تعالت أصوات موظفي القطاع الخاص من الكوادر الوطنية مطالبين بمساواتهم بموظفي القطاع العام، فيما يخص زيادات نسب الرواتب وصرف البدلات والتي يتمتع بها موظفو القطاع العام في بعض المناسبات الوطنية. ويشدد هؤلاء على أهمية النظر إلى مطالبهم في الوقت الذي ترتفع فيه وتيرة أسعار المواد الاستهلاكية، يقابله صمت مطبق من القطاع الخاص فيما يخص مراعاة الوضع المعيشي لموظفيه، محملين وزارة العمل مسؤولية تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلد، والتي قد ينتج عنها انعكاسات على الحياة الاجتماعية والأمنية. ويقول صالح الغامدي، وهو موظف في القطاع الخاص منذ مدة طويلة: «شهدت المملكة خلال الأعوام الماضية زيادات في الرواتب وبدلات معيشية لم نستفد منها نحن موظفي القطاع الخاص ، وقد تفاعلت بعض الشركات الكبرى مع الأوامر الملكية التي أمر بها الملك عبدالله يحفظه الله بمنح راتب شهرين لموظفي القطاع العام، إلى جانب زيادة رواتب الموظفين بنسبة 5% على مدى ثلاثة أعوام، ولكن هذه الشركات التي تفاعلت مع الأوامر الملكية لا تشكل نسبة 20% من إجمالي شركات ومؤسسات القطاع الخاص ، أي أن ما نسبته 80% لا يهمهم تحسين الوضع المعيشي لمنسوبيهم، وذلك مع اشتعال الأسعار التي يزيد ارتفاعها يومًا تلو الآخر، جراء الزيادات والبدلات في القطاع الحكومي». المركَبات والمشتريات، وتابع الغامدي حديثه قائلاً : «قرأت قبل فترة أن رواتب موظفي الحكومة ارتفعت بنسبة 60% خلال الثلاثين عاما الماضية، وفي المقابل بلغ ارتفاع الأسعار التموينية الأساسية نسبة كبيرة زادت على 700% ، كذلك بعض المركَبات والمشتريات التي يحتاجها الإنسان أياً كان دخله، وهذا يتطلب بالضرورة زيادة مرتبات الموظفين في القطاعين الخاص والعام بما يقارب نسبة الغلاء». وطالب الغامدي بالمساواة مع موظفي القطاع الحكومي في صرف الزيادات في الرواتب وبدل غلاء المعيشة وقال: «كلنا مواطنون نخدم هذا البلد أيًا كانت أعمالنا، سواء في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص، وموظفو القطاع الخاص هم الساعد القوي في تنمية الاقتصاد الوطني، وتهميش الموظفين السعوديين في هذا القطاع يزرع التفرقة بين أبناء هذا البلد ويسبب أضرارا اقتصادية كبيرة». تتزايد مطالب منسوبي القطاع الخاص من المواطنين السعوديين والمواطنات. وتقول نورة مشعل، وهي موظفة استقبال في أحد المراكز الصحية الخاصة: «للأسف أن المناصب القيادية والمتحكمة في أقسام المحاسبة والميزانيات في شركات القطاع الخاص ليست من الكوادر السعودية المواد الاستهلاكية ويقول فهد الزهيري الذي يعمل في أحدى الشركات براتب 3200 ريال: «تمر من أمامنا البشائر ولا تقف، وليس لنا نصيب منها سوى غلاء الأسعار، والنتيجة أن رواتب موظفي القطاع العام تزيد وبالتالي ترتفع أسعار المواد الاستهلاكية، والضحية هم موظفو القطاع الخاص، أي أن زيادة الرواتب تشعل الأسعار، ونحن المحترقون». ويضيف فهد: «لكل فعل ردة فعل وزيادة الأسعار المستمرة ما هي إلا ردة فعل طبيعية لهذه الزيادات والبدلات، وفي ظل غياب الجهات الرقابية عن الساحة التجارية، فلن تقف عن الاستمرار في الصعود عند حد معين». وزارة العمل وتتزايد مطالب منسوبي القطاع الخاص من المواطنين السعوديين والمواطنات. وتقول نورة مشعل، وهي موظفة استقبال في أحد المراكز الصحية الخاصة: «للأسف أن المناصب القيادية والمتحكمة في أقسام المحاسبة والميزانيات في شركات القطاع الخاص ليست من الكوادر السعودية، بل هي تحت إشراف موظفين أجانب، وهؤلاء الموظفون يتقاضون أضعاف ما يتقاضاه الموظف السعودي، سواء كان في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص، ولا يهمهم الوضع المعيشي لصغار الموظفين، بل حتى لا تعني لهم المناسبات الوطنية شيئًا، ولن تحرك مشاعرهم». وتضيف نورة: «لا يوجد حل إلا بإصدار حزمة قرارات من وزارة العمل تضمن حق المساواة بين أبناء هذا الشعب، ووضع حدود للحد من تضرر الموظف السعودي في القطاع الخاص، لأن وزارة العمل هي الجهة المخولة بإصدار القرارات والأنظمة التي تؤثر بشكل مباشر في سوق العمل، وفي حال تغاضي الوزارة عن مطالب أبناء البلد من موظفي القطاع الخاص، ستتفاقم الأزمة الاقتصادية في البلد، وينتج عنه انعكاس على الحياة الاجتماعية والأمنية».
السعيد: الحس الوطني وراء مساواة موظفي «الخاص» بأقرانهم في الدولة قال الكاتب الاقتصادي ثامر السعيد إن زيادة نسبة رواتب موظفي القطاع الخاص أسوة بالزيادات التي يحظى بها موظفو القطاع العام لا تأتي إلا من الشركات التي تملك الحس الوطني، وهي مشاركة وطنية قبل أن تكون مادية، لأنها تتفاعل مع المناسبات التي يشترك فيها جميع أبناء هذا البلد. وأضاف: «تفاعل القطاع الخاص مع الزيادة في رواتب القطاع العام يعد من الأمور المشجعة لسعودة الوظائف، وهذا يساعد على الشعور بالأمان الوظيفي الذي تفتقده نسبة كبيرة من السعوديين العاملين في القطاع الخاص، وهذه النسبة والتي تشكل السواد الأعظم موجودة في الشركات المتوسطة والصغرى التي لم تفعل القرار الملكي الذي نص على وضع حد أدنى لأجور الموظفين السعوديين في القطاع الخاص، ومع أن موظف القطاع الخاص يعاني من ضغط في العمل وزيادة في أوقات العمل، إلا أننا لا نستطيع أن نقول بأنه مظلوم، لأنه توجد في المقابل ميزات وبدلات تميزه عن غيره، كما أن القطاع الخاص أعمى وليس عاطفي». وذكر السعيد أن عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص يبلغ 973,2 ألف سعودي مقابل عدد المقيمين المسجلين في القطاع الخاص والبالغ عددهم 4,8 مليون أجنبي أي أن السعوديين في القطاع الخاص يمثلون 20 بالمائة وبحسب المؤسسة العامة للتأمينات فإن 321,1 ألف مسجلون بالحد الأدنى للأجور والبالغ 1,500 ريال والمسجلون بالحد الأدنى للأجور بعد رفع الملك عبد الله له إلى 3,000 ريال وإتباع عدد من الشركات هذه القيمة كحد أدنى للأجور بلغ 564,5 ألف أي أن 91 بالمائة من السعوديين العاملين في القطاع الخاص مسجلون بالحد الأدنى للرواتب في حين 9 بالمائة منهم مسجلون بقيمة راتب حقيقية تمثل أعمالهم ومناصبهم وشهاداتهم، فهل يعقل أن فقط 9 بالمائة هم من ذوي الشهادات والخبرات والتي تقدر بأعلى من 1,500 و3,000 ريال ويستحقون هذه الرواتب التي تأتي أعلى من الحد الأدنى للأجور». وأضاف السعيد: «يقترب عدد الموظفين السعوديين في القطاع الخاص من مليون موظف سعودي يشغلون وظائف متعددة بمستويات إدارية متعددة وبأعمال مختلفة إن كان في المجال الإداري أو الميداني أو في مقابلة الجمهور ويعملون هؤلاء بعدد ساعات عمل تفوق ما يعمله موظف القطاع العام وأيضا بنمط انضباطي أكبر وتدقيق على ساعات العمل والإنتاجية أكبر مما هو عليه الأمر في القطاع العام ورغم ذلك يتعرض الموظف السعودي في القطاع الخاص إلى أشكال مختلفة من الضغط العملي والنفسي وأيضا يعاني موظف القطاع الخاص من عدم الشعور بالأمان الوظيفي حتى وإن كان منتجاً» وأشار السعيد إلى أن «هناك من يمتهن ويقتنع في تسويق صورة سلبية للموظف السعودي في عدد من المحافل وحتى في الأحاديث العامة حيث زرعت الصورة الذهنية لأداء الموظف السعودي بأنه غير منتظم وغير منتج حتى أصبح وجود موظف سعودي منضبط ومنتج من الأمور المستغربة ذهنيا، وإلا فالمطلع على حال العاملين السعوديين سيجد نسبة منهم تشغل وظائف إضافية مع وظائفهم لتحسين مستويات دخلهم ويكملون فالقادر على فعل ذلك هو قادر على الإنتاج إذا ما وصل لما يرضيه داخليا فالموظفون ينقسمون إما لإرضاء النفس أو المردود المادي».
الرشود: المشكلة في ضعف تدريب السعوديين ذكر الاقتصادي عبدالله الرشود أنه يصعب فرض الزيادات والبدلات على القطاع الخاص. وقال: «رواتب الموظفين في القطاع الخاص زادت أعلى من رواتب موظفي القطاع العام خلال السنوات الماضية، كما أنه يوجد موظفون يتقاضون عشرات الآلاف وهم المتخصصون وذوي الكفاءات العالية، ولكن المشكلة تقع على الفئة الأكثر، وهم غير المتخصصين، وحل مشكلة هؤلاء الموظفين بيد وزارة العمل، وذلك بتدخلها في وضع حد أدنى للرواتب، يخدم القطاع الخاص، كذلك تقليص العمالة الأجنبية وإحلال الكوادر الوطنية مكانها ورفع تكلفتها يفتح مجال التنافس بين الشركات، ومن المعروف أن الزيادات الحل الذي يخدم الجميع في القطاع الخاص سواء كانوا موظفين أو مدراء، بل اتن البديل عن ذلك هو فرض وزارة العمل على المؤسسات والشركات لأجل فتح فرصة التدريب والتأهيل المهني لمنسوبي تلك الشركات وتأهيلهم لمستويات عالية لما ينعكس على ذلك من تطور للموظفين، والذي يسهم في تنافس الشركات على استحواذ تلك الكوادر المهيأة». وأشار الرشود إلى أن «انتاجية الموظف في القطاع الخاص هي من تساعده في حصوله على الزيادات والنسبة السنوية، كما أنها الطريق السريع للوصول إلى المراتب القيادية في الشركات الكبرى».