في يوم الجمعة من الأسبوع الماضي، وفي ساعة استعراض ما جاء في بعض صحف ذلك اليوم، وعلى غير العادة، دب في النفس فرح اذكى نوازع التفاؤل. على مساحة صفحتين متقابلتين من جريدة الرياض اربعة تحقيقات عن احتفاليات للفن التشكيلي والفوتوغرافي والنحت في مناطق مختلفة من البلاد. على الصفحة 21، يتحدث الفنان الفوتوغرافي صالح الصايغ عن تجربته في اليابان وما أضافت له من آفاق رحبة حول الطبيعة والناس واحترام اليابانيين للفن والفنانين وهو الذي كانت الصحراء وما حولها من عمران مجالاته المفضلة. يقول الصايغ : لو سألت اليابانيين عن أجمل ما في اليابان سيقول الصغير والكبير في الربيع وقت تفتح أزهار الساكورا حيث تتغير اليابان بأكملها. وعن معنى الفن الفوتوغرافي فهو مكسب روحي لا يشترى بالمال لأن روح التصوير بداخلك تجعلك سعيداً ومميزاً كما يقول الصايغ. وعلى الصفحة المقابلة، وفي غاليري (داما ارت) أقام الفنان التشكيلي ناصر الضبيحي معرضه الشخصي عن الخيل العربية الذي يدخل في فن البورتريه الذي يعتبر الفنان الضبيحي من اهم المتميزين فيه في المملكة منذ خمسة وعشرين عاماً. وفي مجال فن النحت، وهو الفن الأكثر معاناة من توجس المشاعر المحافظة والمتشددة ، اختتمت غاليري (داما ارت) للفنون التشكيلية فعالياتها بالمعرض الشخصي الأول للفنان والشاعر فيصل النعمان الذي يقول عنه الفنان عبد الله نواوي (يعتبر فيصل النعمان أحد النحاتين المتميزين الذي شرفنا لتزدان جدة بجمال أعماله النحتية التي اتسمت بالروح الفنية والنحت على كافة أنواع الصخور بالمملكة). المسؤول محق لأنه فيما يبدو لا يعرف ماذا تعني اللوحة للفنان. صورة الفنان مجرشي وهو يقف مذهولاً تقول ببساطة ان روح الفنان ليست (مفرد) بل (جمع). وخلال فعاليات مهرجان للفن التشكيلي العربي ضم المعرض التشكيلي 273 عملا من لوحات ومجسمات ل110 فنانين وفنانات من مختلف مناطق المملكة جنبا إلى جنب مع فنانين من بلدان الخليج والبلدان العربية. وفي ذروة من الفرح المشوب بالتفاؤل، جاء دور القدر ليفسد الفرحة. تقرير مع صورة للفنان التشكيلي الشاب محمد مجرشي يقف حزيناً أمام لوحاته التشكيلية المفترسة حتى الموت. ست عشرة لوحة من ثلاثين لوحة لفنانين آخرين من فنانين شباب كانوا يستعدون في مرسم بيت الشباب التابع للرئاسة العامة لرعاية الشباب بالرياض جرى تدميرها بفعل فاعل يعرف ماذا يفعل في رأي الفنان محمد مجرشي. هؤلاء الشباب كانوا يستعدون للمشاركة بأعمالهم في معرض الفن الخليجي المعاصر المزمع إقامته قريباً. مسؤول بيت الشباب صرح بأن لجنة للتحقيق باشرت عملها وأخذ على الفنان المفجوع تسرعه في الحديث قبل انتهاء التحقيق. المسؤول محق لأنه فيما يبدو لا يعرف ماذا تعني اللوحة للفنان. صورة الفنان مجرشي وهو يقف مذهولاً تقول ببساطة ان روح الفنان ليست (مفرد) بل (جمع). يحدث ان يفقد الفنان إحدى أرواحه نتيجة عبث حيوان سائب أو لص افاق أو مجرم حرب، أما أن يكون أمثال هؤلاء خارج دائرة البحث فإن محاولة عدم التفكير وبخاصة من مسؤول ممن يعارضون (ليس فقط في قلبه ولسانه) بل وباليد كل أنواع الفن وعلى رأسها الفن التشكيلي والتصوير والنحت ليس سوى محاولة بائسة للتعامي عن حقائق ملموسة.