بحرقة: عندما حاولت حمايتهما تلقيت طعنة سكين من ابني وقدرت ب 16 غرزة فإن حميتموهما انتم جزيتم خيرًا والا اعيدهما، اما انا فلا استطيع حتى حماية نفسي منهم. وعندما يعرف كل فرد حقوقه وواجباته قد نحد من انتشار العنف ولعل العلاج يكمن في التمسك بالشريعة الاسلامية، لأن مشكلتنا اننا ابتعدنا عن الالتزام بتعاليم الاسلام. ثلاثة أقسام أما الدكتورة هانم حامد ياركندي استاذ الصحة النفسية المشارك ورئيسة مجلس ادارة جمعية ام القرى الخيرية فقالت: أهم مظاهر العنف الاسري تمحورت في رسالة إحدى الطالبات في مرحلة الماجستير حيث قسمت العنف الى ثلاثة اقسام عنف جسدي وعنف نفسي وعنف جنسي. وقالت ياركندي: نحن نحتاج للحملات التي تتحدث عن العنف الأسري وتوجيه الآباء وتوعية الاسر بأهمية التنشئة الصالحة للأبناء. وأضافت ياركندي العنف موجود لا ننكر هذا الشيء، ولكن من كثرة الحديث عنه اصبح هناك فتيات بمجرد ان يتحدث احد الوالدين بصوت مرتفع يعتبرنه عنفًا ويتطاولن عليهم، ولذلك هذا لا يصح لذا نعمد على عمل محاضرات دينية وتثقيفية من اجل توعوية الفتيات وارشادهم. أبرز الحالات وأكملت ياركندي أن أبرز الحالات لدينا في دار الحماية تظهر في تعنيف من قبل زوجة الاب بالحرق والضرب وحالات معنفات من عمتهن بسبب انها كانت تكره والدتهن فبدأت بالانتقام منها في ابناء الاخ وشاهدنا الضرب والقرص في اجسادهن بشكل ظاهر واخرى بسبب الإرث ومعنفة من والدها وسبب ذلك ان لدى هذا الاب زوجات كثيرات وابناء كثيرون ويمارس معهم العنف، واسباب اخرى قد تؤدي الى العنف الاسري وهذا كله يدل على قلة الوعي والبعد عن تعاليم الدين. الفضائيات والرفاهية د نجلاء فخر الدين أرجعت انتشار ظاهرة العنف الاسري الى الفضائيات والرفاهية التي يعيشها الفرد، فالمرأة ترغب في أن تكون كمثيلاتها من النساء الاخريات والرجل قد يكون غير قادر على توفير ذلك وتلبية رغباتها فتبدأ المشاكل ويبدأ العنف الاسري على حسب ذلك، ومن أهم الاسباب المخدرات فكثير من الاحيان المرأة تكون ضحية زوج مدمن أو اولاد مدمنين، ومن المؤلم ان نجد أمًّا معنفة من أبنائها بسبب ميراث او ما شابه ذلك. أما الدكتورة مريم عبدالرحمن أبوعلي فتوضح ان أهم اسباب العنف الاسري يعود لضعف المكونات في بيئة المجتمع الصغير المتمثل في الأسرة ثم بعد ذلك تتسع باتساع افراد المكونات الذي يتكون منها هذا المجتمع وطبعا الجهل هو السبب الرئيس في ممارسة العنف لأن التعليم له أثر في تهذيب السلوك. فرق الأزمنة وأكملت فخري أن هناك فرقًا بين الأزمنة ففي السابق كان هناك تلاحم بين افراد المجتمع والآن نجد مجتمعا متوترا لا يرضخ الابن فيه لكلام اهله والفتاة تريد الحرية الكاملة وهذه التصرفات سببت التفكك وعدم التوافق الاسري، ولدينا في المجتمع لم نلحظ عنفًا ضد الرجل الا في حالة ان كان الابن معاقًا فيحدث عنف احيانًا دون قصد او بهدف الحماية كربطه بالسلاسل او حبسه او عزله عن الاخرين، ولو كانت هناك مراكز متخصصة لاستقبال هذه الفئة ربما لم نر مثل هذه الحالات بل على العكس قد يتحصل على تأهيل وتدريب وعلاج ويزاح هذا العبء عن الاسرة. أبرز الأسباب الدكتورة مريم عبدالرحمن ابو علي المرشدة بلجنة إصلاح البين توضح ان اهم اسباب العنف الأسري تعود لضعف المكونات في بيئة المجتمع الصغير المتمثل في الاسرة، ثم بعد ذلك تتسع باتساع افراد المكونات الذي يتكون منها هذا المجتمع وطبعًا الجهل هو السبب الرئيس في ممارسة العنف لأن التعليم له اثر في تهذيب السلوك؛ فالعلم له عدة قنوات أولًا يأتي من الوالدين ثم من مؤسسات التعليم المختلفة، وأكملت أبو على سمعنا عن ممارسات عديدة تمارس ضد الاطفال والنساء فقد تصل الى درجة يقف عندها دور المرشد وتحال تلك القضايا الى الجهات الامنية والجنائية او الصحية، وهذا ما يحزننا حقا وقالت ان العنف ليس وليد لحظة بل يمارس منذ القدم ولكن الإعلام ساهم في ابرازه حتى صنف بأنه ظاهرة.