باللهجة الحجازية.. الشخص الذي يعيش حالة من (الهجْولة)، أو الانسان (الُمتهجْول) هو ذلك الذي لايعيشُ مُستقراً، أو الذي يتنقّل من مكانٍ لآخر دون ترتيب ولا تنظيم لحياته، ولكن منذُ أن سكنتُ منزلي الجديد بالدمام اكتشفتُ أن مفردة (الهجْولة) هي واحدة من مفردات الشباب (المفحّط) أو (الدرباوي)، الذين هجْولُوني فعلاً و(فزَّزوا) قلبي طوال عامٍ كامل. ربما ليس من اللائق أن تكتب امرأة عن هذا الموضوع، كمن ترتدي (سروال وفنيلة) و ترفع يدها مشيرة: (حبتين). إنّما بعد وصول الظاهرة إلى شوارع لندن، وكذلك القبض على أكثر من فتاة تمارس التفحيط في شوارع السعودية، فأبشّركُم أصبح لديَّ قاموس لغويّ جديد مثل ( وليف، معزز، تخميس، طارَة، خنبَلة.....) أما بقيّة المفردات فبما أنني جديدة على هذه الثقافة، أخشى أن أذكرها هنا، و يكون لها معنى آخر غير أخلاقي. المشكلة كما تعلمون أنَّه مع بدء فترة الاختبارات تصل هذه الظاهرة المميتة ذروتها، تنفيساً عن ضغوط وهموم وفراغات الطلاب الذين يفجّرون اطارات سياراتهم، ثم يكتبون عليها بكل احتراف: أفحِّط عشَانك لو انقلب وأموت.. واكتب على اللوحات: لعيون خلاني!!. ربما ليس من اللائق أن تكتب امرأة عن هذا الموضوع، كمن ترتدي (سروال وفنيلة) و ترفع يدها مشيرة: (حبتين). إنّما بعد وصول الظاهرة إلى شوارع لندن، وكذلك القبض على أكثر من فتاة تمارس التفحيط في شوارع السعودية، فأبشّركُم أصبح لديَّ قاموس لغويّ جديد مثل ( وليف، معزز، تخميس، طارَة، خنبَلة..) وكما ترون لايمكن أن يكون الموضوع رومنسياً أبداً، لأن أغلب (الدرباويَّة) يتجولون بأشكالٍ مريبةٍ ومناظر بحاجة إلى نقعٍ عميقٍ في معقّم أو مُبيّض من نوعية فتّاكة ليزيل آثار (الغتْربة) واللون الترابي الكالح، خاصة مع قزقزة الفصفص، وساندوتشات البيض بالجبن، والحمضيات الساخنة، وكذلك مع اصرارهم على سحب عجلات سياراتهم على الرصيف والتي (مردها السّكراب) كما يقولون. تحدث كل تلك الطقوس وسطَ التصفيق، التدخين، الأغاني الشعبية المرجوجة، والحركات البهلوانية التي لامعنى لها سوى الموت و الهلاك وتقطّع الأشلاء في الهواء لشبابٍ كان من المفترض أن يكونوا مجرّد هواة. أظنني اقتنعتُ، أو -اقنعتُ نفسي- بأنَّ هذه الظاهرة لايمكن أن تنتهي بمجرَّد ملاحقة المفحّطين. لأن هناك هوايات مهما كانت غريبة وغير مقنِعة إلاّ أنها تجري في دم أصحابها، ويصعبُ منعها، أو إيقافها تماماً بالطرق التقليدية المتّبعة حالياً. في البدء كانت المواقع الالكترونية تدعمُ لعبة الموت هذه، وتنشُر شروط الالتحاق بها كأن يُمنع ذكر حالات القبض أو الحوادث التي تحصل لأيّ مفحِّط، مما ساهَم في انتشار الظاهرة يوماً عن يوم، خاصة من خلال المواعدات عبر البلاك بيري و الآيفون وحفلات استقبال المفحّطين الضيوف من المناطق الأخرى، والتي ساعدت حتى على تحدّي الجهات الأمنية، و التفحيط بسيارات الشرطة، والتصادم المتعمّد أيضاً. لاتسألوني عن الحل، أنا من يسألكم، ماهو الحل من وجهة نظركم ونظر الحارات التي نسكنها!، لأن كل ما أعرفه، أن هذا عالم مهجْول صحيح.. لكنّه منظَّم. يدل على طاقات شبابنا المهدورة والاستعراضية لمهارات قاتلة تتلاعب بالأجساد و الأرواح. لكن الخوف أن ترتبط هذه الهواية بظواهر سيئة أخرى كما بدأ يحدث فعلا من استعراض للأسلحة، وشعارات التعصّب القبلي، و ترويج المخدرات وحبوب الكبتاجون وسرقة الجوالات والاطارات. والخوف أيضاً من أن تتوارث الأجيال هذا الموت المجاني جيلاً بعد جيل، عبثاً في الأنفس، وتخريباً للمال العام والخاص، وانتحاراً مع سبق الاصرار و الترصّد. twitter: @hildaismail