أدلى فاروق الشرع نائب رئيس النظام السوري بتصريحات متناقضة تقريباً، نشرتها صحيفة لبنانية موالية لنظام طهران ولنظام الأسد. فهو يقول إن النظام قرر الحسم العسكري قبل إجراء حوار، ثم يقول أن ليس بإمكان لا النظام ولا المعارضة حسم المعركة عسكرياً ولا بد من إجراء حوار. على أية حال، فإن التصريحات تأتي في نطاق تكتيكات رعاة نظام الأسد، في إطلاق تصريحات تدعو إلى الحوار مع المعارضة كلما اشتد اختناق النظام، إضافة إلى أنه لا يعلم عن الحالة التي أدلى بها الشرع بهذه التصريحات. وأيضاً لا يعرف عما إذا كان الشرع نفسه يتمتع بحرية التنقل والحديث للصحافة، أو أنه موضوع تحت الإقامة الجبرية ويجبر على الإدلاء بتصريحات تعطي انطباعاً أنه ليس مسجوناً بعد إشاعات انشقاقه قبل شهرين، وما قيل إن نائب الرئيس وضع تحت الإقامة الجبرية لأن الجامعة العربية اقترحت رحيل الأسد وترشيح الشرع لقيادة المرحلة الانتقالية. وواضح أن هذه التصريحات مهندسة لتخدم مراوغات النظام الذي لا بد أنه يعاني من هزيمة موجعة بعد أن تمكن الجيش الحر من تحرير أجزاء واسعة من سوريا ويوجه يومياً ضربات قوية لقوات النظام ومراكز قيادته في مدن كثيرة وفي دمشق نفسها. وعادة يطلق النظام ورعاته تصريحات إعلامية للتغطية على الانجازات التي يحققها الثوار الذين فازوا باعتراف معظم دول العالم بهم ممثلين شرعيين للشعب السوري، مما يعني أن نظام الأسد لا يتمتع بشرعية تؤهله للحكم، أو التحدث باسم السوريين، وإنما هو الآن مجرد عصابات ميليشية تمتهن القتل وتختطف سوريا وشعبها رهينة من أجل المساومة على مكاسب شخصية. الآن الثورة السورية اكتسبت شرعية دولية، وتسيطر على أراض واسعة من سوريا، وتحظى بتأييد من الشعب السوري، وليست بحاجة إلى حوار مع نظام يتهاوى ومسئول عن ارتكاب جرائم حرب ومجازر بحق السوريين. وبحكم التاريخ فإن نظاماً قتل حتى الآن 43 ألفا من شعبه وضعف هذه العدد من المفقودين ومئات الآلاف في المعتقلات والسجون يعانون التعذيب والحقد والكراهية وشرد الملايين، لا يتمتع بأية شرعية أو أهلية ليجري حواراً مع الناس، وقد ترك في كل بيت سوري ضحية. وكيف يستطيع الثوار السوريون إجراء أي حوار، وتحت أي عنوان، مع نظام ارتكب إبادة جماعية لشعبه وأحرق المدن السورية ودمر الحقول، وتطوع أن ينفذ أوامر قوى أجنبية تدير حرباً تاريخية مع الأمة العربية في سوريا وكل بلاد الشام ومصر ودول الخليج وحتى المغرب العربي. تبدو هذه التصريحات مثل سابقاتها التي يطلقها النظام ورعاته، ليست إلا هذيانا في لحظة الاحتضار واشتداد الألم. وهذا يدل على اقتراب نهاية نظام الأسد وهزيمة رعاته.