منذ جمعة الفرح ووطننا يعيش واحدةً من تجليّاته، ليس لأن كلمات القائد دخلت كل قلب، وليس لأن قراراته الكريمة لامست كل همّ، ولكن لأن أبرز ما في الوطن، بقيادته وشعبه، اندمج في وقتٍ واحد، تلاقت القمة المخلصة الشامخة، والقاعدة العريضة الوفيّة، لترسم معاً، الإضاءة الأبرز في القرن الحادي والعشرين.. عبر 13 أمراً ملكياً، تهدف إلى تحسين أوضاع المواطنين وكافة شرائح المجتمع، ومن أبرزها دعم صندوق التنمية العقارية، وبنك التسليف، وإعفاء مقترضيها من قسطين، ودعم الضمان الاجتماعي، واستحداث لائحة لمزايا وحقوق الموظفين، واستحداث وظائف رقابية، وإقرار إعانة للباحثين عن العمل، وغيرها من القرارات. مثلت كلها إضاءة قوية أطاحت بكل خفافيش الظلام، وأبطلت دعاواهم، وسفّهت مزاعمهم على نفس الأرض التي ظنّوا أن بإمكانهم الضحك عليها، والتغرير بها، والوقيعة بين أرجائها ومدنها وقراها.. فخاب ظنهم وساءوا سبيلاً. هذه المرّة، الأمور واضحة، والتعليمات صارمة، لأن طبيعة المرحلة لا تحتمل تشكيكاً ولا تساهلاً ولا اتكالاً الآن، وبعد هذه الفرحة التي طغت على الجميع، وتبارى فيها وإليها الوطن كله.. نتساءل: ماذا بعد؟ قد يقول قائلٌ وهذا من حقّه إنه ينتظر المزيد، لكن قائلاً آخر، يكون أكثر شجاعة، ليردّ بأن المفروض علينا جميعاً أن نكون على قدر المسؤولية، ونسارع في إنجاز وتيرة التنمية بالشكل المطلوب، وبالضمير المطلوب، وبالرقابة المطلوبة أيضاً، لنحول الفرح من مجرّد حالة وقتية، إلى أسلوب حياة دائمة، نطوّر من خلاله بلدنا، ونرتقي بأنفسنا، ونحسن التعامل مع نعم الله التي أكرمنا بها. معالي وزير المالية الدكتور إبراهيم العسّاف، حينما أعلن وبعد أقل من 24 ساعة، من الأوامر الملكية، بث الطمأنينة من أن وزارته بدأت فعلاً في تنفيذ كل ما يخصها، من تحويل مكافأة الراتبين الخاصين بموظفي الدولة والمتقاعدين ومستفيدي الضمان الاجتماعي.. ما يعني أن الدولة أخلت مسؤوليتها وبرأت ذمتها، دون النغمة المعروفة والتي طالما مللنا منها، من تشكيل لجان، وإعادة دراسة، وهكذا أي بمعنى أن الوزير العساف يضع الكرة في مرمى الوزارات والجهات المعنية بتنفيذ الأوامر الملكية. هذه المرّة، الأمور واضحة، والتعليمات صارمة، لأن طبيعة المرحلة لا تحتمل تشكيكاً ولا تساهلاً ولا اتكالاً، وما تشكيل هيئة لمكافحة الفساد، إلا إيذان وإشارة لها مغزاها، من أن ما قبل كارثة جدة قبل عامٍ، ليس مثل ما بعدها، وأن عصر الشفافية والمحاسبة لا رجعة فيه، لأن صبر خادم الحرمين الشريفين ببساطة قد نفد، خاصة أنه وفي أكثر من مرة، وفي غير مناسبة، دعا للمسؤولية، وللضمير، وللإخلاص. ما يمكن اعتبارها رسالة تطمينات اجتماعية، من الملك للشعب، وصلت، وكان صداها، وسيظل لأشهر عديدة، تتويجاً لعلاقة مميزة، بين القائد والمواطن، منذ التأسيس، وحتى تقوم الساعة. وما يمكن اعتباره من خطوات إصلاحية، تجري في هدوء وانسجام، بكل ما تعنيه من إجراءات وقرارات، تتسق تماماً مع احتياجاتنا المجتمعية، بكل تشعباتها وحساباتها، وتدقيقاتها، دون إفراط ولا تفريط.. وما يمكن اعتباره انعكاساً اجتماعياً لرسالة التطمينات، كان فوق العادة، بدليل، عدم اقتصار خطواته على مؤسسات الدولة، لكن بتسابق جميع شركات ومرافق القطاع الخاص على الانضمام لمضمونها وتوافقها على استلهام روح هذه القرارات بشكل إيجابي وتلقائي، لتتضاعف الفرحة الشعبية. هذه النقطة الأخيرة بالذات، هي غاية الدرس التفاعلي والتضامني، الذي يؤكد، أن الشعب ومؤسساته الأهلية، هي الشريك الأول لمنظومة الدولة، في كل أعراسها.. وهذا ما نريده في كل الأحوال. نقطة ضوء.. استوقفني الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية .. رجل المسئوليات والمبادرات الخلاقة .. أمس وهو يخاطب المواطنين في المنطقة الشرقية في جلسته الأسبوعية .. كان حديثه من القلب إلى القلب .. شكر قائد الأُمة باسم أبناء المنطقة .. وثمن الالتفاف حول القيادة .. وتلك المشاعر الصادقة من المواطنين لرمز هذا الوطن الملك عبدالله بن عبدالعزيز .... شكراً أبا تركي. تذكر!! تذكر يا سيدي أن أجمل ما في الوجود، إنارة النفوس بشعاع من الفرح .. وتذكر أيضاً أن مواطن هذه الأرض استشعر بذلك .. وهذا يكفي. وخزة.. كل شيء يزول والحقيقة وحدها تبقى.