تستعد وزارة الثقافة والإعلام لإنتاج نسخة جديدة من معرض الكتاب الدولي، مؤمّلة أن تكون محدثة عن ذي قبل، جاذبة للجماهير، مع الاستمرار في فتح نافذة مع ثقافة أخرى كعادتها كل سنة، ولعلها تكون الثقافة الفرنسية هذا العام بإذن الله تعالى. فبين الأدب الفرنسي والأدب العربي وشيجة وسابقة؛ فمنذ انطلاقة مدرسة الإحياء العربي، والصف الثاني منها على وجه الخصوص؛ مثل: شوقي والزيات وبعدهما طه حسين، وأدباؤنا العرب يتواصلون مباشرة مع أدباء فرنسا وشعرائها، فمنهم مَن درس هناك، ومنهم مَن زارها زيارات طويلة؛ ومنهم مَن ترجم عنها في وقتٍ مبكر، ومنهم مَن تأثر بها تأثرًا إيجابيًا؛ مثل شوقي في الحكاية على لسان الحيوان والمسرح الشعري، ومنهم مَن تأثر بها تأثرًا سلبيًا؛ مثل طه حسين في قضية الانتحال الشهيرة في الشعر الجاهلي على وجه الخصوص. وكان لمستشرقيها صولة وجولة مع الآداب العربية القديمة، بين مشيد وطاعن، وكل ذلك مجال دراسة وبحث وجدل، ونقاش حُر، نتوقع أن يثمر عن حراك جديد بين الثقافتين العربية والفرنسية. ما ينبغي أن تتجه إليه فعاليات المعرض الثقافية هو مزيج من الفعاليات العربية والفرنسية، بل والسعودية، فكما نستورد النماذج ينبغي أن نصدّرها، وكما أننا نحتفي بالجيد من أية لغة، فينبغي أن نقدّم ما لدينا، ونصنع شخصيتنا الأدبية المحلية، فالمحلية هي السبيل إلى العالمية. على أن فرنسا هي مهد الأدب الأوروبي حديثًا، وصاحبة حركات التحرر من الآداب التقليدية؛ انطلقت منها معظم المذاهب الأدبية المعاصرة من جنباتها، فإليها تعود معظم التيارات التي انتشرت في العالم العربي؛ كالرومانسية بعد الكلاسيكية، وشعراؤها المشاهير أمثال: بودلير وموليير هم من أثر في شعرائنا الكبار أمثال عمر أبو ريشة، الذي صرّح بأنه أطلق خياله من الكساح بعد أن اطلع على الأدب الغربي خاصة الفرنسي منه. ولا تزال فرنسا تنتج أدبًا مختلفًا، وتتماهى مع العصر الذي تعيشه، وتتميّز لغتها بالخصوبة والظلال والجمال، وقد اشتهر منها أيضًا أدباء معاصرون، لا يزالون ينتجون إنتاجًا إنسانيًا. وما ينبغي أن تتجه إليه فعاليات المعرض الثقافية هو مزيج من الفعاليات العربية والفرنسية، بل والسعودية، فكما نستورد النماذج ينبغي أن نصدّرها، وكما أننا نحتفي بالجيد من أية لغة، فينبغي أن نقدّم ما لدينا، ونصنع شخصيتنا الأدبية المحلية، فالمحلية هي السبيل إلى العالمية. ولكون وزارة الثقافة والإعلام لكل المثقفين، فإنه من المهم ألا يجتذبها تيار دون آخر، وأن ينأى الأدباء والشعراء عن جعل المعرض ميدانًا للسباق في الموضوعات المطروحة، أو الشخصيات المستقطبة، والإحساس بالانتصار الباهت حين تدعى شخصية ما، أو تبعد أخرى، لا يخدم الوحدة الوطنية؛ التي يجب أن تكون هدفًا لكل فرد في بلادنا الكبيرة، حتى نحافظ على نسيجنا الموحّد، وإن اختلفنا في المشارب والأفكار. شخصية بلادنا هي: بلاد التوحيد، ومنبع الشريعة، ورائدة الدعوة إلى الله في الآفاق، ومحط نظر المسلمين في الأرض، وبروز هذه الشخصية يجب أن يكون هو الهدف الأكبر الذي يجب أن تشترك فيه وزارة الثقافة والإعلام مع وزارة الشؤون الإسلامية، سواء بسواء، فليس ثمة فصل بين الكلمة والكلمة في بلادنا، والمعرض فرصة لنقول لكل العالم: مَن نحنُ، وماذا نريد أن نقدّم للبشرية كلها. كلي أمل في أن يُحقق المعرض نجاحًا مبهرًا، بعيدًا عن المكدرات، أو استثارة كوامن المشكلات التي تتكرر كل عام، بما يمكن أن نستبقه من قرارات راشدة، وهادئة.