أدى قرار وزارة التربية والتعليم الأخير ، الذي ينص على توحيد موعد بداية إجازة المعلمين والمعلمات ونهايتها في كافة المراحل التعليمية إلى حدوث موجة عارمة من الاستياء، خصوصا في صفوف معلمي المرحلة الابتدائية، والذي اعتبره الكثير منهم قرارا تعسفيا ينص على الحرمان من الحوافز التي كان يتمتع بها معلمو الصفوف الأولية، وكردة فعل لهذا القرار، طالب عدد كبير من المعلمين والمعلمات بالوقوف على منصة القضاء أمام وزارة التربية حتى تتراجع عن قراراتها التي يرون أنها مخالفة لأنظمة الخدمة المدنية . قرار تعسفي وقالت سارة الدوسري وهي إحدى معلمات المرحلة الابتدائية:إن «قرار تقليص الإجازة وإلزام المعلمات بالحضور في أيام إجازة الطلاب، يعد قرارا جائرا وتعسفيا لا يراعي ما يحدث في ميدان المعلمات والمعلمين من ظروف». وتساءلت: «ما ذنب المعلمات اللاتي وقع تعيينهن في مناطق نائية وبعيدة عن ذويهن لأجل التحلق مع زميلاتهن حول طاولة مهترئة، ويقضين الساعات في أحاديث ليست ذات أهمية، أليس في ذلك هدر للوقت الذي كان من الممكن أن يستثمر في الاهتمام بالزوج والولد ورعاية الوالدين المسنين». وتساءلت سارة مرة أخرى قائلة: «لماذا لا يتم النظر في الجوانب الأكثر أهمية وطرح حلول جذرية لها والإيعاز لمن يهمه الأمر بتنفيذها بدلا من هذا القرار مثل دوام المدارس المسائية وحل مشكلة المباني المتهالكة والتقويم المستمر الذي لم يتم تطبيقه كما يجب حتى الآن، ولماذا لا تطبق الجودة الشاملة التي يتغنى بها مسؤولو التعليم، ولم نر منها حتى الآن سوى التعاميم الجوفاء التي لا تخدم العملية التعليمية؟». وتضيف: «أليس من الواجب على المسئولين طرح الاستفتاءات قبل إصدار مثل هذه القرارات ودراسة الإيجابيات والسلبيات للرأي المطروح قبل أن يصدروا قرارات غير مراعية لظروف الأغلبية . المنطقة الجنوبية وتقول هند سعود، ,إحدى المعلمات المغتربات عن أسرتها: «أنا معلمة من سكان المنطقة الشرقية، وجاء قرار تعييني في المنطقة الجنوبية، واضطررت إلى السكن بمفردي بعيدًا عن زوجي وأبنائي في المنطقة الجنوبية بالقرب من مقر عملي ، وللأسف فوجئت بالتعميم الأخير من وزارتنا الموقرة الذي ينص على التضييق على المعلمات وحرمانهن من التمتع بأبسط حق من حقوقهن، وهو تقليص عدد أيام الإجازة، تلك الإجازة التي يفترض أن تكون مكافأة لجميع المعلمين والمعلمات الذين أفنوا أعمارهم في خدمة التربية والتعليم، ولكن توجه الوزارة في الفترة الأخيرة يعتبر حرماناً لفئة كبيرة من المعلمات اللاتي هن مثلي في هذه الظروف الصعبة». وتضيف هند: «الزام المعلمات بالحضور في أيام إجازة الطالبات ينعكس سلبًا على الناحية النفسية، وبالتالي ينعكس على أداء المعلمة في عملها، وأرى في ذلك ظلما أن أترك أبنائي وزوجي وهم بحاجة ماسة لوجودي بينهم، بينما لا استطيع رؤيتهم إلا في الإجازات الرسمية من أجل الحضور للتوقيع فقط . ليس من المعقول أو حتى من نسج الخيال أن يتصور شخص عاقل أن هناك معلما يصحو مبكرا ويذهب لمقر مدرسته بشكل يومي من أجل التوقيع، وهو يعلم أن المدرسة خاوية على عروشها غير رسمية ويصف علي الشهري من معلمي المرحلة الابتدائية حاله قائلاً: «ليس من المعقول أو حتى من نسج الخيال أن يتصور شخص عاقل أن هناك معلما يصحو مبكرًا ويذهب لمقر مدرسته بشكل يومي من أجل التوقيع، وهو يعلم أن المدرسة خاوية على عروشها، ولكن هذه الطريقة هي ما فرضته وزارة التربية والتعليم على منسوبيها ممن هم في الكادر التعليمي، والأدهى من ذلك أن يبعد مقر عمل ذلك المعلم عن مقر إقامة أسرته آلاف الكيلومترات». ويكمل الشهري حديثه «العملية التعليمية في انحدار شديد، ولسنا بعيدين من الهاوية والمتضرر الأول والأخير هو الطالب، وتصرفات الوزارة نابعة من تعسف واضح لم يجد أمامه من يردعه، كما أنه لا توجد جهة رسمية أو غير رسمية يمكن للمعلم اللجوء إليها لحمايته من تلك القرارات المجحفة بحقه سوى ديوان المظالم، الذي أغلق هو الآخر الأمل في وجوه المعلمين، فيما يخص قضية الحقوق المالية والدرجات الوظيفية المستحقة للمعلمين على المستوى الخامس». الحركة التعليمية ويغرق المعلم ماجد القرني في إحباط وخيبة أمل ويقول: «في الوقت الذي كنا نطمح فيه بصدور قرارات إصلاحية فيما يسهم في بناء الحركة التعليمية أتى هذا القرار الذي صعق كثيرا من المعلمين وبالخصوص معلمي الصفوف الأولية، وما هذه القرارات الأخيرة إلا إكمالًا لسلسلة من الاحباطات التي تُمارَس ضد المعلم، فما الفائدة من قرار لا يخدم التعليم؟ والذي يتضح لي أن وزارة التربية تريد معاقبة منسوبيها بهذا الشكل». ويضيف القرني : «كل قرار يتم اتخاذه لابد له من فائدة ملموسة، ومثل هذا القرار لا تتحقق فيه فائدة للتعليم، لأن أساس نجاح الدول المتقدمة وحتى ممن أتى بعدنا من دول هو الاهتمام بالتعليم وأساس التعليم هو «المعلم». أوضاع المعلم وأردف ماجد قائلًا : «لو نظرنا لحال التعليم اليوم وما أصبح عليه من ضعف في جوانب عديدة، إنما هو بسبب انعدام المهنية الإدارية العالية في صنع القرارات، ففي الوقت الذي تسعى فيه شتى الدول إلى تقديم الخدمات المناسبة التي تعود على المعلم بالاستقرار النفسي والأمان الوظيفي تأتي وزارة التربية باستعراض سياطها أمام منسوبيها». وطالب القرني أصحاب القرار باستخدام آلية الاستبانات وقال: «كلنا أمل في تحسين أوضاع التعليم نحو الأفضل، وأن يتم اتخاذ القرارات بناء على حصر ميداني يشارك فيه كل من ينتسب إلى وزارة التربية ، لا أن يكون اتخاذ القرار من أشخاص يجلسون خلف مكاتبهم – ليس الجميع - ويشرّعون ما يرونه مفيدا من وجهة نظرهم فقط، وهي بعيدة كل البعد عن خدمة التعليم الايجابية في بلادنا الغالية». الصفوف الأولية وبدا المعلم سعد الزهراني، معلم الصف الأول الابتدائي الذي يعد العدة لإقامة حفل زفافه في بداية الإجازة الصيفية، مصدومًا من قرار وزارة التربية الذي أوقعه في موقف صعب ومحرج جدًا. ويقول: « الميزات التي كان يتميز بها معلمو الصفوف الأولية سابقًا تم إلغاؤها بدون دراسة أو تخطيط سليم أو حتى تبليغ مسبق للمعلمين، فأنا الآن في موقف جدًا محرج بعد أن أتممت حجز قاعة الاحتفالات التي سيقام فيها حفل زفافي في بداية الإجازة الصيفية، وبعض الأمور التي يلزم التبكير في حجزها». ويضيف الزهراني : «نناشد ونطالب وزارة التربية أن تغير الطرق التي تعامل بها منسوبيها من معلمين ومعلمات، ولكن لا حياة لمن تنادي، فمنذ بداية العام الدراسي الحالي ونحن نتلقى اللكمات من المسؤولين في الوزارة ابتداءً من قرار إلغاء نهاية الخدمة ووصولًا بقرار تقليص اجازة المعلمين الذي تم التراجع عنه مؤخرًا وقرار إلزام كافة معلمي المراحل التعليمية بالحضور لمدارسهم رغم خلو الفصول من الطلاب».
التويجري : القرار معيب من الناحية النظامية وساقط بسبب مخالفته لعدة قواعد قانونية وفي السياق ذاته علق المحامي أحمد التويجري على قرار وزارة التربية وقال : هذا القرار يعد معيبا من الناحية النظامية وساقطا بسبب مخالفته لعدة قواعد قانونية منها مخالفته لقرار الجهة الادارية المخوّلة وصاحبة الصلاحية لإصدار التشريعات الخاصة بعموم الموظفين ( مجلس الخدمة المدنية ) ، ومن المعلوم أنه لا يملك أحد تغيير القرار الاداري إلا بموجب صلاحية يمنحها له النظام إضافة لذلك إذا أخذنا بالاعتبار مكانة المعلم وطبيعة عمله المشابهة لبعض الوظائف التي ترتبط بإنجاز العمل لا بالتقيد بالدوام المنتظم مثل أعضاء هيئة التدريس في الجامعات والقضاة فهؤلاء لا يُلزمون ولا يجبرون بالبقاء بدوام محدد ، ولائحة الإجازات الصادرة بقرار مجلس الخدمة المدنية رقم 1037/1 وتاريخ 1 / 2 / 1426ه نصت في المادة الثالثة على (تعتبر العطلة الصيفية للعاملين في حقل التدريس والمشرفين التربويين بمثابة الإجازة العادية المنصوص عليها في المادة الأولى) ، ولذا فإن المنظم قام بحماية المعلم كموظف عام، من أي تجاوزات على حقوقه، حيث إنه اهتم به من خلال تقديم الحوافز له، وعدم المساس بحقوقه، كونه العنصر الأهم في منظومة التعليم، فإذا صلح المعلم صلح حال التعليم. وقال التويجري : في حال المساس بحقوق المعلم والمعلمة ، فقد كفل القضاء حمايته، من خلال التظلمات أمام الجهات الإدارية والقضاء الاداري المختص وأرى انه لا يجوز الاجحاف بحق المعلم .. بمثل هذه القرارات الطاردة عن البيئة التعليمية وليست الجاذبة !! واهم وأخطر فئة من فئات المعلمين والمعلمات تحتاج الى التحفيز والتشجيع هم معلمو الصفوف الأولية وما يتم تداوله الآن من محاولة الوزارة تقليص اجازتهم ،كذلك وهي التي تعد الحافز الوحيد لهم يعتبر خروجا عن روح نظام التعليم في سياسته العليا التي رسمها ولاة امر
الدخيني: قرار التربية لا يقلص إجازة المعلمين وإنما ينظمها قال الناطق الإعلامي في وزارة التربية والتعليم محمد الدخيني إن «الوزارة لم تصدر قرارًا ينص على تقليص إجازة المعلمين والمعلمات، وإنما هو قرار تنظيمي في التقويم الدراسي يهدف إلى توحيد موعد بداية الإجازة السنوية لمنسوبي الوزارة من معلمين ومعلمات بكافة المراحل الدراسية، وكذلك موعد العودة». وأضاف: «أما فيما يخص الفترة التي تعقب بداية إجازة الطلاب المجتازين، فإن الإجراءات الخاصة بمعلمي طلاب المرحلتين المتوسطة والثانوية كالسابق لم تتغير، أما بالنسبة لمعلمي المرحلة الابتدائية، فإن الوزارة تعكف حاليًا على اتخاذ بعض الإجراءات التي ستساهم في أن تكون تلك الفترة متخصصة للبرامج الاثرائية والدورات التدريبية التي تنعكس على أداء المعلمين والمعلمات في العملية التعليمية وستكون هذه البرامج شاملة لجميع المعلمين دون استثناء حتى معلمي الصفوف الأولية».