ادعاء تفوق الرجل على المرأة والتعدي على حقوقها (وصمة عار كتبت على جبين البشرية بأحرف من نار). هكذ اقال أحد فلاسفة التغيير القدماء. جل الثقافات القديمة والعقائد كرست هذا التعدي بل وحولتة إلى مسلمات إما مموهة أو صريحة بالرغم من كل التفنيدات المستندة على العلم الطبيعي والعلوم الإنسانية في مجال حقوق الإنسان. لقد ذهب أدعياء التفوق العنصري ضد المرأة بعيداً ولا يزالون في محاولاتهم اليائسة لِلَيّ أذرعة العلوم وإظهارها وكأن فيها ما يقف (علمياً) إلى جانب الفصل العنصري بالرغم من كل النصوص الصريحة في كل العقائد السماوية والفلسفات الإنسانية على المساواة بين الإنسان وأخيه الإنسان رجلاً كان أم امرأة. وبالرغم من الإنجازات الكبيرة التي حققتها المجتمعات المتطورة على طريق تمكين المرأة وتشريع حقوقها، إلا أن العديد من المجتمعات النامية لا تزال تمارس هذا الفصل بأشكال فظة وتحت سطوة التشريعات والثقافة السائدة وتكريس المُسَلَّمات في الخيال الشعبي العريض. المُسَلَّمات في الثقافة الشعبية تعمل بشكل فعال في مجتمعاتنا مستفيدة لسوء الحظ من منجزات التقنية وتكرس كل المفاهيم (الجاهلة) حول معاني الرجولة والفحولة وإظهار العيوب والنقصان في سلوك الرجل الذي يعامل زوجته بشكل انساني. أما عندما تحدث مشكلة حتى ولو كانت أسبابها غامضة، فالّلوم في الغالب على المرأة. تعالوا نقرأ سوياً رسالة نصية وردتني من صديق: (قام عالم فرنسي بدراسة حول الصقور، ذهب لعش طائر الصقر وأخذ البيض الموجود واستبدله ببيض دجاج. عاد الصقر وأُنثاه للعش واستمرت الأنثى باحتضان البيض جنباً إلى جنب مع الصقر. بعد أن فقس البيض وتبين أنها صيصان دجاج، لاحظ الباحث نظرات الأم المستريبة. الصقر طار على الفور إلى جهة مجهولة تحت نظرات الأنثى المستجدية. بعد ساعة عاد الصقر مع مجموعة كبيرة من الصقور وقاموا بافتراس انثى الصقر حتى ماتت. يقول الباحث إنه سمع أنثى الصقر تردد مع حشرجة الموت: ذبحتني قدام ربعك وانا أغليك... كسرت قلبي مثل كسر الزجاجة... يا صقرانا ما كنت اخونك مع الديك... البيضة اللي بعشنا من دجاجة... ماذا تقول هذه الرسالة في سياق ثقافة المسَلّمات؟ إنها تكرس من حيث المبدأ قوة وتفوق صاحب القرار وهو في هذه الحال الذكر. من جانب آخر تظهر الأنثى في دور المسكينة المغلوبة على أمرها والعاجزة عن تفادي قدرها التعيس. ومن جانب ثالث يحقق الراوي لزوم المسلّمات بإظهار الشفقة على الضحية. نحن هنا أمام شخصية مركبة فعلت الثقافة ذات البعد الواحد كل تشوهاتها ممهورة بتعاطف طفيلي على جذور تستمد حياتهاعلى مدى قرون من بحيرات معزولة عن انهار العالم وبحاره. ليس للخيال حدود لا في النصوص ولا في معاني هذه النصوص. صديقي الذي ربما كان صقاراً يعرف وياللمصادفة أن انثى الصقر تسمى صقرا. مع ذلك، سيقرأ صديقي رسالته، او بالأحرى (خيالي) حول ما جاء فيها وكم سأكون سعيداً بقراءة (خياله) الذي ازعم أنه سيحمل جديداً ربما أبعدني عن اللغة المباشرة إلى فضاءات أرحب.