استقبل المواطنون الأوامر الملكية بسعادة بالغة، حيث لامست هذه الأوامر احتياجات حقيقية ومباشرة للمواطن، سواء بشكل فوري أو على المدى الطويل. وقد كان أكثر القرارات تأثيرا على المدى الطويل تلك المتعلقة بعلاج البطالة وبدل البطالة، ورفع قرض صندوق التنمية العقاري وخطة بناء 500 ألف مسكن بتكلفة تزيد على 250 مليار ريال وأيضا هيئة مكافحة الفساد. وحتى تتحول هذه القرارات إلى عناصر فاعلة في زيادة رفاهية المواطن والبناء الاقتصادي فيتحتم أن تقترن بقرارات مرتبطة تضمن تنفيذها وتأثيرها المباشر، حيث إن أكثر القرارات تأثيرا على المواطن هي التي تتعلق بالإسكان (تشير التقديرات الى أننا نحتاج لأكثر من 3 ملايين مسكن خلال السنوات العشر المقبلة)، برفع قرض صندوق التنمية إلى 500 ألف ريال وبناء 500 ألف مسكن، فال «500» ألف مسكن الموجهة في الغالب لذوي الدخل المحدود، يجب أن يعلن بالتفصيل عن آلية تنفيذها والجدول الزمني للانتهاء منها، حتى يتحول الشعب كله الى رقيب على من تولى مسؤولية إتمام المشروع. أما قرض صندوق التنمية فسيكون تأثيره محدودا إذا لم يتم علاج مشكلة ارتفاع أسعار الأراضي بشكل جذري، بفرض قانون للزكاة أو الرسوم على الأراضي البيضاء الذي سيضمن انخفاضا كبيرا في أسعار الأراضي، ولو تحقق هذا الأمر وتمكن المواطن من شراء أرض يقل سعرها عن 60 ألف ريال على سبيل المثال وهو أمر ممكن ولو تم تصحيح وضع سوق الأراضي، فسيكون امتلاك المسكن بالنسبة للمواطن أمرا يسيرا، حيث إن 500 ألف ريال كافية لبناء مسكن متوسط المستوى. أما بدل البطالة، فهي خطوة حضارية تضمن للعاطلين العيش بكرامة حتى يتسنى لهم إيجاد وظيفة لائقة. وأخيرا فإن لجنة مكافحة الفساد التي انتظرنا الإعلان عنها طويلا يجب أن تكون الضامن الحقيقي لتطبيق هذه القرارات دون هدر أو فساد، ونتمنى أن يكون لها صلاحيات مطلقة في محاسبة كل من تثبت خيانته للأمانة دون تهاون أو تساهل.كما يمكن اعتبارها عمليا حدا أدنى للأجور، حيث لن يقبل المواطن العمل براتب يقل عن 2000 ريال، وسيفضل الحصول على بدل البطالة، لكن حتى يكتمل إصلاح سوق العمل، وحتى لا يساء استخدام هذا البدل، فمن المفترض أن يشترط على من يطلب بدل البطالة أن يلتحق ببرامج تدريبية تتحمل تكلفتها الدولة تضمن زيادة كفاءته وانتاجيته حتى تزداد فرصه في إيجاد عمل. كما يضمن ذلك تجنيب غير الجادين في البحث عن عمل المطالبة ببدل العطالة. كما يفترض البدء رفع تكلفة الاستقدام لتزداد تكلفة الموظفين غير السعوديين، بفرض رسوم أعلى على استقدامهم حتى تتقلص الميزة النسبية لغير السعودي المتمثلة بشكل أساس في انخفاض التكلفة، وبالتالي تزداد نسبة السعودة ويبدأ العلاج الفعلي لمشكلة البطالة. وأخيرا، فإن لجنة مكافحة الفساد التي انتظرنا الإعلان عنها طويلا يجب أن تكون الضامن الحقيقي لتطبيق هذه القرارات دون هدر أو فساد، ونتمنى أن يكون لها صلاحيات مطلقة في محاسبة كل من تثبت خيانته للأمانة دون تهاون أو تساهل، ولن يطمئن الناس أو يرتدع الفاسدون إلا بعد أن تبدأ محاكمة الفاسدين وإدانتهم، وألا يقتصر ذلك على صغار الموظفين الذين لا يسرقون إلا الفتات. كما يجب ألا تقتصر مكافحة الفساد على النواحي المالية، بل يجب أن تشمل النواحي الإدارية وعلى رأسها القضاء على المحسوبية التي تتسبب في وضع أشخاص غير مؤهلين في مناصب حساسة وحيوية، تؤدي إلى سوء في التخطيط وفشل في تنفيذ المشاريع وإبطاء التنمية. [email protected]